الصفحة الاخيرةصحيفة البعث

فلسطين “ليست” قضيتي!!

عبد الكريم النّاعم

انتشرت هاشتاغات على صفحة التواصل الاجتماعي، وعلى بعض الفضائيات، تُعلن “فلسطين ليست قضيتي”، واهتمّت بها فضائيات بلدان لم تعد تخجل من الدّعوة للتطبيع مع العدو الصهيوني، والجديد في كلّ ذلك أنّها دعوة علنيّة، لا تلكّؤ فيها ولا مُوارَبة.. ذكّرني هذا بكتابات تفوح منها رائحة ليست بعيدة عن هذا النّهج في “بعض” كتابات الدّاعين لَلسوْرنَة!! ورافق ذلك أنباء عن “شيخ” في تونس يدعو إلى التطبيع مع الصهاينة، وذلك ممّا يجعل الشُّبهة مركبّة، مفضوحة المَرامي، فيما يعلن نتنياهو عن استعداده لضمّ الضفّة، كما يُعلن السفير الأمريكي في كيان العدو أنّ الدولة الفلسطينيّة ستقوم حين يحمل الفلسطينيّون جنسيّة كَنديّة!

ما سبق يحمل في طيّاته أنّ هذا القصف التمهيدي عبر الإعلام، وراءه جهات منظِّمة، وأنّه المقدّمة لنقلة قادمة، كبيرة الخطورة، ولهؤلاء، ولمَن كان في نفسه شيء من تلك الهواجس، أقول:

– إنّ مجرّد تقبُّل فكرة التطبيع مع العدو هو خُبث في الوعي، وإعراض عن حقائق ثابتة، علماً أنّ أيّ مشروع يتوهّم أنّ المصالحة مع العدو، والتّنازل ولو قليلا عن ثوابت المقاومة، هو تخاذل، وتنكّر للقيم الوطنيّة والقوميّة، ولا يسخرنّ ساخر من هذا الكلام، فلقد أقام الفرنجة الغزاة في فلسطين قرابة المائتي عام، وتفكّكت أوصال الأمة آنذاك أكثر من التفكّك الذي نحن فيه، وحين جاءت اللحظة المناسبة انتهى ذلك المشروع، الذي يجدّد نفسه الآن في احتلال فلسطين، وما من هزيمة أشنع من انهزام الناس يأساً وتسليما، على أمل الحصول على الفتات.

لعلّ من يقول لقد رفضت هذه الأمّة ما عُرِض عليها من تقسيم فلسطين، ثمّ ها هو النّدم النّاتج عن عدم قبول ما عُرض آنذاك، وبين أيدي هؤلاء كمّ من الدلائل، والتي لا تعني، في حقيقتها، أنّ ما عُرض عليها كان سيشكّل نهاية المطاف، فكلّ الدلائل تشير إلى عكس ذلك.

– لهؤلاء نقول: لا تنسوا أن شعار إسرائيل المرفوع في صدر الكنيست “حدودك يا إسرائيل من الفرات إلى النّيل”، ولن يقبلوا بأقلّ من ذلك، لأنّه المشروع المُعلَن من قِبَل العواصم الغربيّة لمنع قيام أيّ وحدة، أو اتّحاد، أو أيّة صيغة تسمح بتجمّع العرب، وهذا ليس كلاما إنشائيّا، ولا لغة “خشبيّة”، فتلك حقائق قائمة على الأرض، وأذكّر هؤلاء بأنّ الخطّين الأزرقين الموجودين في العلَم الصهيوني هما إشارة إلى الفرات والنّيل، وأنّ العدو، بمُسانديه، لن يقبل بأقلّ من ذلك، ولم يكن حريق الخراب العربيّ الذي لم تخمد نيرانه بعد إلاّ جزء من الخطّة الصهيونيّة للوصول إلى بعثرة المنطقة، للسيطرة لا على الموارد فقط، بل وعلى مستقبلها، وعلى ما في ماضيها، فهم يريدون غزو التاريخ، وغزو النفوس.

– إنّ فلسطين قضيّة كلّ العرب، ولن تعرف المنطقة الهدوء، بل ولا العالم، ما دامت هذه القلعة الصهيونيّة المدجَّجة موجودة، وثمّة بوادر على درجة كبيرة من الخطورة، فثمّة تسريبات عن عزم هذا العدو على المطالبة بأملاك الصهاينة الذين كانوا يقيمون في الأقطار العربيّة، وليس هذا فحسب فثمّة مَن يقول إنهم سيطالبون بحصّتهم من نفط الكويت!!، ويمتد الأمر للمطالبة بما كان لبني قريظة وقينقاع في المدينة المنوَّرة، ويُسمع هذا في وقت يصمّ “الحكام” المعنيّون آذانهم وكأنه لا يعنيهم، وما هذا بغريب، فقد ساهموا في قيام هذا الكيان منذ بداية وضْع ذلك المشروع على الورق، وكان بعضهم ظهيرا مُفزِعا لهم.

– إنّ خيار المقاومة هو الخيار الوحيد الموصل لبعض أهدافنا، ورغم كلّ ما نعاني منه، فإنّ هذا المحور لديه الآن من الوسائل ما جعل العدوّ عاجزاً عن تنفيذ ما يطمح إليه، بل وجعلت العدوّ ويفكّر في مسألة بقاء هذا الكيان.

قد ينجح هذا العدو في تطبيع علاقاته مع “حكّام” العرب، وسيظلّ عاجزا عن الوصول إلى قلب جماهير هذه الأمّة، وشعب مصر العربيّ أنصع دليل.

إنّ فلسطين هي قضيّتنا جميعا، ولن يثنينا عن هذه القناعة الفقاعات التي يطلقها الموساد الإسرائيلي هنا وهناك، وإنّها لَمقاومة حتى التحرير.

aaalnaem@gmai.com