دراساتصحيفة البعث

غطرسة ما قبل السقوط

ترجمة: سمر سامي السمارة

عن موقع سبوتنيك 20/7/2019

تعمي الغطرسة الشديدة الأشخاص المتكبرين عن حدود قوتهم، لذلك تجدهم يمضون بشكل أعمى دون إدراك لحدود سلطتهم، ما يؤدي إلى نتائج كارثية، ولعلّ أفضل مثال على هذا النوع من الغطرسة المجنونة هو ما تقوم به الولايات المتحدة وبريطانيا من تصعيد للتوترات مع إيران.

تزعم بريطانيا أن احتجاز إيران لسفينة بريطانية غير قانوني وينتهك “حرية الملاحة”، بينما تؤكد إيران أن احتجازها السفينة أتى بعد انتهاك قوانين السلامة للمرور عبر مضيق هرمز الضيق.

أصبح واضحاً أن ردّ الفعل البريطاني الرسمي ينمّ عن نفاق صريح، فهي تحتجز ناقلة نفط إيرانية في جبل طارق بعد أن استولت عليها قوات المارينز الملكية في الرابع من  تموز بحجة نقلها النفط إلى سورية.

انتقدت إيران ذلك الاستيلاء البريطاني كونه “قرصنة” ويعارض مشروعية دوافع بريطانيا، فهناك أسباب وجيهة للاعتقاد بأن تصرفات بريطانيا كانت تتمّ بالتنسيق مع واشنطن للتصعيد مع إيران عمداً.

الواقع يقول إذا طبق البريطانيون “القوانين” على انتهاكات الشحن المزعومة من قبل إيران، فإن طهران لها كل الحق في أن تفعل الشيء نفسه على السفن البريطانية المشتبه بها في أو بالقرب من مياهها الإقليمية في الخليج.

لا تتعدى اتهامات واشنطن ولندن لإيران “بتصعيد” التوترات سوى أنها انعكاس سخيف للواقع، وقد طلب وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف هذا الأسبوع من الولايات المتحدة دخول مفاوضات لحلّ الأزمة،  فواشنطن هي من خلقت هذه التداعيات الخطرة بسبب خرقها للاتفاق النووي الدولي مع إيران، إضافة لفرض ترامب عقوبات مشدّدة على طهران.

في شهر أيار غيّرت إدارة ترامب مسارها منتهجة سياسة  لا يمكن اعتبارها سوى عدوان عسكري، وذلك بإرسالها سفناً حربية وقاذفات نووية من طراز B-52 إلى الخليج. وقد وقعت خلال الشهرين الماضيين سلسلة من حوادث التخريب ضد السفن، رأت إيران أن من ينظم هذه الحوادث قوات خبيثة  تهدف لتجريم طهران، وبالطبع يتلاءم الاستيلاء على ناقلة النفط الإيرانية قبالة جبل طارق ضمن النمط المتبع ذاته من الاستفزاز المتعمّد.

صحيح أن واشنطن ولندن ذكرتا علناً أنهما لا تريدان حرباً مع إيران، لكن كافة الأدلة تشير إلى استعدادهما لشنّ حرب. ربما كانوا يتوقعون أن عرض القوة العسكرية والتفاخر بها سيكون كافياً لإحراج إيران وجعلها تستجدي الرحمة، هذا باختصار هو الإرهاب الدولي، لكن إيران ليست البلد الذي يدع الآخرين يجرونه إلى الحرب، وتقول طهران إن الولايات المتحدة وبريطانيا قد تبدآن الحرب، لكن إيران هي التي “ستنهيها”. ومما لا شك فيه أن الدفاعات العسكرية الإيرانية جبارة ويمكن لصواريخها  أن ترسل السفن الحربية الأمريكية والبريطانية إلى مقابر مائية.

كما أننا في منطقة جيوسياسية في حالة تأهب قصوى، حيث يمكن أن ينفجر الصراع العسكري  ويتحوّل إلى حرب إقليمية وحتى حرب عالمية. ومع تعرّض الأمريكيين والبولدوغ البريطاني لمزيد من الأذى، فإن ما يثير القلق حقاً هو أن غطرستهم الشديدة ستأخذهم لاستخدام الأسلحة النووية لتفادي الكوارث التي تسبّبت بها. لذلك يمكن للغطرسة قبل السقوط  أن تنطوي على الأنظمة الأمريكية والبريطانية الفاسدة، لكن من المرعب التفكير في الكمّ الذي سوف يحصده هذا السقوط من أرواح الأبرياء. لذا يجب أن تتوقف البلطجة الأمريكية والبريطانية تجاه إيران وباقي دول العالم، فلم يعد باستطاعة العالم تحمّل الفوضى الشديدة.