كونها الحد الفاصل سن الأربعين.. محاولات لاستعادة الشباب وقرارات تبحـث عــن النـضــوج الفكـري والراحــة النفــسية
تشكّل سن الأربعين مرحلة حساسة من عمر الرجل والمرأة، ويختلف التعبير عن هذه المرحلة بين الطرفين، إذ كان يتم وصف سن الأربعين عند المرأة بـ “سن اليأس”، في حين هي سن المراهقة المتأخرة عند الرجال، أو أزمة منتصف العمر، لنجد الكثيرات ممن يعانين من تقلبات مزاجية في هذا العمر يترددن على عيادات الطب النفسي، في حين يتردد الرجل الأربعيني على مراكز التجميل لاستعادة شبابه من جديد، أو يعتكف عن الاختلاط بالآخرين.
مفارقات
بالرغم من أن الكثيرات يعتبرن أن سن الأربعين تفصلهن عن مرحلة الشباب، وأن الزواج في هذا العمر أمر مستحيل بالنسبة للعازبات، فإننا نرى أن غالبية الرجال يفضلون المرأة الأربعينية الناضجة من حيث التفكير، والابتعاد عن العاطفة، وعن ملاحقة هوس الموضة، وغيرها من القضايا التي تشغل الكثيرات في مرحلة ما قبل النضوج، إذ تتمتع النساء البالغات بثقة في النفس والاكتفاء الذاتي، وهن لا يسمحن للعواطف بالتأثير على قراراتهن، وإنما يعتمدن على المنطق، ولعل زواج الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون من امرأة تكبره سناً بحوالي 24 عاماً أكبر مثال على تفضيل الرجل الزواج بامرأة ناضجة، الأمر الذي أثار العلماء والمحللين النفسيين لإجراء دراسة عن هذه الحالات، لتخلص الدراسة لجملة من الميزات العقلية والنفسية والجسدية التي تمتلكها نساء ما فوق الأربعين والخمسين، وتفتقدها اليافعات، أهمها قدرتها على السيطرة على انفعالاتها، وكذلك فإن طلبات المرأة بعد الأربعين والخمسين من مظاهر وشكليات الالتزام تكون قليلة مقارنة بصغيرات السن اللواتي يمتلكن قوائم متجددة من الطلبات، والالتزامات، ودواعي الغيرة “والنكد”، وعليه فإن الناضجة تكون أقل تطلباً، وأرحب مزاجاً، وأكثر ثقة بنفسها.
“جهلة الأربعين”
في الوقت الذي تكون فيه المرأة الأربعينية المتزوجة منشغلة بتربية الأطفال، وتدبير الأمور المنزلية، ومبتعدة عن الاهتمام بذاتها من حيث المظهر كما كانت في السابق، أو من حيث تطوير ذاتها في عملها، يكون الكثير من الرجال قد دخلوا في ” سن الجهلة”، إذ يقضي الكثير من الرجال في هذا العمر ساعات طويلة أمام المرآة للاعتناء بمظهرهم الخارجي، كذلك ممارسة الرياضة للحفاظ على جسم رياضي، ناهيك عن إجراء عمليات تجميل في حال لزم الأمر، حيث يصاب الرجل في هذا العمر بالخوف من وصول سن الأربعين، ويعتقد بأنه بدأ بفقدان مرحلة الشباب، ويحاول من خلال الحب الجديد إثبات أنه مازال شاباً مرغوباً لدى الكثيرات، في حين يعبّر الكثير من الرجال عن هذه المرحلة بردود فعل بعيدة كل البعد عن الارتباط من جديد، بحيث تكون سن الأربعين بالنسبة لهم أزمة منتصف العمر، والميل إلى الانطواء والعزلة عن العالم الخارجي، ويفسر العلماء هذه الأزمة بأنها حالة أو متلازمة تصيب الرجال في الأربعينيات أو الخمسينيات، وهي مرحلة انتقالية يتزامن حدوثها مع وقوع أحداث مهمة في الحياة، كأن ينهي الطفل مرحلته الدراسية، وأظهرت الأبحاث أن أزمة منتصف العمر هي تراجع متوقع وطبيعي في السعادة التي يعيشها الرجل أو المرأة.
فخ الاكتئاب
تحتاج هذه المرحلة الحساسة من عمر الرجل والمرأة إلى الكثير من الصبر، وتجنب العزلة عن المجتمع المحيط، حيث تؤكد الدكتورة رشا شعبان، “علم اجتماع”، أن أهمية العلاقات الاجتماعية تكمن في هذه المرحلة من العمر، فبقدر ما تحصد المرأة والرجل أصدقاء وعلاقات اجتماعية بقدر ما يكون تخطي هذه المرحلة سهلاً، لأن العزلة والانطواء يؤديان إلى الإحباط، والشعور بعدم الرغبة بمتابعة الحياة، وأن المرأة والرجل قد أنجزا جميع ما يمكن إنجازه في حياتهما لتبقى الآن بلا معنى أو مشاعر، لذا فإن الحل يكمن بالابتعاد عن النمطية والروتين، والوعي المطلق بالتغيرات الفيزيولوجية التي تؤثر في الحالة النفسية والجسدية لهما، وعدم الوقوف عندها، بل على العكس زيادة اللقاء مع الأصدقاء، والإنتاج في العمل لتعزيز الثقة بالنفس، إضافة إلى ضرورة الاطلاع على الدراسات المختصة بهذه المرحلة الهامة، وطرق تخطيها بأقل خسائر ممكنة، وتجنب الوقوع في فخ الاكتئاب، وفي حال عدم القدرة على تجنب الآثار السلبية لهذه المرحلة، يجب اللجوء إلى الطب النفسي لمساعدة الرجل أو المرأة على النهوض بالذات، وشحذ الطاقات من جديد.
ميس بركات