الصفحة الاولىصحيفة البعث

برلمان منقسم يهدّد “الاستقرار الحكومي” في تونس

 

تشير النتائج الأولية للانتخابات التشريعية التونسية، وفق ما نشرته أغلب استطلاعات الرأي، إلى غلبة التشتت على المشهد البرلماني المقبل، ما سينعكس على الحكومة في المستقبل، إذ بيّنت بأن “النهضة” احتلت المرتبة الأولى بحوالي 40 مقعداً، يليها حزب “قلب تونس”، للمرشح الرئاسي المسجون نبيل القروي، في المرتبة الثانية بـ 35 مقعداً، و”ائتلاف الكرامة” في المرتبة الثالثة بحوالي 17 مقعداً، يليه حزب “تحيا تونس” لرئيس الحكومة يوسف الشاهد بـ 16 مقعداً، ثم حزب “الشعب” بـ 15 مقعداً، يليه “التيار الديمقراطي” والحزب “الحر الدستوري” بـ 14 مقعداً لكل منهما.
وتؤكّد هذه المعطيات غير الرسمية، في انتظار معطيات رسمية من قبل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، إلى الانقسامات الحادة التي سيشهدها البرلمان المقبل، وخاصة صعوبة تشكيل حكومة، في ظل الانقسامات الأيديولوجية والسياسية بين الأحزاب والتكتلات الفائزة.
ويمنح القانون الانتخابي الحزب أو الائتلاف الفائز بأكبر نسبة من المقاعد تشكيل الحكومة، وذلك بتكليف من رئيس الدولة. ويفرض الدستور على الحزب الفائز أن يشكّل حكومته بالتشاور مع الأطراف الفائزة في مدة شهرين على أقصى تقدير، وفي حال عجز الطرف الفائز عن تشكيلها يقوم رئيس الدولة في ظرف 10 أيام بإجراء حوارات مع الأحزاب والائتلافات لتكليف الشخصية الأقدر لتشكيل الحكومة.
ويتحرّر رئيس الجمهورية من تكليف الحزب الفائز لتشكيل الحكومة في حال فشله مع مرور أجل الشهرين، وبالتالي يستطيع أن يكلّف شخصية من الحزب الفائز بالمرتبة الثانية أو الثالثة أو تكليف شخصية مستقلة. وتتمتّع هذه الشخصية المكلّفة من رئيس الجمهورية بأجل شهرين كذلك لتشكيل الحكومة، وإن فشل يمكن للرئيس حل مجلس نواب الشعب، والدعوة إلى انتخابات مبكرة في موعد أدناه 45 يوماً وأقصاه 90 يوماً.
وبالتالي فإن السجال حول تشكيل حكومة يمكن أن يستمر لأربعة أشهر كاملة إذا لم يتم الاتفاق، وحتى وإن تشكّلت هذه الحكومة ستكون ضعيفة وقابلة للسقوط في أية لحظة إذا تمّ حجب الثقة عنها. وتتشكّل الحكومة في حال نالت ثقة الأغلبية المطلقة في البرلمان أي 109 صوت، وهو أمر صعب في ظل الانقسامات الحالية.
وبدأت أولى بوادر مصاعب تشكيل حكومة بعد التصريحات المتوتّرة لقادة كل من الحزب الأول والثاني حيث رفض قادة “النهضة” و”قلب تونس” مجرد الحديث عن حوار، وقال القيادي في حزب قلب تونس عياض اللومي: إنه من المستحيل تشكيل حكومة إلى جانب “حركة النهضة”، واتهم الحركة بالتورّط في تشكيل جهاز سري وفي التعامل مع الفاسدين، مشيراً إلى الحزب سيقاضي رئيس الحكومة راشد الغنوشي بعد اتهامه لـ “قلب تونس” بالفساد.
وتزيد مصاعب تشكيل الحكومة بعد تصريح زعيم حزب “التيار الديمقراطي” بأنه اختار المعارضة، في وقت يؤكّد فيه الحزب الحر الدستوري أنه لن يدخل أبداً في حكومة تقودها حركة النهضة أو الإسلام السياسي.
وفي ظل هذه النتائج الانتخابية التشريعية المتوقّعة، وفي ظل ما أفرزته نتائج الدور الأول من الانتخابات الرئاسية، تشهد بعض الأحزاب أزمة حقيقية. فلم تحقق نتائج هامة بخلاف حزب “تحيا تونس”، الذي تمكّن من حجز عدد مقبول من المقاعد، إضافة إلى النتائج المرضية للحزب “الحر الدستوري”، فـ “نداء تونس” حقق نتائج مخيّبة فلم يتمكن من تحقيق سوى مقعد وحيد، بعد أن كان الحزب الأول في انتخابات 2014، وهي نتيجة طبيعية للانقسامات والانشقاقات داخل الحزب، وخاصة سياسة التوافق التي انتهجها مع الإسلام السياسي، كما منيت بعض الأحزاب، سليلة حزب النداء، كحزب مشروع تونس بهزيمة ثقيلة، كما مني حزب “آفاق تونس” و”الحزب الجمهوري” بهزيمة كبيرة، ولم يحتلّوا، حسب الاستطلاعات، أي مقعد.
وينتظر التونسيون النتائج الرسمية من هيئة الانتخابات، كما سينتظرون اكتمال المشهد مع انتخاب رئيس للدولة الأسبوع المقبل.