أخبارصحيفة البعث

احتجاجات أمريكية على إعلان ترامب: كارثة العقد

 

 

تواصلت ردود الفعل العربية والإقليمية والدولية الرافضة لـ “صفقة القرن”- التي كشف عن بنودها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وأهمها القدس عاصمة “إسرائيل”، وإسقاط حق العودة، بحضور رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ووفود عربية من الإمارات وعُمان والبحرين- فيما تشهد الولايات المتحدة الأمريكية موجة احتجاجات واسعة.
فقد انتقد أعضاء في الكونغرس الأمريكي ومرشحون للرئاسة الأمريكية إعلان ترامب، حيث أرسل السيناتور الديمقراطي كريس فان هولين رسالة إلى ترامب، وقّع عليها 11 من زملائه، واصفاً الاقتراح بأنه “ضربة لآفاق إيجاد حل قابل للتطبيق للصراع في الشرق الأوسط”.
وأضاف الموقّعون على الرسالة: “إن الرؤساء السابقين للولايات المتحدة حاولوا الحفاظ على دور الولايات المتحدة كلاعب موثوق في المفاوضات الصعبة، ولكن تصرفات ترامب أحادية الجانب جعلت ذلك مستحيلاً”، واصفين الخطة بأنها “وصفة لتجديد الانقسام والصراع في المنطقة”.
واعتبر فان هولين، في سلسلة من التغريدات، أن “هذا الاقتراح أحادي الجانب هو مناورة ساخرة من المتوقّع مسبقاً أن يرفضها الفلسطينيون لتبرير منح ضوء آخر لضم أراض فلسطينية لـ (إسرائيل) بشكل غير قانوني”، مؤكداً بأنها “ليست معنية بدفع السلام، بل حيلة تم توقيتها بشكل متعمّد للتأثير على الانتخابات الإسرائيلية من خلال تشتيت الأنظار عن توجيه الاتهام رسمياً لنتنياهو بالرشوة، وعن إجراءات عزل ترامب”، كما أوضح أن هذه الخطة بعيدة كل البعد عن كونها “صفقة القرن”، بل هي “كارثة العقد”.
كما وصف المرشح الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الأمريكية، السيناتور بيرني ساندرز، الإعلان بأنه “غير مقبول”.
وفي تغريدة له على موقع تويتر، دعا ساندرز إلى إنهاء احتلال “إسرائيل” للأراضي الفلسطينية المستمر منذ عام 1967، مؤكداً أن ما تسمى “خطة السلام” ستزيد من حدة الصراع لأنه يجب أن “يحصل الفلسطينيون على حقهم في تقرير مصيرهم لإقامة دولة مستقلة وديمقراطية”.
كما عبّرت المرشحة الديمقراطية للرئاسة الأمريكية، السيناتور اليزابيث وارن، عن معارضتها للصفقة، وكتبت في تغريدة لها على حسابها الشخصي على موقع تويتر: “إن خطة السلام التي وضعها ترامب هي إقرار للضم، ولا تقدّم أي فرصة لدولة فلسطينية حقيقية”، وأضافت: “إن إطلاق خطة دون التفاوض مع الفلسطينيين ليس دبلوماسية، إنها خدعة.. سأعارض الضم أحادي الجانب بأي شكل من الأشكال”.
سياق الكلام ذاته قالته عضو مجلس النواب الأمريكي عن الحزب الديمقراطي، رشيدة طليب، والتي منعت في وقت سابق من دخول الأراضي الفلسطينية المحتلة: “إن ما أعلنه ترامب هو عبثي ولا جدوى منه، ومخالف لكل قرارات الأمم المتحدة والشرعية الدولية”، واعتبرت أن إعلان ترامب ونتنياهو عن “خطة” تتناسب مع رئيس يخضع للعزل الأبدي، وفي اليوم نفسه تتم إدانة نتنياهو بالفساد.
