الصفحة الاولىصحيفة البعث

ميليشيا “قسد” تستولي بالقوة على منازل المواطنين في ريف الحسكة

أدخلت منظمة الهلال الأحمر العربي السوري، بالتعاون مع الأمم المتحدة، قافلة مساعدات إنسانية إلى مخيم الركبان بمنطقة التنف على الحدود السورية الأردنية، حيث تنتشر قوات احتلال أمريكية ومجموعات إرهابية تابعة لها تعرقل عملية إنهاء المأساة الإنسانية في المخيم، فيما باتت الممارسات القمعية وعمليات الاعتقال والخطف ووضع اليد على المنازل العائدة للمواطنين بحجج واهية نهجاً معتاداً لميليشيا “قسد”، المنفلتة من كل الضوابط الأخلاقية والإنسانية، والساعية إلى إخضاع سكان المنطقة الشرقية قسراً وبالسلاح للالتزام بأجنداتها المعادية للسوريين.

يأتي ذلك فيما جدّد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف تأكيد بلاده على ضرورة بذل الجهود للقضاء على الإرهاب في سورية، وحل الأزمة فيها وفق القرار الأممي 2254، وتسهيل عودة المهجرين إلى بلدهم، فيما أكد يارومير شلاباتا، رئيس معهد العلاقات الدولية التشيكوسلوفاكي، أن الإجراءات الاقتصادية القسرية أحادية الجانب، التي تفرضها الولايات المتحدة وبعض حلفائها على سورية، تشكّل انتهاكاً فاضحاً للقانون الدولي، وتهدّد السلام والاستقرار في المنطقة، وتخدم الإرهابيين، وتعيق جهود إيجاد حل سياسي للأزمة في سورية.

وفي التفاصيل، أقدمت عناصر من ميليشيا “قسد”، المدعومة من قوات الاحتلال الأمريكي، على اختطاف ياسر السالم، عضو اللجنة الفنية لرياضة بناء الأجسام وألعاب القوة في اتحاد رياضة الحسكة، ومدرسين اثنين بعد اقتحام منازلهم في مدينة الحسكة، وذلك في إطار الاعتداءات اليومية التي تقدم عليها هذه الميليشيا ضد المدنيين في المناطق التي تنتشر فيها في الجزيرة السورية.

وأشارت مصادر أهلية في المدينة إلى أن عملية اختطاف السالم، الحائز لقب بطولة الجمهورية في بناء الاجسام، جاءت بعد يوم واحد من بطولة المحافظة لبناء الأجسام التي نظّمتها اللجنة الفنية للعبة، حيث اقتحم عدد من عناصر “قسد” منزله الكائن جانب مدرسة الأمل وسط مدينة الحسكة واقتادته إلى جهة مجهولة، فيما أقدمت على اختطاف المدرسين من مكان إقامتهما في حي غويران.

وفي إطار تلك الممارسات أكدت مصادر أهلية في ريف الحسكة الجنوبي أن ما يسمى “بلديات الشعب”، التابعة لوحدات الحماية الكردية، وهي فصيل رئيس من ميليشيا “قسد”، استولت على عدد من المنازل غير المأهولة العائدة للمواطنين، وأسكنت فيها أسر عناصرها، الذين استقدمتهم من المناطق الشمالية على الشريط الحدودي مع تركيا، في إطار خضوعها وتنفيذها شروط ما يسمى “المنطقة الآمنة”، التي اتفقت على إنشائها تركيا والولايات المتحدة الأمريكية المحتلتان لأراض سورية.

وفي السياق ذاته لفتت المصادر إلى أن عمليات الاعتقال التي تنفذها الميليشيا بحق المواطنين، وخاصة الشباب مستمرة، حيث اقتادت 10 شباب من مدينة الحسكة إلى معسكرات ما يسمى واجب الدفاع الذاتي، الذي تفرضه الميليشيات على أبناء المناطق التي تنتشر فيها.

ولا تقتصر تلك الممارسات على الأهالي ضمن المناطق السكنية، بل تعدّتها إلى مخيم الهول شرق مدينة الحسكة، الذي أرادت منه ميليشيا “قسد” أن يكون أشبه بمعتقلات تحاكي ما فعلته قوات الاحتلال الأمريكية التي ترعاها وتدعمها في جميع المناطق التي احتلتها عبر تاريخها الاستعماري، حيث يعاني المخيم من انعدام شروط الحياة الطبيعية، ناهيك عن عمليات معاقبة من يعترض على ممارساتها، والتي تصل إلى حد القتل أحياناً.

