تحقيقات

مخاوف الأطفال تدعمها التعاملات الخاطئة !

لدى العديد من الأطفال مخاوف غير منطقية من وجهة نظر الكبار، فهم يخافون من الظلام، ومن الوجوه المخيفة، والحيوانات، وقد يقول أحدهم إن هناك مسخاً في العلية ، أو إنه رأى ثعباناً في خزانة الثياب، أو قرشاً في حوض السباحة، إن مخيلة الأطفال الخصبة تلعب دوراً مهماً في مثل تلك المخاوف التي تبدأ عادة من سن الثالثة، وقد تستمر طيلة فترة الطفولة.
وأوضحت الدراسات حول هذا الموضوع أن 43% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم من السادسة إلى التاسعة يخافون من المسوخ والأشباح، كما يخافون أيضاً من بعض الظواهر الطبيعية الحقيقية مثل الرعد والبرق.

الخطوة الأولى
هنا نسأل: ماذا على الأهل أن يفعلوا من أجل المساعدة ؟ وفقاً لجان ستيمسبون مؤلفة كتاب تنشئة أبناء سعداء، فإن الخطوة الأولى للتعامل مع تلك المخاوف هي بالتعرف على ما يشعر به الطفل، وتضيف قائلة: “هناك اتجاه في المجتمع يفيد بأنه إذا ما طلبنا من الأطفال ألا يخافوا، وأن يتظاهروا بعدم الشعور بما يشعرون به، فإن ذلك سيجعلهم شجعاناً أقوياء”.
في الواقع، وعلى حد قول جان فإن العكس صحيح، فالطفل يحتاج إلى أن يعلم بأنه لابأس في أن يخشى المرء من شيء ما حتى وإن كان غير منطقي أو موجوداً، ويجب أن يدرك الأهل أن فكرة وجود ساحرة في خزانة الثياب هي فكرة مخيفة فعلاً لأبنائهم، لذلك ما إن يشعر الطفل أن هناك من يستمع اليه، فليعلم الآباء أنه الوقت المناسب للبدء بطمأنة الطفل وتوضيح الأمور بشكل منطقي وعقلاني، فمثلاً تخبرهم بأن الساحرات يظهرن فقط في القصص والأفكار، وليس في الحياة الحقيقية، ولا يضير إذا ما اعترف الآباء لأبنائهم بأنه قد اعترتهم مثل تلك المخاوف عندما كانوا في مثل سنهم، أو مثلاً يطمئنونهم بطريقة عملية بتفحص ما تحت السرير مثلاً أو خلف الستائر ليؤكدوا أنه لا يوجد شيء ليخافوا منه، وإذا لم يقم الأهل بتلك الأمور فإن الأطفال سريعاً ما يعتادون على عدم البوح بمخاوفهم إذا ما صرف أهلهم النظر عن مخاوفهم واعتبروها هراء، ولكن من المؤكد أن الخوف سيستمر، وقد يكون هذا مضراً لهم لأن الطفل قد يصبح مضطرباً ومرتبكاً فيما يتعلق بمشاعره، ومن الواضح أن التلفزيون والقصص يغذيان مخيلة الطفل، وطبعاً ليس دائماً بنماذج إيجابية، لذلك فإن من الأفضل التأكد من أنهم لا يشاهدون الضار والمخيف.

مواقف مخيفة
تعتقد جان أنه من المهم إيجاد موازنة بين تلك الأمور، فلايزال الأطفال في حاجة إلى التعرّض للمواقف المخيفة التي من شأنها أن تبني بعض جوانب الشخصية، وأضافت: يجب أن يكون الأهل على علم بما يشاهده الأبناء، ومع ذلك يحتاج الأطفال إلى اكتشاف العالم الذي يحيط بهم بمفردهم، وكما نعلم فإن مرونة الأطفال وقابليتهم للتكيف مع الأشياء تأتي من تجربتهم للأشياء، فلا يحتاج الآباء لخلق عالم آمن كامل.

تجربة واقعية
كانت لوري البالغة من العمر 3 سنوات تحب مشاهدة أفلام الكرتون، لكنها كانت تخاف من القطط السيامية التي تظهر في الفيلم الكرتوني، تحدثنا والدتها جولي فيشر عن ذلك بقولها: هي تشاهد العديد من البرامج الكرتونية المرعبة مثل سكوبي دو،
لكنها كانت تستمتع بذلك وتبدو سعيدة، لكنها ولسبب ما أجهله خافت من القطط السيامية ومن عينيها المخيفتين، فأصبحت تركض خارجة من الغرفة كلما ظهرت تلك القطط في التلفزيون، وفي أحد الأيام جلست معها وأوضحت لها أن ذلك البرنامج ليس حقيقياً، بل مجرد خيال لإسعاد الأطفال، وعندما عرض برنامج القطط  قمت بفتح وإغلاق التلفزيون عدة مرات لتعلم بأنه يمكنها إبعاده عنها عندما تريد وترغب بذلك، ومن ثم أدركت لوري أنها قصة كرتونية ليس إلا، إذاً ليست الحقيقة وحدها التي ساعدتها على التغلب على مخاوفها، بل هي أيضاً الطريقة العملية الذكية والحكيمة للتعامل مع تلك الأمور.

إبراهيم أحمد