حروب أمريكا التجارية الخاطئة
ترجمة: عناية ناصر
عن موقع غلوبال تايمز 27/9/2019
هل الحرب التجارية التي شنّتها الولايات المتحدة ضد الصين هي معركة سريعة أم حرب طويلة؟ اعتقدت واشنطن من البداية أن بإمكانها تحقيق نصر سريع ودفع بكين إلى الركوع عن طريق الضغط عليها، ومدّ صراعهما التجاري إلى المجالات السياسية والتكنولوجية، لكن الولايات المتحدة أدركت أخيراً أن نظريتها هذه قد فشلت.
لقد أصبحت الحرب التجارية حرباً طويلة، وهذا ما نجحت فيه بكين بسبب الاستراتيجيات الأمريكية وقوة الصين عندما بدأ صراعهما لأول مرة. هذا ما تريده الصين، لأن الولايات المتحدة تقوم على الاستبداد وتركز على نفسها. وبما أن واشنطن تتصرف كقوة مهيمنة، فمن المستحيل على الصين قبول مطالب الولايات المتحدة إطلاقاً.
تراكمت المشكلات التجارية بين الصين والولايات المتحدة على مدار فترة طويلة من الزمن. ولحلّ تلك المشكلات، هناك حاجة إلى وقت وجهود مضنية. وإذا أصرّت واشنطن على فرض تعريفات باهظة دون مراعاة المنفعة المتبادلة، فكل ما تستطيع الصين فعله هو الردّ عليها، وبالفعل لا تزال إجراءات بكين المضادة حازمة. علاوة على ذلك، فإن الصين لديها وعي رصين بقوتها الشاملة من شأنه تحويل الضغط الموجّه لها من الولايات المتحدة إلى قوة دافعة لإعادة هيكلتها الاقتصادية التي ستسفر عن نتائج ملحوظة.
ومع ذلك، كانت الولايات المتحدة تعتقد أنها أكثر أهمية مما هي عليه فعلاً، باعتبارها لنفسها القوة العظمى الأكبر معتقدة أنها يمكن أن تصل إلى أي هدف تريده، لأنها أكبر قوة في العالم. كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يردّد أن “الحروب التجارية جيدة وسهلة الفوز”، لكن من الواضح أن واشنطن قد قلّلت من شأن قدرات الصين وإرادتها للردّ، فضلاً عن قوتها الوطنية.
استغرق الأمر حوالي عام ونصف العام حتى تُدرك الولايات المتحدة ذلك.
منذ تموز الماضي، بدأ التشاؤم يتصاعد في الولايات المتحدة بسبب تصورها السابق المتمثّل في إمكانية انتصار واشنطن بسرعة في الحرب التجارية، وفي 16 تموز الماضي ذكر ترامب أنه لا يزال هناك طريق طويل للتوصل إلى اتفاق مع الصين، كما قال المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض لاري كودلو: “إذا استغرق ذلك الأمر (المفاوضات التجارية مع الصين) عقداً فليكن”.
لقد أقرّت الولايات المتحدة أخيراً بأن نزاعها مع الصين لا يمكن تسويته إلا من خلال مفاوضات طويلة الأجل بدلاً من حلول سريعة للاحتياجات السياسية الأمريكية المؤقتة، ولن تكون الاختبارات التي توشك الصين على مواجهتها، بعد أن تتحوّل الحرب التجارية إلى معركة طويلة الأمد، أسهل، ولكن هناك شيئاً واحداً مؤكداً، يجب أن يكون لدى الولايات المتحدة فهم أعمق لمرونة الصين وقدرتها على تحمل الضغط، ويجب على العالم أيضاً التعرف على الصين بشكل أفضل.
والسؤال أي بلد أكثر تعطشاً لرؤية نهاية الحرب التجارية؟ يميل الإعلام الأمريكي إلى إثارة السؤال بإحساس من التفوق والثقة. لكن الأمر، اليوم، يحتاج إلى التفكير مرتين. إنها ليست مسألة إظهار أي البلدين الأقوى. النقطة المهمّة هي أنه يجب على بكين وواشنطن أن يكون لديهما فهم صحيح لبعضهما البعض ، وأن يتجنّبا سوء التقدير. لقد اندمجت الصين والولايات المتحدة بعمق، وسوء فهم بعضهما البعض لا يعني كارثة لهما فحسب ولكن للعالم كله.