تحقيقات

الأب.. الركيزة الداعمة و المثل الأعلى للمؤسسة الأسرية

خلافاً لكل عام، مرّ عيد الأب وسط معايدات من الأبناء ملأت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وبعض مواقع الأخبار التي خصصت زاوية للاحتفال بيوم الأب الذي كان يمرّ مرور الكرام في السابق دون أن يتذكره أحد، على عكس عيد الأم الذي يحدث ضجة قبل قدومه بأسابيع، حيث يتنافس الأبناء في تقديم الهدايا للأمهات، في حين كان عيد الأب من المنسيات، ومن الأعياد التي تغفل وسائل الإعلام الإضاءة عليه، وتكاد تخلو واجهات المحلات من الزينة أو الهدايا المخصصة للأب، في حين نجد الدول الغربية تتفنن بالاحتفال بهذا اليوم، ما خلق الكثير من التساؤلات حول الصمت المحدق بعيد الأب الذي لا عز كعزه ولا خوف إلا في بعده.

معايدات شفهية
على الرغم من تذكر الكثيرين هذا العام لعيد آبائهم، إلا أنهم اكتفوا بمعايدات شفهية وفيسبوكية دون تقديم هدية أو حتى إقامة حفلة صغيرة تعبّر عن الشكر والامتنان لهذا الأب الذي ضحى وقدّم الكثير لأبنائه، لنجد عبارات اللوم من الرجال تملأ صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، مطالبين بحقهم على أبنائهم وعلى مجتمعهم بالتذكير بهذا اليوم الذي خصص لتكريمهم، والذي بدأ في ولاية أمريكية بتخصيص يوم لتكريم الأب من قبل فتاة اسمها “سونورا لويس سمارت دود” في عام 1909 بعد أن استمعت إلى موعظة دينية في يوم الأم أرادت سونورا أن تكرّم أباها وليم جاكسون سمارت، وكانت زوجة سمارت قد ماتت عام 1898م، وقام بمفرده بتربية أطفاله الستة، لذلك قدمت سونورا عريضة تُوصي بتخصيص يوم للاحتفال بالأب، وانتشر هذا العيد من أمريكا إلى جميع أنحاء بلاد العالم ومنها سورية، لبنان، الأردن، مصر، ولكنه لا يحظى بشعبية كبيرة، وتختلف أيام الاحتفالات بعيد الأب، ففي عدد من الدول العربية كسورية ومصر ولبنان يتم الاحتفال به في 21 يونيو من كل عام، وفي ايطاليا والبرتغال وبوليفيا يحتفل به في 19 مارس من كل عام، وفي دول كالهند والباكستان وسويسرا وتركيا يحتفل به في 21 يونيو، ويعتبر عطلة رسمية في بلدان كالولايات المتحدة.

المثل الأعلى
الأب هو الركيزة الداعمة لأسرته، لذلك كان لزاماً عليه البحث عن جميع السبل لتأمين لقمة العيش لأطفاله خلال سنوات الأزمة، ما اضطر الكثيرين للسفر إلى الخارج، أو حتى العمل في البلد صباحاً ومساء، وغيابهم عن المنزل لفترات طويلة، الأمر الذي يحتّم على الأبناء تقدير تضحيات آبائهم، والتعبير عن ذلك معنوياً أكثر منه مادياً، ولكن للأسف تحصر الكثير من المجتمعات دور الأب في توفير المورد المالي للأسرة، وبالتالي تقلل من أهمية ودور هذا الأب الذي يؤدي وجوده إلى تحقيق التوازن الأسري السليم، ففقدان أي من الأب أو الأم يؤدي لخلخلة هذه المؤسسة الكبيرة، الأمر الذي ينعكس على المجتمع ككل لاحقاً، وأظهرت دراسات لا حصر لها أهمية دور الأب في مرحلة الطفولة المبكرة، ويعد هذا الدور الآن عنصراً مهماً في التأثير على الكفاءة الاجتماعية للطفل، والمبادرة الاجتماعية، والنضج الاجتماعي، والقدرة على الاندماج مع الآخرين، فجميع الأطفال بحاجة إلى حب الآباء، وأوصت الدراسات بضرورة تسليط الضوء على دور الأب من أجل توفير لقمة العيش والحياة الكريمة لأسرته وحبه الخالص لعائلته، وتفانيه من أجل إسعادهم، ورغم برودة العلاقة بين الآباء وأبنائهم نتيجة الانشغال الدائم للأب خارج المنزل على عكس العلاقة مع الأمهات، إلا أن الأب يبقى المثل الأعلى للابن، وحب الفتاة الذي لا ينتهي، فجميل أن يذكر الأولاد آباءهم الذين تعبوا وضحوا وسهروا كي يروا في أولادهم رجالاً ونساء يفتخرون بهم، ويشعرون بأن تضحياتهم لم تذهب سدى.

ميس بركات