ليبيا.. إغلاق مطار معيتيقة لكبح تدفق الأسلحة والمرتزقة من تركيا
علّقت سلطات مطار معيتيقة الليبي، أمس، الرحلات الجوية بالمطار الوحيد العامل بالعاصمة الليبية طرابلس إثر تعرّضه للقصف، ما يسهم في كبح تدفق الأسلحة والمرتزقة من تركيا.
وتعرّض المطار للقصف مراراً أثناء محاولات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر منع الرحلات المشبوهة، التي تقوم بها حكومة الوفاق لتسلّم السلاح من تركيا، أو تأمين وصول المرتزقة الإرهابيين من مطار اسطنبول.
ومطار معيتيقة هدف استراتيجي لقوات الجيش الوطني الليبي، التي تعتبره المنفذ الوحيد الذي يمكّن رأس النظام التركي رجب طيب أردوغان تنفيذ مخططاته لدعم الميليشيات التي تهدد حياة المدنيين في طرابلس، كون حكومة الوفاق تستخدمه لأغراض عسكرية وليست مدنية.
ونفّذت قوات الجيش غارات جوية عديدة في الفترة الأخيرة على القسم العسكري بالمطار، حيث كانت تستخدمه الميليشيات لتخزين معدات وصواريخ وطائرات مسيّرة تركية.
وكان المتحدّث باسم الجيش الليبي كان قد أعلن، في وقت سابق من شباط الجاري، أن قواته لن تسمح للأمم المتحدة باستخدام مطار معيتيقة، وأضاف أحمد المسماري في تصريح: إنه سيتعين على الأمم المتحدة استخدام مطارات أخرى، مثل مصراتة، لأنه لا يمكن لقوات الجيش الوطني ضمان سلامة الرحلات إلى مطار معيتيقة نظراً لأن النظام التركي يستخدمه كقاعدة.
ويأتي القصف على مطار معيتيقة بعد يوم من إسقاط الجيش الوطني الليبي طائرتين من دون طيار تركيتين في العاصمة طرابلس.
والأربعاء، أعلنت شعبة الإعلام الحربي التابعة للقيادة العامة للقوات المسلحة الليبية أن منصات الدفاع الجوي التابعة للجيش الليبي أسقطت طائرة تركية مسيّرة من طراز “بيرقدار” في محيط منطقة سوق الخميس جنوب العاصمة طرابلس، وهي الطائرة التركية الثانية في غضون 24ساعة، وقبلها أعلن المسماري في مقطع فيديو عبر صفحته على فيسبوك: إن طائرة مسيّرة تركية أسقطت بعد إقلاعها من القاعدة التركية في “معيتيقة”.
واعترف أردوغان للمرة الأولى الثلاثاء بمقتل جنديين تركيين، في أوضح تأكيد على تلقي خسائر بشرية نتيجة التدخل التركي في ليبيا، بعد أن نفى في السابق مراراً مشاركة الجنود الأتراك في المعارك ضد الجيش الليبي، فيما أعلنت قوات حفتر مؤخراً عن مقتل 16 جندياً تركياً خلال مشاركتهم في العمليات العسكرية إلى جانب الميليشيات وحكومة الوفاق في طرابلس.
يأتي ذلك في وقت بدأت فيه الأمم المتحدة محادثات سياسية حول النزاع في ليبيا الأربعاء في جنيف، رغم مقاطعة ممثلي البرلمان، المتمركز في الشرق، والذي يدعم الجيش الوطني الليبي، الاجتماع.
ونقل دبلوماسيون عن المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة قوله: إن المحادثات السياسية في جنيف حول النزاع في ليبيا بدأت الأربعاء بمن حضر، أي ممثلي حكومة الوفاق وشخصيات اختارتها المنظمة الدولية فقط، وفق ما أفاد دبلوماسيون.
وطلب سلامة، متحدثاً من جنيف أثناء اجتماع مغلق لمجلس الأمن الدولي في نيويورك، من الدول التي لديها تأثير على المشير خليفة حفتر ممارسة ضغوط من أجل مشاركة ممثلين عنه في المفاوضات، وفق المصادر الدبلوماسية نفسها.
وكان وزير خارجية حكومة طبرق، المدعومة من البرلمان والجيش، عبدالهادي الحويج، قال الأربعاء: إن مشاركة فريقه “لا تزال معلقة”، واتهم الأمم المتحدة بأنها تحاول “فرض” ممثلين.
وقد اختتمت لجنة عسكرية تضم خمسة أعضاء من كل جانب محادثات في جنيف الأحد بـ”مسودة اتفاق لوقف إطلاق النار” سيتم وضع اللمسات الأخيرة عليها في آذار، وفقاً لبعثة الأمم المتحدة، التي اتهمها البرلمان الليبي بالتدخل في اختيار ممثليه في المحادثات، وهو السبب الذي أدى إلى مقاطعته المحادثات في جنيف.
وأجج التدخل التركي الوضع في ليبيا أكثر، عندما بدأ أردوغان بإرسال المرتزقة والإرهابيين من “داعش” و”القاعدة” لتنفيذ مخطط نشر الفوضى في ليبيا دعماً لحكومة الوفاق، حتى تستطيع المحافظة على ما تبقى من سيطرتها على بعض المناطق في طرابلس، التي يقوم الجيش الوطني الليبي بعملية عسكرية لاستعادتها من الإرهابيين والميليشيات، فيما تقوم السفن التركية بإرسال الذخائر والأسلحة إلى الميليشيات الإرهابية في ليبيا.
وأكدت روسيا، الأربعاء، “صحة” تقارير خبراء مجلس الأمن بشأن نقل تركيا إرهابيين إلى ليبيا، وقال نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، خلال كلمة ألقاها في الغرفة الاجتماعية الروسية: إن “نص مشروع القرار الأممي بشأن ليبيا، لم يذكر الإرهابيين والمقاتلين الأجانب، على الرغم من أن مجموعة من خبراء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يبلغون بانتظام عن نقل إرهابيين إلى ليبيا.. ولاحظنا أيضاً هذا، وهذا يحدث فعلاً بمساعدة تركيا”.
يأتي ذلك فيما أكدت المتحدّثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا ترحيب بلادها باستعداد الاتحاد الأفريقي إرسال بعثة مراقبين عسكريين إلى ليبيا، وقالت: “نرحّب بإعلان قيادة الاتحاد الأفريقي في ختام قمة الاتحاد في أديس أبابا بشأن استعداد الاتحاد لإرسال مجموعة مراقبين عسكريين لمراقبة وضع وقف إطلاق النار في حالة التوصل لاتفاق في هذا الشأن بين أطراف النزاع الليبي”، وأضافت: “ننطلق من حقيقة أن نشاط المراقبين العسكريين الذي ينبغي أن يتم بالتنسيق الوثيق مع منظمة الأمم المتحدة لدورها الرائد في التسوية الليبية من الممكن أن يصبح مساهمة كبيرة في جهود المجتمع الدولي لتطبيع الوضع في ليبيا”.
يشار إلى أن البيان الختامي لمؤتمر برلين الذي وقّعت عليه نحو 16 دولة ومنظمة في الـ 19 من الشهر الماضي حول تسوية الأزمة الليبية شدد على بذل الجهود الدولية لتعزيز مراقبة حظر تصدير السلاح إلى ليبيا ونزع سلاح الميليشيات، داعياً جميع الأطراف إلى النأي بنفسها عن المجموعات المدرجة على لائحة الأمم المتحدة للإرهاب.