دراساتصحيفة البعث

من تفضل الصين لرئاسة الولايات المتحدة ؟

ترجمة وإعداد: عائدة أسعد

لن يغير أي منهما سياسة الولايات المتحدة تجاه الصين، ولكن هناك فرق رئيسي واحد: سيعمل جو بايدن على إصلاح العلاقات مع حلفاء الولايات المتحدة الذين يشعر أغلبهم بالقلق من بكين وهم أكثر ميلاً إلى اتخاذ إجراءات جماعية ضدها في المستقبل، وسيشفي بايدن تدريجياً جروح أمريكا التي ألحقتها بنفسها. أما الرئيس دونالد ترامب سيواصل علاقات أمريكا الممزقة مع حلفائها.

من يكون الأفضل للصين دونالد ترامب أو جو بايدن خصمه المفترض في الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني القادم؟ قد يبدو هذا السؤال سخيفاً نظراً لسجل ترامب في الصين، وليس من السهل الإجابة عليه لأن للعلاقات الثنائية العديد من المفاصل المتحركة وما هو جيد لـ بكين ليس بالأبيض والأسود.

إن محور ترامب بعيد عن عقود من الانخراط الأمريكي النشط مع بكين والاستعداد للنظر في الاتجاه الآخر بشأن سرقة الملكية الفكرية والتدخلات السيبرانية والممارسات التجارية غير العادلة، ما يعني أن بكين قد تفضل أي شخص آخر.

ومع ذلك فإن التصدع في العلاقات بين أمريكا والصين ليس مؤقتاً ويدرك المشرعون والشركات والمواطنون في كلا البلدين أن شيئاً أساسياً قد تغير في العلاقات الثنائية وأن التغييرات في سلاسل التوريد والتجارة والاستثمار والإقراض باقية.

لقد كان سجل بايدن بشأن الصين بشكل عام لصالح الشراكة لكنه دعم أيضاً السياسات المتشددة المناهضة لمصالح بكين فعلى سبيل المثال بعد أن انضم لأول مرة إلى مجلس الشيوخ في عام 1973 صوت لصالح قانون علاقات تايوان التي تنص على الدعم الأمريكي لأمن تايوان.

وفي عام 2001 شكك علانية في “الغموض الاستراتيجي” لإدارة بوش، ودعم بناء البحرية الأمريكية بنسبة 60 في المائة من سفنها في آسيا، وانتقد معاملة حكومة الرئيس شي جين بينغ للأيغور والمحتجين في هونغ كونغ.

لا يعد بايدن بشكل عام ممن يتعارضون مع التيار في السياسة الأمريكية، ما يعني أنه سيؤيد استمرار المسار الذي سلكه ترامب خاصة وأن الكثيرين في واشنطن وحول أمريكا ينظرون إلى إجراءات ترامب التي طال انتظارها. وينتظر أن يترأس بايدن إصلاح علاقات أمريكا مع العديد من حلفائها  الذين عانوا ضربات حقيقية تحت حكم ترامب، وهنا يكمن مفتاح ما قد يهم بكين في النهاية.

أما في ظل إدارة ترامب الثانية- إن نجح- ستستمر علاقات أمريكا مع حلفائها في التدهور بشكل واضح، وهذا بالتأكيد يصب في مصلحة بكين وكذلك قدرة الحكومة الصينية على الاستمرار في رسم سياسات واشنطن على أنها تتعارض مع مصالح الصين على المدى القريب والبعيد.

عندما عانى الاقتصاد الصيني من أسوأ مجموعة من التحديات في العقود الثلاثة الماضية استطاع الرئيس الصيني شي جين بينغ التغلب على الارتدادات الاقتصادية وتجاوزت الصين العقوبات الأمريكية حتى باتت هي من تفرض رؤيتها على الولايات المتحدة.

من المرجح أن تشهد رئاسة بايدن الإصلاح التدريجي لعلاقات واشنطن، لكن ليس بالضرورة مع الصين، وهذا شيء مهم للرئيس الصيني كي يرسم الخطة الجديدة مع الرئيس الأمريكي الجديد، خاصة أن لأمريكا حلفاء قلقين من نوايا بكين.

لذلك نظراً لأنه من غير المحتمل أن يتغير المشهد السياسي قريباً على جانبي المحيط الهادئ فلا يوجد مجال قصير الأجل لتحسين العلاقات بشكل ملموس. وهذا يعني أن بكين قد تفضل “الشيطان” الذي تعرفه على القادم الذي لا تعرفه.  وبما أن ذلك رهن الناخب الأمريكي فإنه يجب على بكين أن تؤمن بأن مصالحها على المدى الطويل تكمن في استمرار رئاسة ترامب ومعها علاقة متقطعة مع حلفاء الولايات المتحدة، والتي تكمل المجتمع الأمريكي الممزق.