تحقيقات

الشائعات تسوّق الأكاذيب وتشوّه المجتمع!

يتسابق الناس في هذه الأيام على تعميم الحالة السوادوية التي باتت تمثل الحصة الأكبر من واقع الحياة العامة، حيث تنزلق كل القضايا والملفات الاقتصادية والاجتماعية تحت مظلة التأفف والشكوى على ألسنة الناس دون تمييز بين الوقائع والتفاصيل التي تمثل حقيقة مايجري فعلاً وماتمثله تداعياتها على المجتمع وبين تلك التي يتم تناقلها بشكل اعتباطي وتستند في غالبيتها على الشائعات المؤثرة في الرأي العام داخل الشارع السوري، والتي تطعن في كل المنظومات الوظيفية والقانونية والأخلاقية وغيرها.
ومع تعدد أوجه المعاناة وتكرار الأحاديث المتعلقة بالوجع الاقتصادي والمعيشي تتكاثر آلاف المنشورات والأحاديث التي تحبط المبادرات الإيجابية في بداياتها وكما حصل في الحياة الاقتصادية يحصل في الحياة الاجتماعية، حيث تتنامى الأكاذيب لتحدث تشوهاً أخلاقياً يروج له عبر وسائل التواصل الاجتماعي وفي الأحاديث العامة التي تنجذب وبقوة إلى قصص الإثارة بكل أنواعها وأشكالها، حيث تعمل منظومة الرواة والشهود على تسهيل إصدار الأحكام بسوداوية الحياة الاجتماعية وخروجها عن الأعراف والتقاليد من خلال اللجوء إلى الاقتباس والتأليف وكتابة سيناريو تلك القصص المختبئة تحت عباءة “الفضائح الجنسية” واتهاماتها الطاعنة ببراءة من تستباح كرامتهم وأخلاقهم بتهم مشينة ودون أي دليل سوى الأقاويل الناقصة والإفادات التي تحمل الكثير من التناقضات والاتهامات الغيبية الناضحة بالغموض والناطقة بصيغ المجهول فيدان الفعل وتسوقه الشائعات إلى منصة الاتهام دون أي إثبات سوى تلك الرواية الافتراضية التي تتحول مهما كانت ضعيفة أو متناقضة في أحداثها إلى دليل إدانة يستدرج القضية برمتها إلى ساحة الجريمة الكاملة فتغلق جميع الأبواب أمام المتهم الذي يكون أو”تكون” في وضع لايحسد عليه لتلاحقه التهمة أينما ذهب بحيث تفشل جميع محاولاته لاسترداد براءته التي باتت بحكم السمعة المشبوهة.
ونحن هنا لا ندافع عن المسيء أو نبرء تلك الأفعال المشينة التي نقر بوجودها، وخاصة في هذه الأيام بل نحاول رفع الغطاء عن مجتمعنا الذي ينشغل أفراده في سرد قصص الخيانة الزوجية والعلاقات المشبوهة خارج مؤسسة الزواج بحيث وصلنا إلى مرحلة الشك المرضي بمقومات المجتمع وحاضنته الأسرية فبدلاً من التروي في إطلاق الأحكام النهائية التي قد تنهي حياة أسرة لمجرد الشبهة يلجأ الكثير من الناس إلى التعميم الأعمى الذي ينسف جميع الشكوك ويستبعد البراءة بحيث تصبح أي تهمة مثبتة حتى ولو غابت الدلائل والبراهين المادية والشهود بحيث يوضع الجميع في خانة ……؟
ومن الواضح أن ازدياد حالات الطلاق والهجرة الزوجية وتضخيم بعض الحالات التي يقدم فيها البعض على الانتحار أو القتل بدافع العشق .. لايمثل الواقع فهناك العديد من القصص التي جرت إلى قفص الإدانة والاتهام بناءً على الأقاويل، وهذا مايدين أولئك الذين يعملون على النبش في الخصوصية والتسلل إلى داخل البيوت لتخريب أي مبادرة تسهم في لملمة ماتبقى من الحياة الاجتماعية ومحاولات تقويم السلوك وإعادته إلى سكة الانضباط. فهل نتعقل وتتم محاسبة وتجريم كل من ينشر ويروج لهذه القصص أم نستمر في جلد المجتمع بسياط الاتهامات والفضائح الساقطة في فخ الشائعات؟.
بشير فرزان