برنامج إحلال البدائل في مواجهة صناعات منافسة وعالية الجودة!!
دمشق – ميادة حسن
سياسة صناعة بدائل المستوردات أحد المفاتيح الإيجابية لخلق اقتصاد منتج وأكثر صموداً أمام الأزمات المستقبلية، فهي تهدف إلى إنشاء صناعات وطنية قادرة على الحد من السلع المستوردة، وتساهم في تخفيض عجز الميزان التجاري، بالإضافة إلى تحفيز القطاعات الإنتاجية الوطنية وحمايتها من منافسة المواد والسلع المستوردة، لذلك تعمل الحكومة حالياً على مراجعة وتحليل قائمة المستوردات وتحديد المستوردات التي يمكن إحلال صناعات محلية بديلة عنها وفق معايير محددة، ولاسيما تلك التي تشكل عبئاً على الميزان التجاري، حيث سيتم تطبيق سياسة صناعة بدائل المستوردات على عدة مراحل تبدأ بالسلع الاستهلاكية، كالمواد الغذائية والملابس وغيرها، ثم إحلال السلع الرأسمالية والإنتاجية، كالمعدات والآلات، بحيث يتم توجيه الاستثمارات باتجاه القطاعات القابلة للإنتاج محلياً، والتي يمكن أن تمتلك سورية ميزة أو قدرة لإحلالها على المستوى الوطني، وانطلاقاً منها باتجاه الأسواق الخارجية، على أن تقدم الحكومة المحفزات لدعم إقامة صناعة بدائل المستوردات على كافة المستويات التنظيمية والتمويلية وتسهيل وتسريع الإجراءات.
صناعات استراتيجية
مدير المدن والمناطق الصناعية في وزارة الإدارة المحلية المهندس علي بلال بيّن أنه يتم منح الأولوية بتخصيص المقاسم في المدن والمناطق الصناعية لمشاريع بدائل المستوردات وتأجيل المطالبة بتسديد الدفعة الأولى، لحين بدء المشروع بالعمل وتمديد مدة استيفاء الأقساط، كما تشمل المحفزات تخفيض 7% من فوائد القروض التي يتم منحها لإقامة هذه الصناعات وتجهيزها بالآلات والمعدات اللازمة للإنتاج، وتشمل قائمة الصناعات ضمن برنامج إحلال بدائل المستوردات عدداً من الصناعات الاستراتيجية منها صناعة الخميرة والورق والنشاء والقطر الصناعي ومستلزمات الري الحديث، بالإضافة لصناعة الأقمشة المصنرة والخيوط والمصابغ والألواح الزجاجية والبطاريات والانفيرترات وأجهزة الإنارة والأحذية والأنعال والبريفورم والعبوات والسدادات التي لا تنتج محلياً.
وتدخل ضمن هذه الاستراتيجية صناعة عبوات وألواح وكابلات وقضبان الألمنيوم وأدوات المائدة والأدوات المطبخية والأجهزة والأدوات الطبية والسيراميك والرخام والغرانيت والإسمنت واللاصق والفلدسبار وصناعة تدوير البطاريات ومعارض لسوق السيارات.
لابد أن صناعة بدائل المستوردات خطوة هامة وإيجابية نحو دعم القطع الأجنبي وعدم استنزافه في مستلزمات الإنتاج، ومن وجهة نظر متخصصة يرى الأخصائي الاقتصادي فادي عياش أنها طريقة إيجابية باتجاه حماية الصناعة الوطنية وواجبة لإنعاش صناعات جديدة رافده للصناعات الأخرى التي تحتاج إلى لوازم إنتاج مختلفة كالخيوط والنعال والإنارة وغيرها، فهي صناعات ليست مكملة فقط وإنما مساعدة في إعطاء القيمة المضافة لمنتجاتنا، لكن هذا النوع من الصناعات يحتاج إلى الدعم والرعاية بما أنها صناعات ناشئة تحتاج أن تكون بقيمة وطنية عالية تقدم لها الإمكانات الفنية والآلات ومراحل الإنتاج لجعلها بمستوى المنافسة مع السلع المشابهة لها من المستوردات، ويضيف عياش: في حالات الحرب التي نعيشها تكون صناعة بدائل المستوردات عاملاً هاماً في زيادة حجم الصادرات وما تلبيه من زيادة القطع الأجنبي، وتقليل استنزافه عبر اختيار مجموعة من السلع التي تأخذ مكانها مع الأولويات لهذه الصناعات التي تخفض نسبة فاتورة المستوردات.
مخاوف
بالعموم تحتاج مجموعة السلع التي خضعت لبرنامج إحلال بدائل المستوردات للدعم المباشر من تقديم التسهيلات والقروض وتشجيعها وتطويرها بكافة الأشكال، إلا أنه لابد من دراسة مخاطر هذا النوع من الدعم وتأثيراته السلبية، حيث يرى عياش أن هذه الصناعات لابد أن تكون بمستوى السلع المشابهة لها من المستوردات حتى تستطيع منافستها في السوق وجذب المستهلك لها بجودتها العالية ومعاييرها العالمية. وفي حال لم تحقق هذه الصناعات هذا الشرط فإنها ستتحول إلى عبء كبير على كاهل الصناعة، ولابد أن تكون منافسة بأسعارها أيضاً لأنها منتج محلي، وهنا لابد من الإشارة إلى ضرورة الحفاظ على قطاعات وسلع انتقائية وأن تكون الامتيازات بحسب الأولويات، بحيث يكون الدعم مؤقتاً ريثما تستطيع تلك السلع إثبات وجودها في الأسواق خلال مدة زمنية محددة وليس بشكل دائم ومستمر، لأن ذلك يسبب الفشل نتيجة الاعتماد على الدعم الحكومي ومساعدتها، كما يجب ربط هذه المنتجات مع سلسلة الصناعات ذات القيمة المضافة والاعتماد على شركات القطاع العام مثل قطاع النسيج الذي يعتمد على نمر خيط بصفات محددة ودقيقة وجودة عالية وبسعر منافس، لذلك يتطلب تأمين الخيط الذي يمنع استقطاب السلع المهربة التي تزيد من إشكاليات الصناعة، أخيراً لابد من النظر إلى الصناعات التحويلية التي تساهم في تأمين دورة وسلسلة متكاملة من عملية الإنتاج والقيمة المضافة لها كصناعة الصوف وغيرها.