معرض دمشق الدولي يؤكد قوة سورية سياسياً واقتصادياً
تحديات كبيرة واجهتها سورية عبر تاريخها الطويل، ولكنها اجتازتها جميعا بانتصار وفخار، وها هي ذي تجتاز تحديات السنوات الأخيرة الأشرس، بفخار أنضر وانتصار أكبر، على أعدائها اللئام في الداخل والخارج، الذين يعترفون بالتتابع بهزائمهم، تأكيداً لمقولة الرئيس بشار الأسد “من يريد أن يعزل سورية يعزل نفسه”، ومن يهدد سورية بالعقوبات ظناً منه أنه يستطيع إفقارها أو ثنيها عن نهج المقاومة، يتملكه الجهل والغباء، فقد خاب ظن أعدائها اللئام الذين ما تركوا مكيدة إلا وكادوها، فنجاح الحكومة في تجديد انعقاد المعرض هذا العام، وبهذا الحجم الكبير، رغم الظروف الصعبة ورغم الحصار الجائر والعقوبات المفروضة على سورية، ورغم التهديدات الأمريكية بفرض العقوبات على الإفراد والشركات الأجنبية، التي تنوي إبرام عقود مع سورية من خلال المعرض، يشكل تحدياً كبيراً لخصومنا الألداء، ويؤكد مقولة الله حامي سورية وناصرها؛ لأنها على حق وناصرة له، وستبقى دمشق قلب العروبة – بل قلب العالم – النابض سياسياً واقتصادياً.
إن انعقاد معرض دمشق الدولي في هذا العام بالشكل الموسع بمساحة /100000 متر مربع/ – وهي المساحة الأكبر منذ انعقاده الأول عام / 1954/ وبمشاركة /1700/ شركة عالمية، من /38/ دولة عربية وأجنبية، دليل كبير على قوة سورية الإقليمية والعربية والدولية، سياسياً واقتصادياً؛ ما يؤكد الاتجاه الكبير نحو عودة العلاقات مع دول العالم وبمبادرة منها بالذات، ما يؤمّل بأن مرحلة إعادة الإعمار قد بدأت، والمواطن السوري هو البوصلة من خلال صموده واستعادة تنشيط دوره الاقتصادي الإنتاجي زراعياً وصناعياً، وهو الذي سيهزم الحرب الاقتصادية المعادية التي تستهدفنا شعباً وأرضاً، هذه الحرب التي هي الشكل الجديد لاستهداف الدولة والشعب، ومن المؤكد أن حضور المئات من شركاتنا الإنتاجية /العامة والخاصة/ في هذا المعرض، سيمكن من التعريف بمنتجاتنا، والترويج لتسويق المزيد منها إلى بلدان العالم، وسيؤسس ذلك للمزيد من الإنتاج الوطني المطلوب، الذي سيضمن تشغيل المزيد من الأيدي العاملة الوطنية التي تبحث عن عمل. كما سيؤسس المعرض لتعارف الفعاليات الاقتصادية المحلية والدولية مع بعضها على أرض وطننا الحبيب، قلب العالم وملتقى القارات؛ ما يدفع باتجاه تجذير علاقاتها الاقتصادية بما يفيد زيادة الإنتاج كمياً ونوعياً، ويدعم فرص التسويق المتبادل للسلع الإنتاجية والوسيطة والاستهلاكية. فالمعارض الدولية كانت وما زالت تشكل ملتقيات اقتصادية عالمية، توفر التعرف على منتجات الآخر، وتمنح الفرص للمزيد من العقود التجارية والاستثمارية.
إن انعقاد معرض دمشق الدولي – وهو الأقدم والأعرق والأكبر في الشرق العربي – هذا العام، وبهذا الحجم الكبير، بعد دورتين متتاليتين سابقتين – إثر توقفه بعض السنوات بسبب الحرب الإرهابية على بلدنا – يشكل تظاهرة اقتصادية عالمية من قلب دمشق، تقدم أنموذجاً من نماذج الصمود في وجه أعتى إرهاب، تكالب على تنفيذه ضد بلدنا، كم كبير من أشرس الأعداء، الذين يتهاووا الواحد تلو الآخر، أذلاء صاغرين، ولم تفلح ربيبتهم الامبريالية الأمريكية، بثني عشرات الشركات العالمية، عن المشاركة في هذا المعرض، دون أدنى انصياع للتهديدات التي تلقتها من إدارة ترامب الرعناء، فحجم المشاركات الدولية ازدادت ضاربة عرض الحائط بالتهديدات المعادية، وهذا نجاح سياسي واقتصادي إضافي للقطر، يؤسس لكسر الحصار المعمول له ضدنا، وسيرفع من سوية التعاون بيننا وبين الدول الصديقة في مرحلة إعادة الإعمار وما بعدها.
إن تجديد افتتاح المعرض قبل ثلاث سنوات، رغم وجود الإرهاب جاثماً على مقربة منه، يؤكد الثقة الوطنية الكبرى قيادة وشعباً بأن جيشنا وشعبنا سيهزم الخصوم، وأن النصر قادم لا محالة؛ ما يوجب التحضير المتعدد الأوجه لمرحلة إعادة الإعمار، والذي يشكل المعرض أحد أبوابها، فمن خلاله سيتم التعرف على الدول والشركات الصديقة الراغبة بالمساهمة في حركة الإعمار الاقتصادي وإقامة الاستثمارات في سورية بكافة المجالات، كما سيتيح الفرصة أمام جميع المشاركين لتوقيع المزيد من العقود، أكان ذلك بين الدول أو الشركات، أو رجال الأعمال. وما يهمنا بالدرجة الأولى، هو تلك العقود التي سيتم توقيعها مع الدول والشركات الصديقة التي سيكون لها دور بارز في إعادة الإعمار المنشود؛ ما يؤسس لمرحلة جديدة من الحركة والنشاط الاقتصادي في جميع القطاعات، والذي سينعكس إيجاباً على الحالة الاقتصادية العامة في البلد، وسيسهم في رفع معدلات النمو في جميع المجالات، خاصة حال كان ذلك متواكباً مع المزيد من الإصلاح الإداري والاقتصادي، والتضييق على مرتكبي الفساد وكبح جماحهم.
عبد اللطيف عباس شعبان
عضو جمعية العلوم الاقتصادية السورية