تحقيقاتصحيفة البعث

تعطيل الإنتاجية؟!

التدقيق في مؤشرات التعافي الاقتصادي التي يتم الحديث عنها من قبل الجهات المختصة يستدعي المزيد من الجهود اللازمة لإدارة دفة القرار الإنتاجي نحو مساره الصحيح، وهذا ما يفرض في الوقت ذاته حالة من الاستنفار الإداري الهادف إلى تسريع عجلة الإنتاج، وتجسيد مفاهيم الإنتاجية على أرض الواقع، وذلك لناحية زيادة الإنتاج، وخفض التكاليف، وخفض أسعار المنتجات بما يحقق انعكاساً حقيقياً مضمون النتائج على الدخل الوطني، والمقدرة الشرائية، وذلك ضمن مشروع تحسين مستوى الدخل لناحية استثمار الموارد والأموال وتحويلها إلى فرص عمل ومشاريع تساهم في عملية التنمية، وبشكل يؤدي إلى زيادة الإنتاجية من الموارد المتاحة في مختلف القطاعات.
لا شك أن مفهوم زيادة الإنتاجية لا يقتصر على مجرد الإنتاج، وتنمية الثروة الوطنية، وإنما يتسع حتى يشتمل أموراً كثيرة مثل زيادة الطاقة الإنتاجية، وتنشيط مجالات التطوير والإبداع، والنهوض بالمجتمع في شتى النواحي الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تقود إلى قدر كبير من الرفاهية، وقدر أكبر من التعليم والرعاية الصحية، وتوفير السكن اللائق، وبالتالي يمكن القول: إن الوصول إلى إنتاجية أعلى، وتحقيق الكفاية الإنتاجية في هذه الظروف التي أصبح المجتمع فيها معقداً ومتشابكاً في مختلف جوانب الحياة، يحتاج إلى إعادة صياغة الخطط، وتحديد مكامن القوة، وإعادة تقييم الإمكانيات المتاحة، خاصة أنه حتى هذه اللحظة لم تخرج أهداف التخصص والتدريب، ومشاريع توصيف وتصنيف العمل والأعمال والأجور، والاقتصاد في الموارد، وتطوير المنتجات، ودراسة العمل والعلاقات الإنسانية، وتحقيق مقاييس الجودة والمعايير الدولية، عن المصالح الضيقة وعن طور التخطيط، في الوقت الذي باتت الحاجة إلى إطلاق هذه الأعمال ضرورة لتكريس حالة التعافي والبدء بمرحلة إعادة الإعمار، كما أنها من أهم الخطوات التنفيذية في استراتيجية ما بعد الحرب.
وإذا أردنا توصيف الحالة الإنتاجية في مؤسساتنا وفي مختلف قطاعات العمل، نجد أن بعض ما يمكن أن ما نسميه تعطيلاً للإنتاج سببه افتقار العاملين إلى الخبرة التي تؤهلهم لإدارة شركاتهم إدارة ناجحة، ولعل ذلك مرده ضعف التدريب الذي يؤهلهم للقيام بأعمالهم، وهناك الكثير من التساؤلات عن الدورات التدريبية التي تتم، والفرق الذي تحدثه على عمليات الإنتاج، وفي زيادة الإنتاجية، ويمكن أن نضيف إلى ذلك سبباً جوهرياً، وهو الافتقار إلى روح التصنيع، وتبني استراتيجية التجميع، خاصة مع إقحام الصناعة الوطنية في مجال الصناعات الكبرى، والتخلي عن مشروع التقدم في الصناعات الأساسية التي تمتلك مقومات نجاحها، وخاصة المواد الأولية!.
بالنتيجة، زيادة الإنتاجية ترتبط بشكل كامل بإلغاء كل مسببات التعطيل، وفي مقدمتها اعتماد استراتيجية إنتاجية تقوم على استثمار الموارد المتاحة في القطاع العام، وتشغيلها بما يضمن سد الاحتياجات المحلية، واستغلالها في سد الفجوات المعيشية المختلفة؟.
بشير فرزان