كما وقّع ممثلو 28 منظمة أمريكية بياناً مشتركاً يعارضون فيه “صفقة القرن”، واعتبر بيان المنظمات “الصفقة” بمثابة شرعنة استمرارية “المشروع الصهيوني الكولونيالي، ومكافأة الاحتلال ومصادرته للأرض، وتعبيد طريق التطبيع، ومأسسة نظام الفصل العنصري- الأبارتايد”، وشدّد بيان الجمعيات على أن “إحلال السلام في المنطقة لن يرى النور مطلقاً بمعزل عن نيل الفلسطينيين حقوقهم كاملة وحريتهم واستقلالهم”.
ومن المتوقّع أن ينضم مزيد من المنظمات العربية والأمريكية المؤيدة لنضال الشعب الفلسطيني لتوقيع البيان.
رشوة لبيع الحقوق والسيادة والكرامة والأرض
عربياً، جدّد العراق التأكيد على وقوفه مع الشعب الفلسطيني في إقامة دولته وعاصمتها القدس الشريف، وقال المتحدّث باسم وزارة الخارجية العراقية أحمد الصحاف: “العراق يؤكد وقوفه مع إخوانه الفلسطينيين في دفاعهم عن حقوقهم المشروعة، ومنها حق العودة وإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشريف”.
وفي لبنان، أكد الرئيس ميشال عون تمسّك لبنان بحق عودة الفلسطينيين إلى أرضهم وقيام دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس، وأعرب، خلال اتصال مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، عن تضامن لبنان مع الشعب الفلسطيني في مواجهة التطورات التي نشأت عمّا يسمى “صفقة القرن”، فيما أكد رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري أن الصفقة تمثّل رشوة لبيع الحقوق والسيادة والكرامة والأرض العربية، وقال: لن نكون شهود زور في حفلة الإعدام الجديدة للشعب الفلسطيني ولحقوقه المشروعة وفي مقدمتها حق العودة، ولن يقبل لبنان تحت أي ظرف أن يكون شريكاً ببيع أو مقايضة أي من هذه الحقوق.
من جانبه، قال رئيس الحكومة اللبنانية حسان دياب في تغريدة على حسابه الشخصي على موقع تويتر: ستبقى القدس هي البوصلة، وستبقى فلسطين هي القضية، فيما اعتبر رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان أن صفقة العار يراد منها تصفية القضية الفلسطينية بغطاء عربي فاضح وأموال عربية.
وصمة عار شيطانية لبيع فلسطين
وأكد رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان أن ما يسمى بصفقة القرن هي وصمة عار شيطانية لبيع فلسطين بأرخص الأثمان، مؤكداً أن فلسطين لا تخضع للبيع والشراء، وهي خارج الحسابات الانتخابية المتهاوية على أعتاب مساجدها وكنائسها التي تصدح بالحق وتلعن الطغاة والمحتلين، فيما رأى عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله أن صفقة القرن هي عدوان أمريكي إسرائيلي خطير على الأمة العربية وعلى قضيتها المركزية فلسطين بهدف التصفية النهائية لهذه القضية وإلغاء وجودها في ظل تواطؤ أنظمة عربية ارتمت بالكامل في أحضان الولايات المتحدة، وبدأت تطبيق بنود هذه الصفقة من تطبيع مع العدو واستهداف حركات المقاومة بالضغوط والعقوبات وتقديم خدمات كبيرة للكيان الصهيوني على حساب فلسطين وشعبها.
كما أعلن الرئيس اللبناني السابق العماد اميل لحود أن الصفقة استكمال للمخطط الصهيوني المعتدي والغاصب والمحتل، فيما أكد الحزب الشيوعي أن الإعلان الأمريكي قرار مجرم سيترك انعكاسات كارثية على الشعب الفلسطيني وحقوقه كما على باقي دول المنطقة، في وقت شدّد الأمين العام لحركة النضال اللبناني العربي فيصل الداوود على أن الصفقة تكريس لاغتصاب فلسطين، وبرعاية من أنظمة عربية فتحت حدودها للعدو الإسرائيلي، وأقامت تطبيعاً معه، مضيفاً: إن العودة إلى الكفاح المسلح والمقاومة هي أداة لاستعادة كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وفي الأردن أكد مجلس الأعيان الأردني رفضه لأي مشاريع حول القضية الفلسطينية لا تقوم على أساس قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وتعويضهم، فيما دعا الحزب الشيوعي الأحزاب والقوى والنقابات والشخصيات لتوحيد صفوفها في حملة شعبية لإفشال الصفقة، مشيراً إلى أن الصفقة تأكيد جديد على أن الولايات المتحدة وكيان الاحتلال الإسرائيلي يخططان لإنهاء القضية المركزية للشعوب العربية، وهي امتداد للسياسة الأمريكية المعادية لهذه الشعوب.
