تحقيقات

“اليوتيوبر السوري”.. دفاع عن القيم الوطنية والمجتمعية

في ظل انشغال الجميع بصفحات الفيسبوك التي احتلت الشعبية الأكبر بين مواقع التواصل الاجتماعي بأفكارها السلبية والايجابية الصادقة والكاذبة، بدأ نسق آخر من المواطنين شق عباب تجربة اليوتيوب من خلال إنشاء قنوات بأسمائهم ذات أهداف متعددة، وينشرون عبرها مواهبهم وآراءهم وأفكارهم المتميزة في ظل انخفاض عدد مشاهدي التلفزة لمن هم دون سن الخامسة والثلاثين، وبشكل قد يغير نمط الإعلام الحالي ويهدد بانقراض البث التلفزيوني في غضون العشرين سنة القادمة.

ميزات.. ولكن!!

الطالب حسام أحمد، جامعة دمشق، أكد لنا أنه يعمل حاليا على تعزيز ودعم قناته على موقع يوتيوب من خلال تصوير مقاطع فيديو له عبر جواله توضح قيامه بالتحدث عن أهم المستجدات في العلوم الفيزيائية والجغرافية والطبيعية والنفسية والتكنولوجية بشكل يجذب المتابعين بأعداد كبيرة إلا أن القناة بحاجة لعدد لا يقل عن مائة ألف مشترك حتى تلاقي الرواج المطلوب وكسر المنافسة، بل وقد تحصل على جوائز مالية وعينية عالمية من إدارة الموقع، وقد يستغلها مستقبلا في موضوع نشر الإعلانات التي تدر الأرباح على الكثير من اليوتيوبر “محترفي اليوتيوب” في دول الوطن العربي والعالم. لكن للأسف، فإن موقع اليوتيوب وحتى تاريخه لا يلاقي الرواج المطلوب لدى المجتمع السوري الذي يفضل صفحات الفيسبوك ذات الأخبار اللامعة والتي تعزف على الأوتار الحالمة للمواطن كإشاعات زيادات الرواتب، أو انخفاض الأسعار، أو أخبار المفقودين، أو بيع السيارات الحديثة بأسعار بخسة. كما يصطدم اليوتيوب بمجموعة من الصعوبات الفنية من أبرزها أن الكثير من رواد الأنترنت ليس لديهم بوابات، أو أن بواباتهم ذات سرعة بطيئة، أو يعملون على الخطوط الخليوية وهي مكلفة جدا في حال الدخول لمواقع الفيديو.

لابد من الدفاع

اليوتيوب سلاح خطير في الحروب الإعلامية الخارجية التي تستهدف الأصعدة السياسية والاقتصادية والسياحية، يشنها ناشطون يوتيوبر موجودون في تركيا وغيرها من الدول المتآمرة على سورية وشعبها، أو منفذو الأجندات الصهيوأمريكية، وبعضهم لديهم عشرات الآلاف من المشتركين في قنواتهم المكرسة لتسويق الأكاذيب والفيديوهات المفبركة، بحسب ما أكده لنا الشاب باسل محمود، حيث نلاحظ مثلا مقاطع فيديو لشاب يقوم بجولة سياحية في سورية وهو يقول كلاما معسولا عن تأثره بما أصاب سورية، ثم يبدأ يضخ سمومه التي تلحق الضرر بالسمعة السياحية، كالادعاء زورا أن أسعار المنشآت السياحية في سورية تبلغ ضعفي سعر المنشآت في الأردن علما أن العكس هو الصحيح، أو قيام شاب من اليوتيوبر بتحليل اقتصادنا وبث معلومات تفيد بأنه سينهار قريبا لتشجيع سلوك الدولرة، والإساءة لليرة السورية بكافة الطرق. وبالمقابل نحن بأمس الحاجة ليوتيوبر وطنيين يتصدون لهؤلاء، ويردون على مقاطعهم بمقاطع أقوى. ولمعرفة مدى قدرة اليوتيوب على التأثير، يكفي أن نشير إلى أن شابا مصريا عمره 24 سنة لديه مليون مشترك في قناته، ما يجعلها قادرة على منافسة مجموعة محطات فضائية، وهذا شيء ليس بالسهل في ظل انخفاض عدد مشاهدي القنوات التلفزيونية. وأكد محمود أنه يفكر مع رفاقه في تحويل صفحة قريته على الفيسبوك إلى قناة على اليوتيوب تنشر مشاركات لجميع شبان القرية ذات محتوى هادف، ومدافع عن القيم الوطنية في مواجهة كل الحرب الإلكترونية على سورية، ويتمنى أن تتعمم التجربة على الجميع رغم المعوقات الفنية.

آلام أهل الشهيد

سمير علي يونس من أبرز الشبان الموهوبين، وقد تميز بالدفاع عن القيم الوطنية والاجتماعية، حتى من قبل انطلاق موقع اليوتيوب وصفحات الفيس بوك، وقد حظي بشعبية واسعة وقاعدة جماهيرية كبيرة لدى الكثيرين عبر مقاطع البلوتوث التي تناولت الأزمة السورية وطريقة فبركتها من بعض الدول والمعارضة المزعومة وتجار الدم السوري، ومن خلال دبلجة مقاطع لبرامج الأطفال مثل أنيس وبدر، وأدائه أغان وعزفه على آلة العود، أو من خلال أشعار وزجل تفند جميعها بأسلوب ساخر الفبركات والأكاذيب التي لفقها المعارضون المأجورون؛ وبعد ذلك، أنشأ صفحة على الفيسبوك سماها “شاعر الوطن” حظيت بالآلاف من المتابعين، ثم أنشأ قناة بذات الإسم على موقع اليوتيوب. وأكد لنا سمير علي حسن أنه تأثر بجو عائلته فوالده متقاعد من الجيش، وأسماه سمير على اسم صديقه الشهيد، وأن إخوته ضباط في الجيش، وأنه امتلك موهبة الغناء والعزف على العود منذ الطفولة، وأنه حاول تنمية موهبته الفنية مع عدد من رفاقه وأحيا عددا من حفلات الأعراس الشعبية، ثم بدأ بإضافة مقاطع على الأغاني ومن ثم كتابة وتأليف الكلمات والأشعار، وأكد أنه بالرغم من أنه يعاني وضعأ ماديا سيئا جدا إلا أنه نجح في استغلال برامج الجوال لإنشاء الدبلجات وتقنيات الصوت والصدى واجتزاء وتحرير مقاطع الفيديو ومؤثراتها دون امتلاكه حتى جهاز كمبيوتر؛ كما حاول مواكبة الهم المعيشي للبلاد التي تعاني من ويلات الحصار وصعوبة الحصول على الأساسيات كالمازوت والغاز، وارتفاع الأسعار، موضحا أن طريقته لا تحل المشكلة ولكنها تسهم في زيادة الوعي وتدخل الضحكة إلى قلوب المتابعين، كما انتقد سمير يونس بهذه الطريقة أيضا بعض الظواهر المسيئة للقيم مثل ظاهرة سرقة الدراجات النارية وغيرها من الظواهر السلبية.

بشار محي الدين المحمد