دراساتصحيفة البعث

إدلب وانهيار نهج أردوغان

 

ترجمة: البعث
عن المونيتور 28/2/2020
انهيار السياسة الخارجية التي يتبعها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تتجاوز سورية، فهي تمثل انهيار نهج أردوغان الإخواني. اليوم باتت تركيا بلداً معزولاً فهي الآن في مواجهة مع الولايات المتحدة وروسيا، وكذلك العالم العربي وأوروبا، حتى الأصدقاء القلائل الذين تركتهم أنقرة، مثل قطر أو باكستان أو أذربيجان، لا يمنحون تركيا أي قيمة استراتيجية.
يعتقد عدد كبير من المحللين الأتراك – بمن فيهم بعض المؤيدين السابقين لأردوغان – أن الموقف الذي تجده أنقرة نفسها في سورية على وجه الخصوص هو ، إلى حد كبير ، إن لم يكن كلياً ، من صنع نفسه. وليس من المستغرب أن يقترح بعض المعلقين الساخرين أنه بدلاً من البحث عن الدعم الامريكي، يجب على أنقرة نشر طائرات S-400 الروسية لدرء التهديد من سورية.
كلفت الحملة التركية في إدلب ضد الجيش السوري أرواح جنود أتراك، ومن المتوقع أن يرتفع عدد الضحايا في الأيام والأسابيع المقبلة منذ أن أعلن أردوغان المضي قدماً في ما تعتقد المعارضة أنها حربه ، وليس حرب تركيا.
وقال المعلق السياسي المخضرم فكرت بيلا: إنه يعتقد أن هذه حرب لا يستطيع أردوغان الفوز بها. وقال: إن الأهداف الرئيسية لتركيا في سورية هي تأمين صوت للإسلاميين المتطرفين في ذلك البلد. وكتب بيلا في عموده في بوابة الأخبار المستقلة T24: “إن هزيمة الجيش السوري ، الذي تدعمه روسيا … لا يبدو أنه في نطاق الاحتمالات”.
فهمي كورو، وهو كاتب عمود مخضرم آخر كان قريباً من أردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم، متشائم أيضاً بشأن نجاح سياسات أردوغان. وكتب كورو في مدونته الشخصية ” السياسات التي تطبقها تركيا منذ عام 2011 … ورفع مستوى مشاركة تركيا في سورية إلى مستوى حرب الاستقلال التركية 1919-1922ستؤدي جميعها إلى الفشل”، لأن محاولته ربط أنقرة في سورية بحرب الاستقلال التركية لا تقنع الجميع. وأكد المعلق السياسي مراد يتكين على المبالغة الجسيمة التي ينطوي عليها هذا التشبيه: ” من الخطأ أن يساوي الرئيس أردوغان حرب الاستقلال التي قادها مصطفى كمال أتاتورك وأصدقاؤه لتحرير الوطن، وإنشاء الجمهورية، بما يحدث في سوريا وإدلب”. وأضاف ياتكين: إن أسلوب أردوغان كان أيضاً إشكالياً لأنه ينطوي على عمليات عسكرية على أراضي بلد آخر ، وهو ما يطرح “قضايا قانونية دولية وفقاً للقواعد التي حددتها الأمم المتحدة”.
يرفض أردوغان المشبع بنظرة أيديولوجية راسخة قائمة على تعاطف فطري مع جماعة الإخوان بجميع أشكالها أي فكرة للتحدث إلى الرئيس السوري بشار الأسد، فهو يعتقد أن التحدث مع الأسد سيكون خيانةً لأتباعه. بدلاً من ذلك، يواصل إرسال تعزيزات إلى أقسام قليلة من إدلب التي لا تزال تركيا تسيطر عليها بدعم من الإرهابيين الذين يمولهم.
كما أكد السفيران المتقاعدان علي تويجان، ويوسف بولوك في مقال مشترك على أن “الخلل الأكثر وضوحاً” في سياسة أردوغان تجاه سورية هو “افتقارها التام إلى التأييد الوطني”. كما كتب تويجان وبولوك في مدونة الرأي الدبلوماسي” إن العمليات العسكرية يمكن أن تبدأ في أي لحظة، لكن لا يعرف الأتراك إلى أين تتجه البلاد إلا أن أبناءهم سيتعرضون لأذى قاتل”. وأضافا: “على الأقل في هذا المنعطف الحرج ، يحق لشعب تركيا أن يعرف بالضبط أياً من اهتماماته سيتم تقديمها ، والأسباب التي سيتم متابعتها، والأدوات التي سيتم استخدامها وأي تكلفة”. و أوصا السفيرين بانسحاب القوات التركية من إدلب والعودة إلى المسار الدبلوماسي.