فلسطين كانت وستبقى القضية الأولى
إقليمياً، أكد قائد الثورة الإسلامية في إيران السيد علي الخامنئي أن “صفقة القرن” تمثّل “سياسة شيطانية تنتهجها الولايات المتحدة حيال الفلسطينيين”، وقال، في تغريدة عبر صفحته على تويتر: “رغماً عن أنوف المسؤولين الأمريكيين لن تتحقق أبداً سياسة أمريكا الشيطانية والخبيثة المسماة صفقة القرن”، مشدداً على أن الأمريكيين يرتكبون “حماقة رعناء بمساعيهم لتهويد القدس”.
كما وصف وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف خطة ترامب بـ “الكابوس للمنطقة والعالم”، معتبراً أنها حلم تاجر عقارات يعاني من الإفلاس، فيما بعث رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني برسالة إلى رؤساء برلمانات الدول الإسلامية حول ما يسمى بـ “صفقة القرن”، أدان فيها بشدة إعلان الرئيس الأمريكي مشروع الصفقة المخالفة لكل القوانين والمقررات الدولية، واعتبر أن فلسطين هي القضية الأولى للعالم الإسلامي، مؤكداً أنه سيتم مواجهة أي اعتداء وانتهاك لسيادة الأراضي الفلسطينية واستمرار احتلالها، وأشار إلى أن الرئيس الأمريكي يحاول إضفاء الطابع الرسمي على احتلال أرض الأمة الإسلامية بالقوة، ودعا إلى “التصدي لصفقة القرن المخادعة”.
انتهاك للقانون الدولي وتقويض للعدالة
دولياً، أكدت وزارة الخارجية الصينية أن أي حل للقضية الفلسطينية يجب أن يكون “عادلاً وشاملاً”، ويلقى إجماعاً دولياً ومبنياً على قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وقالت المتحدثة باسم الوزارة هوا تشون يينغ في مؤتمر صحفي: “يجب احترام الرأي الفلسطيني خاصة، والاستماع لاقتراحاته، والتوصل إلى اتفاق من خلال الحوار والتفاوض على قدم المساواة، ما يساعد على تعزيز التسوية المبكرة والشاملة والعادلة والدائمة للقضية الفلسطينية”، وشددت على أن الصين “ترى دائماً أن قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة والإجماع الدولي تشكّل الأساس لحل القضية الفلسطينية”.
إلى ذلك، أكدت منظمة العفو الدولية أن حزمة المقترحات التي قدّمتها إدارة ترامب تشكّل انتهاكاً للقانون الدولي، وتجرّد الفلسطينيين من حقوقهم، وطالبت في بيان على موقعها المجتمع الدولي برفض “الإجراءات التي تنتهك القانون الدولي، والمنصوص عليها في (صفقة القرن) التي أطلقها ترامب، والتي تشمل اعترافاً رسمياً بضم (إسرائيل) لغور الأردن والغالبية العظمى من الأراضي التي أقيمت عليها المستوطنات غير القانونية في بقية الضفة الغربية المحتلة”، وأشارت إلى “أن مثل هذه المقترحات لن تغيّر الالتزامات القانونية لإسرائيل كقوة محتلة بموجب القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، ولن تحرم الفلسطينيين من الحماية المكفولة بموجب هذه الأطر القانونية”، وأوضحت أن هذه الصفقة تسعى إلى تقويض العدالة الدولية، بعد فترة وجيزة من الإعلان الشهر الماضي عن إحراز تقدم بتحقيق من قبل المحكمة الجنائية الدولية حول الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
من جهته قال فيليب لوثر مدير البحوث والدفاع عن الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المنظمة: إن هذه الصفقة ترقى إلى تأييد السياسات الوحشية وغير القانونية لـ “إسرائيل”.