دراساتصحيفة البعث

اتفاق لإنهاء أطول حرب معيبة

 

ترجمة: عائدة أسعد
عن غلوبال تايمز 2/3/2020
وقّعت الولايات المتحدة اتفاق سلام مع طالبان، ووافقت على سحب قوات حلفائها وحلفاء الناتو من أفغانستان خلال 14 شهراً.
لقد تخطّت الحرب التي شنّتها الولايات المتحدة في أفغانستان في تشرين الأول 2001 حرب فيتنام، كونها أطول حرب في تاريخ الولايات المتحدة، وإضافة إلى خوض هذه الحرب غرقت الولايات المتحدة في مشروع واسع النطاق لبناء دولة في أفغانستان بتكلفة نحو 133 مليار دولار.
خطّط الرئيس الأمريكي جورج بوش خلال فترة ولايته لتحويل أفغانستان إلى دولة ديمقراطية، معتقداً أن بلاده ستحرّر أفغانستان من ديكتاتورية بدائية، وهي بذلك تعتبر مهمّة بناء أفغانستان جزءاً من إستراتيجية الولايات المتحدة الكبرى المتمثّلة في الهيمنة الليبرالية.
بعد حوالي عقدين من الحرب لا يزال النظام السياسي والأمن الداخلي في أفغانستان غير مستقرين، ولا تزال أفغانستان واحدة من أفقر دول العالم وتواجه تحديات كبيرة في تحقيق سلام طويل الأجل، وكما قال جافيد أحمد زميل بارز في المجلس الأطلسي: “انتصار الولايات المتحدة في الإطاحة بنظام طالبان الأفغاني لم يكن سوى نجاح كارثي، ولا يمكن الدفاع عن نسخة الحلم الأمريكي لأفغانستان”.
ويعتقد البعض من النخبة العسكرية الأمريكية أن الجهود الأمريكية في أفغانستان كانت فاشلة، ففي كانون الأول 2019 كشفت صحيفة واشنطن بوست عن مجموعة سرية من الوثائق الحكومية تدلّ على اليأس والإحباط والغضب في الداخل. وقال دوغلاس لوت وهو جنرال في الجيش خدم في إدارتي جورج دبليو بوش وباراك أوباما: “بصراحة، لقد كنّا خالين من فهم أساسي لأفغانستان، ولم نكن ندرك ما الذي نفعله”.
الجهود التي بذلتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الحرب في أفغانستان تهدف إلى الفوز في الانتخابات الرئاسية لعام 2020، ففي آب 2017 أعلن ترامب إستراتيجيته الجديدة في أفغانستان قائلاً إنه يشارك الشعب الأمريكي إحباطه من السياسة الخارجية التي قضت الكثير من الوقت والطاقة والمال، والأهم من ذلك الأرواح، في محاولة لإعادة بناء البلدان على صورتنا الخاصة. وأوضح أن الأمر متروك لشعب أفغانستان ليتولى مسؤولية مستقبله ويحكم مجتمعه ويحقّق سلاماً دائماً.
إن وجود الولايات المتحدة في أفغانستان محكوم عليه بالفشل، لأنه يفتقر إلى إستراتيجية ثابتة في بلد آسيوي تتعارض فيه العديد من السياسات مع بعضها البعض، والحرب التي تقودها الولايات المتحدة على الإرهاب تهدف إلى حماية سلامة الأميركيين وحلفاء أمريكا بدلاً من الأفغان، وأودت بحياة عدد كبير من الأفغان بمن فيهم النساء والأطفال، كما زادت عداء الشعب الأفغاني للولايات المتحدة ودفع الكثير منهم لدعم طالبان.
لقد تجاهلت الولايات المتحدة التقاليد السياسية والثقافة الأفغانية، وتسامحت مع أسوأ المجرمين من أمراء الحرب ومهربي المخدرات ومقاولي الدفاع لأنهم كانوا حلفاء لها، وذلك قوّض قدرة الحكومة الأفغانية المحلية في الحكم. وأخفقت الولايات المتحدة في إعادة إعمار أفغانستان اقتصادياً، وتجاهلت تنمية المناطق الريفية والزراعة، وعاد رقم كبير من المساعدات المالية إلى الشركات الأمريكية واشتكى العديد من الأفغان أن تلك المساعدات وهمية.
كما تفتقر محاولات الولايات المتحدة لإعادة بناء أفغانستان إلى الأسس الأخلاقية، لأن واشنطن تتخذ القرارات دائماً لمصالحها، وبنظر معظم الشعب الأفغاني هي قوة خارجية غير مرحب بها وغازية، ولم تكسب دعم السكان المحليين لأنها لم تحترم سيادة أفغانستان، وبالتالي خلقت احتكاكات داخل الحكومة الأفغانية وأعاقت السلام في البلاد. إن فشل الولايات المتحدة في أفغانستان يعكس فخر واشنطن ومعضلة إستراتيجيتها للهيمنة الليبرالية وإدارة ترامب التي تدور حول “أمريكا أولاً”.