رغم سهولة الوصول إليه.. ابتعاد القراء عن الكتاب يتطلب وجود خطط لترسيخ عادة القراءة
عندما نتصفحه ونتذوق جمال كلماته تنبعث منه رائحة الورق الممزوجة بصدق وإحساس كاتبه، إنه الكتاب الذي لا يستطيع غيره أن ينقلنا إلى عالم من الرقي والجمال، ويبقى الجليس الصالح الذي ينعش الروح، كما عبّرت عنه السيدة منال التي لم تجد أمتع من الكتاب وأكثر فائدة منه، فهي تقرأ ثلاث ساعات يومياً، وقد علّمت أولادها حب المطالعة منذ الصغر، وبيّنت أن الوضع المادي ليست له علاقة بالقراءة، لأنها إن لم تستطع شراء الكتب تقوم باستعارتها من مكتبة أي مركز ثقافي موجود بالقرب منها، بخلاف الشاب سامر الذي لا يملك وقتاً للقراءة بحكم طبيعة عمله بدوامين حتى يلبي احتياجات أسرته، ويرى أن ضغط الحياة وهمومها أبعدت الناس عن القراءة.
أما صاحب إحدى المكتبات فأوضح أن نسبة القراءة، رغم الغلاء وارتفاع سعر الكتاب، جيدة، والإناث أكثر قراءة من الشباب، والكتب الأكثر مبيعاً هي الروايات الأجنبية المترجمة لأنها تلامس فكر القراء، وتكون شيقة مسلية، أما الكتب السياسية أو التاريخية العميقة فلا تجذب إلا القليل من القراء، وبيّن أن هناك عودة حالياً إلى الكتاب رغم الاستخدام الكثيف للأنترنت، لأنهم شعروا بقيمته، فعندما يكون الكتاب بين يدي القارىء يخلق بينهما صلة وثيقة ومتعة لا يستطيع الأنترنت أن يشعر القارىء بهما.
وقد أوضحت أمينة مكتبة المركز الثقافي في السويداء مانيا الأشقر أن الإقبال على مكتبة المركز أقل من السابق، ولكن تبقى جيدة في ظل ظروف البلاد، ووجود الأنترنت، وأضافت بأن المراكز الثقافية الفرعية أيضاً خففت عن المركز، وأكثر الزوار حالياً هم من طلبة الجامعات الذين يعدون حلقات البحث، أما فترة الصيف فيكون الإقبال أكثر من الأطفال على مكتبتهم الخاصة.
وبيّنت أن بعض الناس ممن يبحثون عن معلومة معينة يفضلون استخدام النت كوسيلة أسهل وأسرع، أما محبو الروايات والكتب التاريخية والفلسفية فهم حتماً يفضلون متعة القراءة من الكتاب وتصفحه.
بدوره مدير الثقافة في السويداء باسل الحناوي بيّن أن الكتاب وسيلة مهمة لتوسيع مدارك الإنسان، لكن نسبة القراءة بالمقارنة مع السنوات الماضية قليلة، وهذا يعود لعدة أسباب اجتماعية تربوية، ولثقافة المجتمع، فكما يقال إن نسبة قراءة المواطن العربي ربع صفحة بالعام مقارنة مع الأمريكي أو الأوروبي الذي يقرأ 32 كتاباً.
وأضاف بأن قلة القراءة لا ترتبط بالوضع المادي، لأن وزارة الثقافة تبيع الكتاب بسعر مقبول، وهناك المركز الثقافي الذي يعير الكتاب مجاناً.
وأيضاً وسائل التواصل الاجتماعي ليست لها علاقة، لأن دول أوروبا يوجد فيها أنترنت أفضل مما لدينا، ومازالوا يقرؤون، فتراهم وهم ينتظرون القطار أو الميترو يتصفحون الكتاب، أما في مجتمعنا فيفضل المواطن الذهاب إلى المقهى أو النادي الرياضي من أن يطالع الكتب.
وأوضح الحناوي أن هذا يرجع الى عادات الناس، وعدم تشجيع بعضهم على القراءة، أو زيارة معارض الكتب، وأنه يجب أن نعوّد أنفسنا على القراءة، ونجعلها عادة يومية كأن نقرأ كل شهر كتاباً أو كتابين، وهنا يكمن دور الأهل في غرس عادة القراءة في الطفل منذ الصغر، فنقدم له الكتاب كهدية، ونشاركه القراءة، ونجعله يستمتع وهو يطالع، وهذا يتطلب أيضاً أن يكون للمدرسة والنوادي دور في التوعية والتشجيع على القراءة.
وبيّن الحناوي أن وزارة الثقافة تصدر دائماً عن طريق الهيئة السورية للكتاب كافة أنواع الكتب التي تناسب كل الأعمار، فيومياً تصدر كتاباً أو أكثر حسب الخطة الموضوعة، بالإضافة إلى مجلة أسامة للأطفال، وتقيم المعارض كل فترة، وأهمها معرض مكتبة الأسد على مستوى سورية، ولفت إلى أن الكتاب الصادر عن وزارة الثقافة له مضمون جيد وسعر مقبول مقارنة مع الكتب التي تصدرها المطابع الخاصة التي تضطر بسبب ارتفاع الأسعار أن تبيع بسعر السوق.
وليعود الكتاب لمكانته كما كان في السابق لابد من زيادة النشاطات لتسويق الكتب، وجذب وتشجيع الناس على القراءة، ما يتطلب خططاً وخبراء على مستوى وطني لتصبح القراءة عادة اجتماعية محببة، وجزءاً من ثقافتنا.
السويداء- يولا أبو فخر