من الذي ربح في إيران؟
ترجمة: هيفاء علي
عن موقع انفيسيج اكشن 24/11/2019
في أحد الأيام، أجريت محادثة مع مراسل الشرق الأوسط لصحيفة هندية رائدة حول مرونة النظام السياسي الإيراني وكان ذلك عام 2001. جرت المحادثة حول الاحتجاجات والاشتباكات بين المؤيدين المتشددين والإصلاحيين بمناسبة الذكرى 22 للثورة الإسلامية في إيران. يومها، توقع صديقي أن النظام الإيراني سوف ينهار تحت وطأة العقوبات الأمريكية، ورفض رأيي المخالف بأن استقرار النظام السياسي الإيراني ليس موضع شك.
عندما يتعلق الأمر بإيران، تعتمد التحليلات على المكان الذي تصدر منه، فإذا كان المرء يعيش في دبي أو في مملكة آل سعود، أو يقوم بزيارة للكيان الإسرائيلي على سبيل المثال، فسوف تتشكل لديه رؤية مختلفة تماماً عما يسمعه أو يقرؤه لو كان في منطقة أخرى من المناطق الرافضة للهيمنة الأمريكية وسياسة القطب الواحد، حيث انضم النظام السعودي القمعي بسعادة إلى المعسكر الغربي “للديمقراطيات الليبرالية” لإطلاق الحجارة ضد إيران.
والأحداث الأخيرة التي تشهدها إيران تندرج في هذا السياق، حيث تمّت تغطية الاحتجاجات من قبل وسائل الإعلام الغربية والخليجية ومراكز الفكر في الولايات المتحدة وكأنها نهاية العالم، ولكن عندما بدأت المظاهرات المضادة الداعمة للحكومة تطغى على الشارع، والحياة تعود إلى طبيعتها في إيران، التزمت الصمت وأصابها العمى التام.
ألا يوجد استياء اجتماعي وسياسي في إيران؟ بلى يوجد، إلا أن القاعدة التمثيلية توفر الصمامات الأمنية والقادة السياسيين في طهران يتقبلون الرأي العام بكل رحابة صدر، إضافةً إلى أن الرئيس حسن روحاني حصل على أكثرية الأصوات في الانتخابات الرئاسية التي أوصلته إلى سدة الحكم.
وهل من قبيل المصادفة أن تقوم الولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي باختبار المياه الإقليمية، إن جاز التعبير، عندما اندلعت الاحتجاجات الإيرانية الأسبوع الماضي؟ حيث عبرت حاملة الطائرات الأمريكية أبراهام لنكولن المضيق الاستراتيجي هرمز قبل أيام، وشنّ الكيان الإسرائيلي هجمات على عدة مواقع سورية داخل دمشق وحولها، بزعم أنه يهدف إلى إحباط ما سمّاه “الترسيخ العسكري” لإيران وحظر شحنات الأسلحة الإيرانية للمقاومة في جنوب لبنان.
ربما تتطلّب هذه العمليات العسكرية بعض التخطيط المسبق، فيما يخصّ حرية الملاحة التي تمارسها مجموعة حاملة الطائرات الأمريكية عبر المضيق الضيق، حيث تسيطر إيران على العديد من الممرات البحرية. ومع ذلك، حدث هذا فقط عندما كانت الحكومة الإيرانية منشغلة بالاضطرابات الداخلية!.
وفي الوقت عينه، أبلغ ترامب الكونغرس الأمريكي عن نيّته مضاعفة عمليات النشر العسكرية في السعودية في خضم الاضطرابات في إيران، وهو على يقين أن القادة الإيرانيين غارقون في الاهتمام لديهم بالأحداث الداخلية.
حقيقةً، تسوّق الرواية الغربية لفكرة أن الاضطرابات في إيران ترجع إلى عوامل اقتصادية في العمل ناجمة عن العقوبات الأمريكية، ولكن المثير للاهتمام ما أوردته صحيفة هآرتس الإسرائيلية حول قدرات إيران النفطية، مشددةً على أن العقوبات المفروضة على النفط يمكن أن تسبّب الكثير من الألم عند فرضها، لكنها لا تشلّ النشاط الاقتصادي، وأن العقوبات غير النفطية يمكن أن تعطي دفعة للاقتصاد الإيراني، بصرف النظر عن النفط والفستق والسجاد، فإن لدى إيران قاعدة صناعية وزراعية. ووفقاً لتقارير وسائل الإعلام، هناك العديد من المنتجات الاستهلاكية “صنع في إيران” على رفوف المتاجر في السوق الخارجية. قد لا يكون “اقتصاد المقاومة” هو المعجزة التي يريدها قادة طهران، لكنها كانت كافية لاستقرار الوضع بمجرد مرور الصدمة الأولية لعقوبات النفط.
حتى الآن تنبؤات مستقبل إيران تسير في هذا الاتجاه، على سبيل المثال، يتفق البنك الدولي مع صندوق النقد الدولي على أن إجمالي الناتج المحلي لإيران سوف ينكمش بشكل حاد في الفترة 2019-2020، لكنه سيبدأ في النمو مرة أخرى بعد ذلك. هذا التحليل يتناقض مع الخطاب الغربي الذي يتحدث عن ثورة الشعب الإيراني، وهنا يكفي القول إن لدى كبار مسؤولي الأمن الإيرانيين أدلة تثبت أن هناك أيادي خارجية قامت بتنظيم المظاهرات لأهداف مبيّتة!.