مشاركة إيرانية واسعة في معرض الكتاب
تشارك وزارة الثقافة والإرشاد في إيران لأول مرة في معرض الكتاب، ويأسف مدير الجناح حسين سفري المدير التنفيذي لمعرض طهران الدولي لهذا التأخر في المشاركة، مبيناً أن إيران كانت دوماً حريصة على الحضور في كل دورات المعرض من خلال المستشارية الثقافية الإيرانية.
ويسعده أن وزارة الثقافة في الدورة الحالية لها جناح مستقل، واعداً أن المشاركة في السنة القادمة ستكون بأكبر عدد من دور النشر، منوهاً إلى أنها فرصة أيضاً لدعوة دور النشر السورية للمشاركة في معرض طهران الدولي الذي سيقام بعد أشهر. ولاختبار ذائقة السوريين والوقوف على ماذا يحبون أكد سفري أن الوزارة كانت حريصة على أن يضم الجناح مختلف أنوع الكتب من أدب مقاومة وكتب ثقافية وتربوية واجتماعية وفنية.
معرض طهران
وعن واقع الكتاب في إيران أشار سفري إلى أن المؤشرات تؤكد من خلال معرض طهران الدولي ارتفاع وازدياد الإقبال على الكتاب في الدورة الأخيرة مقارنة مع الدورات السابقة، حيث كان الإقبال على معرض الكتاب بزيادة 20% وقد شارك فيه أكثر من 3200 دار نشر من جميع أنحاء العالم، وزاره نحو 4 ملايين شخص، وقُدرت المبيعات بـ 99 مليون تومان، مشيراً إلى أنه وفي كل دورة من دورات المعرض تتم دعوة بلد من البلدان كضيف شرف مميز يقام له برنامج خاص، ومن المتوقع أن تكون سورية ضيفة الدورة القادمة منه.
خطوط حمراء
وعن أثر الحصار المفروض على إيران وعلى واقع النشر والكتاب أوضح سفري أن الحصار على إيران ليس بجديد، فهي تعاني منه منذ أربعين عاماً، وقد عرف الإيرانيون كيف يجتازونه، والدولة تساعد دور النشر في تجاوز أزمة الورق، ولزيادة نسبة المبيعات والتشجيع على القراءة وشراء الكتاب تقوم الدولة ببيع الكتاب للطلاب والأساتذة والمثقفين بحسومات عالية، لهذا يشهد معرض طهران للكتاب إقبالاً شديداً على الشراء، منوهاً سفري إلى أن وزارة الثقافة تسمح بإصدار الكتب ضمن معايير معينة ووفقاً لكل دار نشر، والحكومة تساعد هذه الدور على الطباعة والنشر، ولا يخفي أنه وكما في كل دول العالم هناك خطوط حمراء بالنسبة لنشر الكتب لا يُسمَح بتجاوزها، فإيران لا تسمح بطباعة الكتب التي تدعو الناس للانحراف الثقافي أو الاجتماعي، موضحاً أن وزارة الثقافة تضم أقساماً وإدارات، منها إدارة خاصة بالكتاب تضم أشخاصاً يقرؤون الكتاب ويقيّمونه.
تعزيز مفهوم المقاومة
أما رئيس مجمع الناشرين -الدفاع المقدس- علي ناظري فقد وجَّه تحية حب إلى الشعب السوري المقاوم وللشهداء الأبرار وكل من دافع عن سورية ضد الإرهابيين، مبيناً أنه تم تأسيس المجمع دفاعاً عن التضحيات وتوثيقها، وهو يضم 150 دار نشر تعمل على تعزيز مفهوم المقاومة، حيث تقوم بتوثيق حياة وقصص الشهداء وتاريخ أدب المقاومة حفاظاً على هذه الثقافة ضمن كتب يصدرها المجمع الذي تأسس منذ عشر سنوات، ويسعده أنه جاء إلى سورية للتعرف على دور النشر التي تعمل على توثيق مسيرة الشهداء السوريين الأبرار لنقل تجربة المجمع إليهم في نشر القصص التي تحكي عن الشهداء وحياتهم، ليكونوا نموذجاً يحتذى بهم في التضحية وبذل الدماء في الدفاع عن الوطن، داعياً السوريين الذين يعملون في مجال النشر والطبع إلى أن يعرّفوا الشعب على من ضحى بنفسه من أجلهم من خلال نشر الكتب التي توثق حكاياتهم وبطولاتهم، مبيناً أن هذه النوعية من الكتب تلقى رواجاً كبيراً في إيران وفق إحصائيات تؤكد حجم المبيعات الكبير لها إلى درجة أن بعض الكتب التي تختص بالمقاومة تطبع أكثر من 25 مرة، وهي كتب تخضع لتقييم من قبل مختصين لإقرارها، مشيراً إلى أن الحكومة الإيرانية تدعم المجمع وفق قوانين سُنَّت من أجل تسهيل عمليات الطباعة والنشر والتوزيع، مؤكداً أن أزمة الورق أثّرت على دور النشر، ففي الوقت الذي كان يطبع فيه الكتاب بحدود خمسة آلاف نسخة أصبح يطبع بنحو 1000 نسخة، لذلك تسعى إيران اليوم لتجاوز هذه المشكلة لصناعة الورق محلياً، وهي قادرة على فعل ذلك، وبيّن أن المجمع سيسعى للوصول إلى كل عائلات الشهداء والمفقودين والعمل على توثيق قصصهم للتعرف على ثقافة الإيثار والتضحية وحب الوطن، ولمواكبة التطورات التكنولوجية بدأ المجمع بالتوثيق من خلال الكتب الناطقة وcd ونشرها ليستفيد منها الجميع.
