جدار ترامب البيروقراطي
ترجمة: لمى عجاج
عن الايكونوميست 18/7/2019
ينظر ترامب إلى “أزمة الحدود” المكسيكية على أنها ورقة رابحة يعزّز بها حظوظه في الفوز بولايةٍ جديدة في انتخابات 2020، غير أن السياسات التي تهدف إلى تقييد إمكانية طلب اللجوء في الولايات المتحدة وعدم السرعة في معالجة طلبات المهاجرين في منافذ الدخول على طول الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك تزيد من عمق الأزمة وتعرّض حياة المهاجرين لمستوياتٍ مروّعة من العنف.
في مأوى للمهاجرين في نويفو لاريدو، وهي مدينة على الحدود المكسيكية في ولاية تاماوليباس، تكفهر وجوه المهاجرين العالقين، ويتعكّر مزاجهم بمجرد التطرّق إلى الأخبار الواردة من الولايات المتحدة حيث تتعلّق أنظارهم. ففي تموز الحالي أصدرت إدارة ترامب قراراً يقضي على نظام الولايات المتحدة للتعامل مع طالبي اللجوء، ويبدّد آمال أولئك في نويفو لاريدو وآلاف غيرهم، وبموجب القرارات الجديدة لا يمكن لأي مهاجر التقدّم بطلب للحصول على اللجوء ما لم يكن قد طلب ذلك في “دولة واحدة على الأقل”.
يصف الكثير من المهاجرين الموجودين في أمريكا من بين 688000 تمّ اعتقالهم على الحدود بين تشرين الأول 2018 وحزيران من هذا العام 18٪ منهم فقط من المكسيكيين، بينما جاء الباقي من أمريكا الوسطى وبلدان أخرى في أمريكا اللاتينية، كيف أصبح يتوجب عليهم اليوم التقدّم بطلب للحصول على اللجوء إلى المكسيك أو ربما إلى مكان آخر في أقصى الجنوب، كان هذا القرار بمثابة محاولة أخيرة من الرئيس دونالد ترامب لإبعاد المهاجرين عن البلاد وصار العنوان الرئيسي بعد الإلغاء المفاجئ الذي جاء في اللحظة الأخيرة لزيارة كانت مقرّرة للبيت الأبيض من قبل رئيس غواتيمالا جيمي موراليس، كان من المتوقع أن يبرم فيها مع الرئيس ترامب “اتفاقية دولة ثالثة آمنة” والتي كانت ستسمح للولايات المتحدة برفض منح حق اللجوء لأي شخص مرّ عبر غواتيمالا من بلدان أخرى، لكن الصفقة انهارت ربما لأن المحكمة الدستورية في غواتيمالا لم تصدر أي قرار بشأن الطعون القانونية التي تسمح للرئيس موراليس الاستجابة لطلبات ترامب بشأن قضايا الهجرة والأمن، لكن وحتى قبل أن يتمّ سريان مفعول القرار الجديد خضع المهاجرون في نويفو لاريدو لقرار مسبق من ترامب يطالب فيه طالبي اللجوء بالبقاء في المكسيك بينما تنظر المحاكم الأمريكية في طلباتهم، وفي حزيران وافقت حكومة المكسيك على تنفيذ هذا القرار بتعزيز قوات من الحرس الوطني المكسيكي مدعومة بعناصر من الشرطة وجهاز الهجرة على طول حدودها لتكثيف مراقبة الحدود مع الولايات المتحدة، بعد أن هدّد ترامب بفرض رسوم جمركية على الصادرات المكسيكية إذا فشلت في وقف تدفق المهاجرين.
استمرت الإدارات الأمريكية المتعاقبة في سياسة ترحيل المهاجرين غير الشرعيين مع تحديد أولويات من يتمّ ترحيلهم، لكن إدارة ترامب عملت على تضييق مفهومها لما يعنيه حق اللجوء، وفي الوقت نفسه عملت على نقل مسؤولية رعاية ملتمسي اللجوء إلى بلدان أخرى للحكم في قضاياهم، وشدّدت المعايير التي بموجبها يمكن لضحايا عنف العصابات أو سوء المعاملة المنزلية أن يزعموا أنهم يعانون من “الاضطهاد”، مما جعل وضع المهاجرين أكثر غموضاً من أي وقتٍ مضى، واليوم يعيد ترامب تعهداته لحملته الانتخابية الجديدة لفترةٍ رئاسيةٍ ثانية بإنهاء الهجرة غير الشرعية والتهديد بترحيل الملايين من المهاجرين غير الشرعيين!.