اقتصادصحيفة البعث

نحو استمالة الأموال القذرة..!

 

للأسف بات من الطبيعي تكدّس الأموال القذرة بأيدي ثلة من المتاجرين بالأزمات، بعيداً عن أي اعتبار اجتماعي، إنساني، صحي،..إلخ.
فقبل موجة “كورونا” التي فرضت نمطاً جديداً لاستهلاك الكمامات والمعقمات نجم عنه ارتفاع أسعار واحتكار لدى المنتجين والموزعين، تعرّض المستهلك في مرحلة سابقة لحالات ابتزاز من المتاجرين بحوامل الطاقة من غاز ومازوت، وقبلها تم استغلال حاجته لبعض المواد الأساسية، ناهيكم عن حالات التهريب، وانتشار الثقافة الاستهلاكية المتمثلة بزيادة عدد المولات على حساب الإنتاجية والاستثمارية إلى آخر القائمة، كل هذا أفضى بالنتيجة إلى تشكّل ثروات هائلة بيد ثلة من المتاجرين..!، لنغدو أمام واقع يحتّم على الجهات المعنية اجتراح آليات للتعاطي مع هذا الواقع، ولأن هناك صعوبة بالتمييز بين مصادر هذه الأموال، لمعرفة مدى شرعيتها وقانونيتها وبالتالي مصادرتها، نتيجة اختلاط صالح العمل مع طالحه، ولجوء جامعيها إلى تبييضها عبر ضخها بقنوات عدة تحت مسمى مشاريع استثمارية، وأبرزها المشاريع العقارية، نعتقد أن أبرز ما يتوجب الاشتغال عليه في هذا السياق هو تهيئة البيئة المناسبة لضخ هذه الأموال في مشاريع تنموية حقيقية..!.
إن استمالة هذه الأموال وتسخيرها في المجال الاستثماري ليس بالأمر السهل، وربما يحتاج إلى استراتيجية وطنية تركز على منح مزايا تشجيعية لكل مشروع ذي طابع إنتاجي حقيقي، ويفضل أن يكون ضمن خانة المتوسط والصغير، مع الإشارة هنا إلى وجود الكثير من السلع البسيطة المستوردة التي يمكن إحلال صناعتها محلياً كالقرطاسية مثلاً التي لها رواج في السوق.. هذا بالنسبة لصغار المتاجرين..!.
أما بالنسبة للحيتان فالأمر يتطلب دراسة دقيقة جداً، نظراً لارتباط بعضهم ببعض المفاصل التنفيذية -وهنا نؤكد ضرورة تسريع إصدار مشروع قانون الذمم المالية الملزم بكشف ما تمتلك هذه المفاصل قبل توليها المسؤولية من أصول منقولة وغير منقولة- وبالتالي نعتقد أن أسلم خيار لاستمالة أموالهم هو إحداث شركات مساهمة عامة يمكنهم من خلالها شراء أسهم فيها، وعلى اعتبار أن هذا النوع من الشركات خاضع للحوكمة، وأن الملكية فيها منفصلة عن الإدارة، فإننا نضمن عدم تدخل حملة الأسهم بمسار عمل الشركة وحرف بوصلتها من جهة، ونكون في الوقت ذاته قد حافظنا على عدم انسياقها ضمن قنوات غير سليمة، والأهم أن مخرجاتها ستنعكس على الاقتصاد الوطني من جهة ثانية.
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com