الفاردة الجولانية
الفارِدَةُ لغوياً هي الناقة البهية الطّلعة الوضحاء الفتية السريعة، أما مصطلحاً فالموكب الذي يضم النساء والرجال ويذهب لبيت العروس لتُزف محترمة مكرمة لبيت العريس. ويضم هوادج النساء مزدانة فوق الجمال وخيول الرجال قبل أن تنتشر السيارات وسيلة للنقل. وكانت الفاردة تسير قبل يوم إذا كان منزل العروس بعيدا جداً. كأن تزف العروس من حوران للجولان أو من الزَّوية لواسط. وتقوم والدة العريس وشقيقاته بتجهيز هودج العروس من السجاد فوق شاغر الجمل، ويكون مربّعاً مزيناً بالزخارف والرايات والحواشي الملونة.
يتسع الهودج لثلاث فتيات يتمايلن به بغنج. وكلما كانت الفتاة ذات حسب ونسب، كان هودجها متميزاً. أما الرجال فيمتطون صهوات جيادهم المبرشمة بسرج جميل مطرز. وعندما ينتظم الموكب تبدأ شقيقة العريس تغني مفتخرة:
شَدّت فواردنا اليوم ع المرج الأخضر/واللي يحبنا/ يجي اليوم يحضر وتردد معها جميلات الحي بشدو مؤثر يطرب المسامع ويحفز الخيل على السير بسرعة: ليلتين بليلة واحنا سرينا ليلتين بليلة/على ما نوينا يا رب تسير على ما نوينا طابت التعليلة ببيت أبو خالد/طابت التعليلة من بعيد نشوفو بيت العروس/العمد صنوبر والعبيد تحوفوه. ويستقبل أهل العروس الفاردة بالترحاب والكرم، ويقدمون القهوة المرة والطعام بينما تودِّع العروس صويحباتها بغناء شجي مؤثر. وتلح النسوة على التسريع بتجهيز العروس منشدات لوالدها:
قوم مشي عروسنا يا أبو خالد/وأوجعتنا روسنا حميت الشمس/ديارنا بعيدة جيناكم أمس ديارنا بعيدة/لنا ليكم عودة و بإذن الله لنا لكم عودة.
وبعد مراسم الوداع التي تتساوق خلالها دموع الرجال بالمآقي وتتدحرج على خدود الصبايا تعود الفاردة وتبدأ رفيقات العروس بالغناء لها:
لا تقولين غريبة خيّة يا شيمة/لا تقولين غريبة/واحنا اهلك/لا تقولين غريبة
ويتعمد أحد الرجال خطف راية من النساء، ويسبق الفاردة معلناً قدومها سالمة غانمة.
محمد غالب حسين