تحقيقاتصحيفة البعث

استنفار على جبهة التسويق الزراعي

 

يشكّل الاعتماد على كلمات المواساة والمشاركة في العويل والنحيب لتضميد وقائع مؤلمة في حياة الفلاح نهجاً للكثير من الجهات المعنية بالقطاع الزراعي الفلاحي التي لا تمد يد العون للفلاح، أو تتباطأ في ذلك بشكل يؤخر تنفيذ سلسلة من الإجراءات التي تحقق دعماً حقيقياً وفعلياً يشمل كامل الدورة الزراعية، وهذه العلاقة التذبذبية أدت إلى تراكم قضايا عديدة تحتاج إلى حلول جذرية وفاعلة في حياة الفلاح الذي يتطلع إلى الأيام القادمة من بوابة الاستجابة لمطالبه التي تحتاج إلى عمل جماعي وتنسيق بين الاتحاد العام للفلاحين ووزارة الزراعة وجهات أخرى لها علاقة بالعملية الزراعية، وتسويق المنتجات داخلياً وخارجياً، خاصة أنه خلال السنوات الماضية كانت هناك ثغرة واضحة في هذا المجال، والغريب أن راسم الخطط الزراعية تجاهل أو لنقل إنه لم يفطن لذلك، وبقيت الحلقة المفقودة مصدراً للمنغصات والهموم التي وأدت آمال الفلاح وأحلامه تحت أنقاض الوعود المتراكمة في الأدراج.
لا شك أن الموضوعية وواقع حال الفلاح والزراعة بشكل عام يقتضيان البدء بمرحلة جديدة من العمل، خاصة أن الشواهد الحية تتوالى على ذلك النزيف الزراعي الدائم بندوبه المختلفة، وتداعياته الاقتصادية وخسائره، سواء في ملف التصنيع الزراعي، أو فيما يخص الإنتاج والتسويق، وغيرها من القضايا الزراعية: (الحمضيات، والأقطان، والأقماح، والشوندر، والأبقار المستوردة) التي أبقت الفلاح وراء قضبان القروض والخسائر المتلاحقة وبشكل استنزفت معه مصادر رزقه وتمويله، ويعود السبب في ذلك إلى عدم تبني سياسة تسويقية ناجحة يمكن أن تسهم في إنقاذ تعب الفلاح من الضياع، بحيث يجني في نهاية موسمه ما يغنيه عن الحاجة والعوز، ويكفيه ليبقى متمسكاً بأرضه، منتجاً لمقومات الصمود.
إن الواقع المعيشي للفلاح يفرض حالة من الاستنفار والعمل الاستثنائي على الجبهة الزراعية، بحيث تحشد كامل الطاقات في مسار مضاعفة الإنتاج بشتى الطرق والوسائل المدرجة ضمن استراتيجية عمل تضمن التسويق للمنتجات الزراعية، ووضعها موضع التنفيذ كاستراتيجية عمل إنتاجي جماعي قادرة على زج الجميع في معركة الإنتاج الزراعي، وتجاوز التحديات بمختلف أشكالها ضمن نهج الاقتصاد الزراعي الذي يمكن من خلاله استثمار كل شبر من الأرض ليكون من مولدات الإنتاج التي تضيف لبنة جديدة إلى مقومات الإعمار، كما أن ضعف الحلقات التسويقية المختلفة وعدم وجود مؤسسات وشركات تسويقية رائدة حال دون تحقيق عائدات اقتصادية مجزية للفلاح الذي تلاحقه الديون والخسائر، هذا عدا عن المخاطر المرتبطة بالتغييرات المناخية في ظل غياب التأمين الزراعي.
Basherf72@gmail.com