دراساتصحيفة البعث

“أربعائيات”.. بحكم المنطق ولاشيء غير المنطق”: هل البعث قادر على التحديث الذاتي ؟

مهدي دخل الله 

طرح الرفيق الأمين العام في اجتماع اللجنة المركزية، في 16/ 12/ 2023، عنواناً أساسياً للمرحلة القادمة في عملية تحديث البعث يتضمن “وضع رؤية جديدة للحزب.. رؤية تنظيمية ورؤية فكرية”. ولا شك في أن الرؤيتين بحاجة لجهود معرفية في المجالين التنظيمي والفكري، وستكون الخطوة الأولى في مجال التحديث التنظيمي في اجتماع اللجنة المركزية الموسع (كونفرنس) الذي سيعقد قريباً بعد جهود مكثفة وانتخابات منذ أشهر..

هناك سؤالان أوليان لا بد من طرحهما: هل يؤمن البعث بأن تحديث الحياة الداخلية للحزب شرط لا بد منه لتحديث حياة المجتمع في المجالات كافة؟ وهل يمتلك البعث القدرة على تحديث ذاته؟

للإجابة، لدينا تجربة طويلة منذ ١٩٤٧ حتى اليوم. هل تعطي هذه التجربة جواباً إيجابياً على السؤالين؟

نعم، بدليل أن البعث كان في رؤيته الفكرية والتنظيمية متغيراً باستمرار، وليس عنده نص مقدس، ولا وصفة تنظيمية مقدسة. سأعرض باختصار 7 مراحل للتحديث الشامل في الفكر وفي الحلول التنظيمية من تجربة الحزب:

1 – في المؤتمر التأسيسي، وضع الحزب نظرة قائمة على مفهومين: الاشتراكية الديمقراطية الإصلاحية، وريثة الأممية الثانية 1896 التي انشقت انشقاقاً معارضاً عن الماركسية، والمفهوم الثاني هو النظرية القومية (آرنست رينان، ساطع الحصري، زكي الأرسوزي).

2 – عام 1953، حصل تحديث تنظيمي هيكلي بالانضمام إلى الحزب الاشتراكي العربي..

3 – عام 1958، امتلك الحزب القدرة على حل نفسه في سورية، التزاماً بشروط الوحدة مع مصر، وهذا حدث تنظيمي قوي وغريب، علماً أن مؤتمر حمص اللاحق شجب هذا التصرف. لكن المهم الإشارة إلى قدرة الحزب المدهشة على التغيير.

4 – عام 1963، في المؤتمر القومي السادس، تجرأ الحزب على القيام بتغيير فكري نوعي كبير، وهو الانتقال فكرياً من دائرة الاشتراكية الإصلاحية إلى دائرة الاشتراكية العلمية (الماركسية)، وطرح لأول مرة مفهوم “التحويل الاشتراكي” الذي يتناقض مع مقولات دستور ١٩٤٧، وهذا تطور سلبي كما أراه، لكنه مهم كمؤشر على قدرة التحديث النوعي.

5 – عام 1971، في المؤتمر القطري السادس، انتهت مقولة “الصراع الطبقي”، وتم استبدالها بمقولات مثل الوحدة الوطنية، والجبهة الوطنية والسلم الاجتماعي.

6 – عام  2000، في المؤتمر التاسع، جرى تحديث مهم باتجاه التعددية الحزبية والسياسية والتركيز على “المجتمعي”، بدلاً من “الطبقي” .

7 – عام 2005، وافق المؤتمر العاشر على صيغة اقتصاد السوق الاجتماعي، فيما يعتبر عودة مهمة إلى الأممية الثانية ودستور البعث ١٩٤٧.

mahdidakhlala@gmail.com