ترجمة الكتب السورية
ويعبّر مزيار حاتمي- مؤسسة المعارض الثقافية – عن سعادته بالإقبال الكبير على جناح وزارة الثقافة واقتناء كتبها المترجمة للّغة العربية والتي تتحدث عن المقاومة، وهذا برأيه دليل على أن الشعب السوري يقدر تضحيات الأبطال الذين دافعوا عن بلادهم، مبيناً أن معرض الكتاب في دمشق كان فرصة للتعرف على دور النشر السورية المهتمة بتوثيق ما حصل في سورية والحصول على الكتب التي وثقت الحرب وتضحيات الشعب السوري في دفاعه عن بلده لترجمتها ونشرها في إيران.. وكصاحب دار نشر خاصة أوضح أيضاً أن مشاكل دور النشر الخاصة في ايران يتم تجاوزها وفقاً لحسن إدارتها، وهو استطاع تجاوز الكثير من المشكلات من خلال استقطاب كتّاب محترفين واختيار موضوعات مهمة تخص حياة الشهداء.
التنظيم كان ملحوظاً
واعتادت المستشارية الثقافية الإيرانية على المشاركة في دورات معرض الكتاب الدولي بدمشق، وكانت حريصة هذا العام كما بيَّن المستشار الثقافي أبو الفضل صالحي نيا على أن يضم جناحها مختلف أنواع الكتب من فنية وقصص وروايات وكتب أطفال وقواميس وكتب تعريفية بإيران باللغات الفارسية والإنكليزية والعربية، مشيراً إلى أن أكثر الكتب مبيعاً في هذه الدورة من المعرض كانت الكتب التي تعرّف بإيران، وكذلك كتب الأطفال التي تلقى إقبالاً منقطع النظير، خاصة وأنها مترجمة للّغة العربية وكذلك القواميس من اللغة العربية للّغة الفارسية وبالعكس، موضحاً صالحي نيا أن أسعار الكتب مدروسة، وهناك حسومات تبعاً لنوع الكتاب، مؤكداً أنهم لا يسعون للربح وإنما للترويج لكتبهم، مؤكداً أن التنظيم والإدارة الجيدة كان أمراً ملحوظاً في هذه الدورة مقارنة مع الدورة الماضية.
العمل الثقافي مقاومة
وأوضح صالحي نيا أنه في إيران يقام سنوياً معرض طهران الدولي وهو من أكبر معارض الكتب في العالم بعدد الرواد ودور النشر المشاركة فيه، وكذلك بعدد العناوين المعروضة والمبيعات، منوهاً إلى أن عدد العناوين المطبوعة في إيران خلال سنة واحدة يفوق عدد الكتب المنشورة في الاتحاد الأوربي وفق إحصائيات رسمية دولية، وهذا يؤكد برأيه أن سوق الكتاب والنشر في إيران نشيط ومربح على الرغم من بعض المشاكل التي تواجه الكتاب في ظل الحصار الاقتصادي المفروض على إيران، مؤكداً أن إيران مستمرة في عملها الثقافي لأن العمل الثقافي كما في سورية اليوم ليس حدثاً ثقافياً بل عملاً مقاوماً لأن المقاومة ليست فقط عملاً مسلحاً بل تشمل كل نواحي الحياة، ومن هنا تأتي أهمية معرض الكتاب الدولي في دمشق في ظل الظروف التي نعيشها، مشيراً إلى أن دور النشر الخاصة في إيران كثيرة، ولتسهيل عملها تحظى بدعم حكومي للورق ولعملية الطباعة وتوزيع وشراء الكتب من الناشرين، إلى جانب العديد من التسهيلات لاستيراد الآلات الطباعية للناشرين، وفي الوقت ذاته لا ينفي صالحي نيا أن التقنيات الحديثة أثرت نوعاً ما على حركة بيع الكتب، ولكن مع هذا وحسب ما يشهده من حركة في سوق النشر ليس في إيران فقط أن الكتاب ما زال يحظى بالاهتمام من قبل القارئ نظراً للعلاقة الحسية التي تربطه به.
وهناك أجنحة إيرانية أخرى شاركت في المعرض كما أقامت المستشارية بالتعاون مع اتحاد الكتاب العرب ومؤسسة المعارض الثقافية في إيران ومكتبة الأس فعاليات مرافقة كالأمسية الشعرية “تحية للمقاومة” التي شاركت فيها مجموعة من الشعراء من إيران وسورية ولبنان وفلسطين واليمن والعراق، إلى جانب توقيع للكتب ضمن جناح المستشارية.
أمينة عباس