زواياصحيفة البعثمحليات

مافيات السوق

هناك إجماع على أن الواقع التمويني والمعيشي في حلب تحديداً، يزداد ويتفاقم سوءاً، وهذا ليس جديداً، وربما ليس ضمن أجندة وأولويات المعنيين حتى الآن التدخل لضبط إيقاع الأسواق وإزاحة الغم عن أنفاس المواطنين الذين يعيشون بين مطرقة الأسعار الملتهبة وسندان القرارات الرخوة وغير المجدية، والتي ساعدت في اتساع مساحة الجشع والاحتكار والاستغلال والابتزاز من قبل مافيات السوق وتجار ومرتزقة الأزمات الذين امتهنوا وبحرفية عالية التلاعب والتحكم بقوت المواطن، الذي ما زال الحلقة الأضعف ضمن هذه المعادلة شديدة التعقيد.

وبعبارة أوضح وأدق يمكن القول إن آليات التعاطي غير المسؤول مع هذا الملف بات مقلقاً للغاية، خاصة أن مفاعيله وارتداداته بدأت تنعكس سلباً وبوضوح على المشهد الحياتي اليومي وعلى واقع الأسرة المتهالك، والمطلوب منها قسراً أن توازن بين دخلها المحدود والمتواضع وبين متطلباتها واحتياجاتها المتزايدة، وهي معادلة بات من الصعب فك رموزها في ضوء تدني معدلات الرواتب والأجور، وتراجع منسوب العمل والإنتاج، والمتزامن مع اختلاق وافتعال الأزمات الاقتصادية والمعيشية وتأثيراتها المباشرة على سعر الصرف والقيمة الشرائية لليرة السورية.

وإذا اتفقنا أن لقمة العيش خط أحمر وفي سلم أولويات العمل الحكومي ووزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك على وجه الخصوص، يحق للمواطن أن يتساءل عن مصيره المجهول في ظل هذه الحمى القاتلة لهذا الانتشار والتنامي العمودي والأفقي للمتحكمين والمضاربين من تجار الخارج وتجار الداخل الأخطر على اقتصادنا ولقمتنا.

وبالتأكيد هذا الخوف والقلق الكامن في نفوس ذوي الدخل المحدود والمتوسط له مبرراته وأسبابه، خاصة أنهم فقدوا الثقة في مجمل ما اتخذ من إجراءات وتدابير لجهة التشدد في مراقبة الأسواق وضبط الأسعار وفرض العقوبات بحق مرتكبي المخالفات، وغيرها من الإجراءات الناظمة، والتي لم تمنع كبار وصغار التجار من الاحتكار والاستغلال والتحكم بلقمة العيش دون رحمة أو شفقة، وهو ما يحدث في أسواق حلب وعلى مرأى الجميع وعلى عينك يا تاجر، وبغطاء من بعض المستفيدين والمنتفعين في الدوائر المختصة والمعنية، ما يرسم الكثير من علامات الاستفهام حول جدية الإجراءات والحلول المطروحة لحلحلة هذا الملف الذي يعج بالفساد والمفسدين.

معن الغادري