دراساتصحيفة البعث

سورية.. صمود القائد والجيش و الشعب

ترجمة: هيفاء علي
عن موقع آسيا تايمز 23/2/2020
قوة الشخصية والإصرار هي التي تميز الجيش العربي السوري. وهذا ليس بجديد إذ لسنوات طوال كان لديه هذا الشعور القوي بالواجب، ولا يزال أكثر في هذه المعركة العظيمة ضد الإرهاب. انخرط الجيش السوري مع قائده ورئيسه بشار الأسد بقوة في خوض قتال كان سياسياً في المقام الأول. سياسي لأنه كان من الواجب الوطني أن يستعيد الشعب السوري سيادته على كامل أرضه، والسيادة هي الشرط الضروري والأساسي لكي يتمكن الناس من بناء مداولاتهم العادلة للسيطرة الكاملة على فضائهم.
بهذا المعنى يمكننا أن نتحدث عن حرب عادلة، وليس وفقاً لإنسانية تجهد في إخفاء رغبتها في الهيمنة وتسوية الحدود وتنوع الشعوب، بما في ذلك الغرب، ذلك أن نشر الفوضى في سورية أمر تهتم به الأوليغارشية العالمية لأن لديها على الدوام الطموح لإعادة رسم معالم الشرق الأوسط وفقاً لمصالحها الخاصة بها فقط، وهذا يعني أيضاً أن نشر الفوضى في سورية هو الشغل الشاغل للرأسمالية المفرطة. لم يبق سوى الإبحار بسفينة الفوضى هذه في بلد سيادي وشعب متعدد الأعراق ومتعدد الأديان، وهو وحده مهد الحضارات البشرية، باستخدام جحافل المتعصبين والمتطرفين الذين تم استقدامهم من كل أنحاء العالم ومن ثم تم تمويلهم وتسليحهم وتدريبهم من قبل الحكومات الغربية ونوابها المحليين، ومن قبل ممالك النفط مثل السعودية أو قطر أو إسرائيل أو تركيا. ووحدهما النظام التركي والكيان الإسرائيلي قاما بتقديم كل الدعم لهذه الجحافل لتحقيق أطماعهما ومشاريعهما الأسطورية (مثل إسرائيل الكبرى أو إحياء الامبراطورية العثمانية الزائفة).
السياسي هو من يساعد الشعب على الاختبار والتجريب، ويجرؤ على الدخول في مجال الابتكار. وهو أيضاً من يساعد الشعب على بناء مستقبل مشرق بشكل جماعي. هذه المحنة الحزينة والمؤلمة التي استمرت منذ عام 2011 ، هذه المعارك المليئة بالدم والألم وكل هذه الشجاعة والتصميم والإيمان والقرارات اللازمة لاستعادة الحرية، هي التي وفرت لنا معرفة أن الشعب السوري أُجبر على التوحد في صف واحد بحكم قوة المصيبة ولكنه اليوم بدأ في الانتقال إلى رؤية جديدة للسلطة. إن وعي هذا الشعب وإدراكه لقوته الحقيقية، لأنه كان يعرف كيف يظل متحداً ومسترشداً بوطنيته، وهذا جعله يدرك أيضاً ضرورة قوته وسلطته التي سيتعين عليه مشاركتها مع قادته، بحيث يكون بمقدوره اختيارهم حسب رغبته وليس وفق إرادة أولئك الذين اعتقدوا أنهم قد يحرمونه من هذا الحق و هذا الواجب الوطني!
اليوم نجد هذا العناد في محافظة إدلب بين ما تبقى من فلول تنظيم القاعدة وغيرهم، ونجده عند تركيا حيث لا يستطيع أردوغان أن يتقبل أن حلمه المجنون بإعادة دمج سورية في “امبراطوريته العثمانية الجديدة” عبر جماعة الإخوان المسلمين ، التي كان عضواً قوياً فيها، يهرب منه رغم وجوده العسكري غير الشرعي في سورية.
ولكنه موجود أيضاً بين الأميركيين الذين يتشبثون بأي ثمن ببضعة أراضي سورية (شمال شرق الفرات والتنف) من أجل محاولة عرقلة أو إلغاء عملية البناء المحتمة لطرق الاتصال، إيران – سورية عبر العراق والتي سيتم استخدامها للاتصال بمشاريع طرق الحرير الصينية الجديدة (BRI).
هذا ما يحدث اليوم في سورية. بعد الدفاع تأتي الحرب التي تغدو أكثر شرعية لأن الحياة هي القتال ضد أولئك الذين يحملون داخلهم هذا العناد وهذا العمى الذي يجعلهم ينكرون الواقع.