اقتصادصحيفة البعث

أمطار عاصفية وتعطل المعدات في مصفاة بانياس يتسببان بتسرب نفطي إلى البحر  

دمشق – محمد زكريا

أثارت حادثة التسرب النفطي إلى البحر في مصفاة بانياس خلال الفترة الماضية مخاوف العديد من عامة الناس لما لهذا الموضوع من آثار سلبية على مناحي الحياة ولاسيما الاقتصادية والمناخية والبيئية، ورغم أن التطمينات جاءت متأخرة، وأن لا تأثيرات جانبية للحادثة سوى بأجزاء بسيطة تتعلق في الجانب البيئي فقط، لكن ما نود الإشارة إليه هو أن فخ التلوث النفطي المسرب إلى البحر في مصفاة بانياس، وبحسب ما توصل إليه المعنيون بوزارة النفط والإدارة المحلية والبيئة مفاده قلة الاحترازات المتخذة لمواجهة هذا التلوث سواء لجهة صلاحية المعدات وجاهزيتها أم لجهة مواجهة الظروف الجوية التي تتحكم في موضوع التسرب الذي يحصل بين الحين والآخر.

فريق عمل

وتشير المعلومات الواردة لـ”البعث” إلى أن وزارة الإدارة المحلية والبيئة باشرت بتشكيل فريق عمل لدراسة الظروف والأسباب التي أدت إلى التلوث النفطي المسرب إلى البحر، حيث إن هذه الحادثة وقعت بتاريخ 31 من آذار الفائت، واستمرت حتى  نهاية اليوم الأول من الشهر الرابع من العام الحالي، ونظراً لحجم وخطورة التلوث وآثاره السلبية على الوسط المحيط والبيئة البحرية، سارعت الوزارة إلى التواصل مع الجهات ذات الصلة بهدف تشكيل فريق عمل ضم ممثلين عن وزارت النفط والثروة المعدنية والنقل والإدارة المحلية والبيئة بحيث تكون مهمة الفريق مراجعة خطة الطوارئ والاستجابة للتلوث النفطي وتحديثها إن لزم الأمر، إلى جانب وضع الحلول وطرق المعالجة في حال حدوث أية مشكلة أو تلوث طارئ.

نوعية النفط

وبحسب الكتاب الصادر عن وزارة الإدارة المحلية والبيئة والذي حصلت البعث على نسخة منه فإن الأسباب التي أدت لهذا التلوث تنحصر في نوعية النفط الخام الذي تم تكريره في تلك الفترة المذكورة، والذي يحتوي على كميات كبيرة من المياه المستحلبة وصعبة الفصل، بسبب ضرب محطات المعالجة في الحقول المحررة، إلى جانب غزارة الأمطار العاصفية في تلك الفترة بشكل غير مسبوق، وأن هذا الأمر لم يحصل من السنوات الماضية على الإطلاق، موضحاً أن هذا الأمر كان يحتاج إلى التنسيق مع الأرصاد الجوية؛ وذلك للتحقق من ذلك، إضافة إلى ضعف المناورة بشكل كبير في الأحواض خصوصاً عملية التوازن، وذلك بسبب زيادة كميات الزيوت المتراكمة والغير قابلة للفصل، ويشير الكتاب إلى أن كل ذلك تزامن  مع أعطال في بعض المعدات خلال فترة التسرب النفط إلى البحر، فضلاً عن عدم القدرة الشركة بذلك التاريخ على الصيانة بسبب غزارة الأمطار في تلك الفترة، وبين الكتاب وجود خطة طوارئ دائمة في المصفاة وهي تطبق في حالات الضرورة، مع الإشارة إلى أن الجهات ذات الصلة ناقشت الموضوع في أكثر من اجتماع لها، وطالبت بضرورة اتخاذ كافة الاحتياطات والإجراءات اللازمة لمنع تكرار ذلك من خلال تشكليها لفريق عمل مكون من مركز مكافحة التلوث ومديرية الموانئ ومصفاة بانياس ووزارة الإدارة المحلية والبيئة.

الأمطار هي السبب

مدير مصفاة بانياس المهندس بسام سلامة أبدى تحفظه على ما جاء في  كتاب وزارة  الإدارة المحلية والبيئة مكتفياً بالإشارة إلى أن آثار التسرب النفطي إلى البحر في تلك الفترة بسيطة، وأن منعكساته على المكونات البيئية منها بسيط أيضاً، موضحاً أن الحادثة سببها الرئيسي هي الأمطار العاصفية  غير المسبوقة في بانياس في تلك الفترة؛ مما أدى إلى صعوبة في فصل المياه عن النفط، وأن الشركة لديها خطة طوارئ متبعة في حالات الضرورة، وأن البرنامج التطويري للشركة متوقف بسبب التكلفة العالية والتي تقدر بـ1.4 مليار دولار، ومن ضمنه مشروع جديد يقضي بجعل الشركة تعمل على الغاز بدلاً من الفيول الذي له تأثير بيئي محدود و قليل.

آثار سلبية

مصدر فني من داخل المصفاة أشار بوضوح إلى أن المصفاة تتبع بعض الإجراءات لتخفيف التلوث، إلا أن الآثار السلبية لعمليات التكرير لا تزال واضحة على البيئة المحيطة، موضحاً أن مصادر التلوث في المصفاة والناتجة عن عمليات التكرير تنحصر في  المراجل والأفران والشعلة والمياه الحامضية والضجيج في المصفاة والإضافات الكيميائية. وبحسب المصدر فإن التعامل مع التلوث في البيئة البحرية يكون باستخدام المشتتات فقط لتفريق تسرب النفط المستمر من حقل نفط أو منصة نفط، وأنه من غير المعروف ما إذا كانت الميكروبات تبقى حول المشتتات أم لا، وذلك بسبب المساحة الشاسعة للمحيطات، ومع ذلك فإنه من الواضح أن مجموعات النفط والمشتتات تتبع المد والجزر وتركب الأمواج، وتغرق في البحر، وتناول الأسماك أو تقتل الشعاب المرجانية أو مناطق زراعة السموم، والنتيجة هي عواقب وخيمة.

لا داعي للقلق

عضو الهيئة التدريسية في جامعة تشرين الأستاذ الدكتور عبد الهادي الرفاعي أكد أن حالة التسرب النفطي التي حصلت لا تدعو إلى القلق وآثارها بسيطة، وأنه يمكن تجنب آثارها من خلال التخفيف من الانبعاثات، موضحاً أن الخلل يكمن أيضاً في تأكل الخزانات والصدأ الموجود بداخلها، وهي بحاجة ماسة إلى الترميم والتجديد من خلال وضع عمرة لصيانتها.

وتجدر الإشارة إلى أن مدينة بانياس حصلت خلال السنوات الماضية على المرتبة السادسة حسب التصنيف العالمي للتلوث للمدن الصناعية الصغيرة؛ إذ تعتبر مصفاة بانياس لتكرير النفط واحدة من المصافي الأضخم على مستوى الشرق الأوسط، وتعد الشريان الاقتصادي لمدينة بانياس، ويلحق بهذه المصفاة بعض المنشآت الهامة، منها شركة سادكوب لتوزيع النفط للسفن والناقلات البحرية، وشركة توزيع الغاز والمحروقات التي توزع الغاز لجميع أنحاء سورية والتصدير للخارج، وبعض المنشآت الأخرى في مجال النفط، وهذه المنشآت النفطية تقع جميعاً في الناحية الشمالية من مدينة بانياس.

Mohamdzkrea11@yahoo.com