دراساتصحيفة البعث

هل يغير كورونا سلوكنا الصحي؟

ترجمة: هناء شروف
عن الديلي تلغراف 1/3/2020

في القرن التاسع عشر، تم تشويه صورة ” إغناز سملويز” عندما حاول إجبار الأطباء على غسل أيديهم بعد إجراء تشريح لجثث النساء اللواتي توفين من حمى الولادة قبل الذهاب إلى الطابق العلوي مباشرة لإنجاب المزيد من الأطفال، ومنذ ذلك الوقت قطعنا شوطاً طويلاً في مجال الصحة العامة، لكن لا يزال علينا المضي قدماً. والآن يجب أن يغير فيروس كورونا أسلوب حياتنا الصحية، والطريقة التي نتصرف بها سواء تسبب في وفاة الملايين أم لا .
الأوبئة مرجحة – أكثر من التغير المناخي- لقتل الملايين من البشر وإحداث اضطرابات في العالم. فقد تأثرت أسواق البورصة اليوم وصناعة السياحة والرياضة الدولية والتجارة العالمية على الرغم من الإمكانيات الطبية المتوفرة. كل ذلك يؤكد أن المجتمع العالمي معرض للخطر، ولكن الأساليب الصارمة ليست هي الأنسب للتعامل من الوباء، إذ يمكننا أن نغير سلوك الناس دون استعمال الحظر، لأننا إذا تعلمنا الدرس القائل: بأننا يجب أن نكون أكثر قوة، يمكن أن تتغير الثقافة والممارسة. والمطلوب منا هو المزيد من الجهد لمنع انتشار الفيروسات.
قد لا يكون معدل الوفيات والإصابة بفيروس كورونا أعلى من الأنفلونزا في النهاية، إلا أن هذا يعد مرضاً بارداً. تقتل الأنفلونزا آلاف الأشخاص كل عام ، ومع ذلك فإننا نعالج التهابات الجهاز التنفسي بشكل خطير باعتباره خطراً لا مفر منه ، مثل الطريقة التي فكر بها أسلافنا في مرض “الجدري”.
سيطرت الصين على فيروس كورونا بأساليب غريبة مثل طائرات بدون طيار تصرخ على الناس في الشوارع، وفرض حظر كامل على السفر، وهو ما دفع منظمة الصحة العالمية للقول: “إن إتباع الصين لتدابير صارمة ودقيقة غير دوائية لاحتواء انتقال فيروس كورونا في بيئات متعددة يوفر دروساً حيوية للاستجابة العالمية”.
نأمل أن ينجم عن هذه المعالجة تحول ثقافي لتغيير عاداتنا بحيث لا نحطم الأمراض الفتاكة في المستقبل فحسب، بل والأمراض غير الضارة أيضاً مثل نزلات البرد. من المشين أن نتعامل مع الفيروسات على أنها إرادة الله وعلينا أن نتحملها بالصبر ، أو أن نسخر من أولئك الذين يبقون في المنزل أو نسفّه من يعزل نفسه بسبب الوباء. إنه لأمر جنون أن نرسل أطفالنا إلى دور الحضانة وأنوفهم تسيل حيث يضخّمون العدوى. ويضاعف من انتشار الفيروسات. كما لو أن لويس باستور لم يعش قط وأن نظرية جرثومة المرض ما زالت مطروحة للنقاش. إنه لأمر سخيف أن يذهب الأشخاص المصابون بنزلات البرد إلى الحفلات ولا يصافحون الآخرين فحسب بل يقبلونهم أيضاً .
يجب أن تؤدي هذه المحنة إلى تغيير في سلوك الناس يسمح ليس للقضاء على هذا الفيروس القاتل فحسب وإنما على فيروسات غير قاتلة. هناك 200 نوع من الفيروسات التي تسبب نزلات البرد وعادة ما تكون المناعة مؤقتة. دعونا نستخدم هذا الوباء، مهما كان سيئاً ، لتغيير عاداتنا ليس فقط مؤقتاً ولكن إلى الأبد.
إن ارتداء القناع عندما تكون مصاباً بنزلة البرد لابد أن يصبح شائعاً مثلما هو في اليابان. وبوجود 7.7 مليار شخص على هذا الكوكب، نحن هدف مغر للغاية للفيروسات الجديدة، وعلى الرغم من أننا قطعنا العديد من الطرق التي يرغبون في نشرها ، ولدينا خبرة جيدة في صنع اللقاحات ، فإننا لا نزال عرضة للكثير من التهابات الجهاز التنفسي التي يمكن أن تقتلنا من حين لآخر وسوف تزعجنا دائماً…