وأفادت مصادر أهلية من المخيم بوفاة شخص جراء تعرضه لضرب بأداة حادة على رأسه أثناء نومه في خيمته في مخيم الهول، وذلك بعد أيام على مشاركته بمظاهرة خرجت للتنديد بممارسات الميليشيا واحتجاجاً على سوء الأوضاع داخل المخيم.

ويقطن نحو 74 ألف شخص في مخيم الهول هربوا من اعتداءات تنظيم “داعش” الإرهابي على مناطقهم، وتسيطر عليه ميليشيا “قسد”، وهو يعاني من الفوضى والفلتان الأمني والنقص الحاد في الخدمات الأساسية، وخاصة الطبية، حيث تمّ تسجيل الكثير من الأمراض والأوبئة، وكذلك وفاة 25 طفلاً جراء سوء التغذية.

بالتوازي، أدخلت منظمة الهلال الأحمر العربي السوري، بالتعاون مع الأمم المتحدة، قافلة مساعدات إنسانية إلى مخيم الركبان بمنطقة التنف، وذكرت في بيان أن القافلة تتكوّن من 22 شاحنة محمّلة بالمواد الإغاثية الغذائية، تضم 3100 سلة غذائية، ومثلها أكياس طحين 50 كغ، وكميات من بسكويت تمر عالي الطاقة، وزبدة فستق وقائية، وأشارت إلى أنه من المتوقّع “أن تستمر الاستجابة 7 أيام سيتمكن 187 متطوعاً في الهلال الأحمر و22 موظفاً من الأمم المتحدة خلالها من توزيع هذه المساعدات على آلاف العائلات الموجودة في المخيم لتأتي هذه الخطوة تمهيداً لتسهيل خروج العائلات الراغبة بمغادرة المخيم إلى مراكز الإقامة المؤقتة”.

يذكر أن سبعة أشهر مضت منذ إدخال قافلة المساعدات الإنسانية الأخيرة للركبان، فيما تبذل الحكومة جهوداً حثيثة لتسهيل الخروج الطوعي للأهالي الراغبين بالعودة إلى أماكن سكنهم الأصلية، ولإدخال المزيد من المساعدات إلى المخيم الحدودي، الذي يعيش قاطنوه ظروفاً إنسانية صعبة.

سياسياً، جدّد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف تأكيد بلاده على ضرورة بذل الجهود للقضاء على الإرهاب في سورية وحل الأزمة فيها وفق القرار الأممي 2254 وتسهيل عودة المهجرين إلى بلدهم، وقال، خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الفرنسي جان إيف لودريان في موسكو أمس: “اتفقنا على ضرورة مواصلة مكافحة الإرهاب في سورية، والتقدّم في حل الأزمة فيها وفقاً للقرار 2254 لمجلس الأمن، وتسهيل عودة المهجرين السوريين إلى بلدهم”.

ويؤكّد القرار الأممي 2254 الذي صدر في كانون الأول 2015 أن السوريين هم من يحددون مستقبل بلدهم بأنفسهم دون أي تدخل خارجي وأن التنظيمات الإرهابية خارج أي عملية سياسية.

وفي السياق نفسه، أكد يارومير شلاباتا، رئيس معهد العلاقات الدولية التشيكوسلوفاكي، أن الإجراءات الاقتصادية القسرية أحادية الجانب التي تفرضها الولايات المتحدة وبعض حلفائها على سورية تشكّل انتهاكاً فاضحاً للقانون الدولي، وتهدّد السلام والاستقرار في المنطقة، وتخدم الإرهابيين، وتعيق جهود إيجاد حل سياسي للأزمة في سورية، مبيناً أن السياسات الخاطئة للولايات المتحدة ودول غربية وإقليمية هي السبب الرئيسي في الأزمة في سورية وإطالة أمدها وتهجير مواطنيها، وأكد أن أي وجود عسكري أجنبي على الأراضي السورية دون موافقة أو طلب الدولة السورية غير قانوني، ويمثّل اعتداء على السيادة السورية.