دراساتصحيفة البعث

هل وصلت الرسالة؟

ترجمة: هيفاء علي

عن موقع ريزو انترناسيونال 21/7/2019

احتجاز ناقلات النفط البريطانية في مضيق هرمز هو إشارة إلى أن صبر إيران قد نفد، بسبب مناورات أوروبا لأكثر من عام بعد انسحاب الولايات المتحدة الأحادي الجانب من الاتفاق النووي.

قبل أيار، كانت إيران ملتزمة للغاية بالاتفاق النووي متّبعة سياسة ضبط النفس، على الرغم من العقوبات الأمريكية واستيائها من عجز أوروبا بالتعويض عن الخسائر التي سبّبتها هذه العقوبات. ولمدة عام، لم تفعل طهران شيئاً وامتثلت للاتفاقية النووية بحذافيرها على أمل أن يجد الأوروبيون شكلًا من الآليات من شأنها أن تسمح لإيران بالتحايل على العقوبات الأمريكية. ومن خلال حرصها التام على الالتزام بالاتفاق لأطول وقت ممكن، ترغب إيران في إرسال إشارة واضحة إلى المملكة المتحدة وإلى الأمريكيين بالتحديد بأن طهران لديها الوسائل والقوة للردّ على الضغط والعدوان.

يمكن للولايات المتحدة أن تحرّك قوتها العسكرية في الخليج العربي، لكنها ربما لا تتطلع إلى حرب كبرى مع إيران، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية. هذا جزئياً، لأن إيران وعدت الولايات المتحدة بأنها لن تكون حرباً قصيرة ولن تخرج منتصرةً منها. إن ما يبحث عنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هو هجوم سريع على إيران، لكن إيران ضمنت بكل الوسائل ألا تكون حرباً قصيرة وسريعة إذا هاجم الأمريكيون البلاد. حتى وإن فكرت الولايات المتحدة في حملة عسكرية طويلة ضد إيران، فسوف ترى إيران تهاجم قواعدها ومصالحها العسكرية في المنطقة، وعندها سيدفع ترامب الثمن غالياً قد يكلفه عدم إعادة انتخابه.

استولت إيران على سفينتين مملوكتين لبريطانيا في مضيق هرمز يوم الجمعة، وقد تمّ إطلاق واحدة منهما منذ تلقيها على ما يبدو تحذيرات بشأن قضايا السلامة والبيئة، وما زالت السفينة الأخرى، ستينا إمبيرو،  محتجزة لدى السلطات الإيرانية بعد اتهامها بارتكاب انتهاكات بحرية. وقالت إيران إن الناقلة أغلقت جهاز التعقب وتجاهلت التحذيرات. شجبت المملكة المتحدة الحادث ووصفته بأنه “غير مقبول”، لكنها قالت إنها تأمل في حلّه عن طريق الدبلوماسية، مع العلم أنه كان لديها خيار وقف الأزمة بإطلاق سراح ناقلة النفط الإيرانية التي احتجزتها مؤخراً.

قال كيفن أفراسيابي، المستشار السابق لفريق التفاوض النووي الإيراني لقناة روسيا اليوم، إنه من المؤكد أن السفن اخُتطفت رداً على سلوك المملكة المتحدة، ويعتقد أنه كان من الممكن أن تتجنّب الحكومة البريطانية بسهولة إشعال الجمود مع إيران لو أطلقت سراح الناقلة الإيرانية التي استولت عليها قبل أسبوعين  من دون أي سبب. وبدلاً من وضع حدّ للأزمة، قرّرت المملكة المتحدة إرضاء دعاة الحرب في واشنطن بالإسهام في فرض حظر غير قانوني على النفط مفروضاً من جانب الولايات المتحدة على إيران وعسكرة الخليج.

في وقت سابق من هذا الأسبوع، تمّ الكشف عن أن سفينة حربية بريطانية كبرى ثالثة ستتوجه إلى الخليج العربي في منتصف أيلول. المملكة المتحدة لديها بالفعل سفينة حربية متمركزة بشكل دائم في الممر المائي، وهناك سفينة أخرى تتجه حالياً إلى الخليج لمواجهتها.

تعتقد لندن أن بإمكانها أن تنتهك حقوق دول العالم الثالث دون عقاب وتتوقع أن يستلقي الطرف الآخر ويستسلم للموت، لكن هذا لن يحدث مع إيران، إذا تراجعت لندن وأطلقت سراح الناقلة النفطية، ستفعل إيران الشيء نفسه وتحرّر الناقلة البريطانية.