تحقيقات

في مجلس محافظة طرطوس.. جدل ساخن حول الالتهاب العقدي للأبقار ولكن دون حلول!

لم يثلج حديث د. حسين السلمان، مدير الثروة الحيوانية في وزارة الزراعة، وفريق التقصي الذي أحضره معه مدير زراعة طرطوس، صدور أعضاء مجلس محافظة طرطوس، ومن خلفهم مربو الأبقار وتنظيمهم الفلاحي خلال انعقاد دورة المجلس العادية الثالثة التي شهدت جدالاً ساخناً واتهاماً مباشراً وصريحاً للوزارة بتقصيرها وعدم القيام بما يجب لتوفير سبل الوقاية، وكذلك العلاج، كما أن ما كشفه “السلمان” من حزمة إمدادات دوائية ودعم تقني ومبيدات كانت مفاجئة للعديد من الأعضاء الذين لم تصلهم أخبار هذه الحزمة حتى موعد انعقاد دورة المجلس لتشكّل هي الأخرى فرصة للتشكيك بصحتها وعدم وصولها للمربين الذين تضرروا بسبب نفوق ما لديهم من أبقار؟!.

سرد
رغم السرد الإيضاحي الذي توالى على تقديمه كل من ممثّل الوزارة، وم.علي يونس مدير زراعة طرطوس، وراتب إبراهيم عضو المكتب التنفيذي المختص في المحافظة، إلا أنه كان في مكان آخر ولم يلق أية نتيجة حاسمة لتبرير ما ذهب إليه الأعضاء المتحمسون لإلقاء الكرة في مرمى وزارة الزراعة، مع ضرورة تقديم التعويض المادي لكل مرب، ورغم توضيح الوزارة حول المرض الالتهابي والتعريف الرسمي للمرض كونه التهاباً عقدياً، وليس كما يطلق عليه العامة بالمرض الجدري، وكذلك كونه فيروساً عابراً للحدود، وأن سورية عرفته منذ 2014، حيث ينتقل بواسطة الحشرات من بعوض وناموس وغيرهما من راشفات الدم، وكذلك تطمينات الوزارة بأنه لا أثر ضاراً سواء في الحليب أو اللحوم للأبقار المصابة، بحسب تأكيدات منظمة الصحة الحيوانية العالمية، والعديد من مراكز الأبحاث، إلا أن أسئلة تحمل شبهات “التقزز” المرافقة للإصابات كانت كافية لطرح المزيد من الشكوك حول صحة هذه الأبقار على الإنسان.

إصابات محدودة
بدوره مدير الزراعة قدم عرضاً لمجمل الإصابات التي لا تتعدى 2533 حالة إصابة، ونفوق المثبت 67 بقرة حتى تاريخ السابع من الجاري، كما أن الوزارة قدمت مساعدات للوحدات الإدارية فيما يخص عمليات الرش والتعقيم كون قسم كبير منها لا يملك الوسائل اللازمة من جرارات ومضخات، بالإضافة للقيام بعمليات التلقيح والإشراف الدائم والمستمر للحالات المصابة، مع الإشارة لوجود أكثر من 31 ألف رأس بقري في المحافظة.

دعم إسعافي
بدوره لفت عضو المكتب التنفيذي المختص إلى أن المحافظة قدمت بتوجيه من المحافظ مبلغ 20 مليون ليرة كدعم إسعافي لتقديم العلاج للأبقار المصابة شملت مستلزمات لرش الحظائر وغيرها، لافتاً إلى أن المحافظة سوف تبقى تطالب بضرورة تشميل الإخوة المربين بالتعويض حتى يتحقق هذا المطلب وغيره من المطالب المحقة للفلاح.

أدراج الريح
مضر أسعد، رئيس اتحاد فلاحي طرطوس، تحدث عن واقع التقصير والإهمال من قبل الوزارة، وعدم التحرك السريع لدرء الواقعة قبل وقوعها، كما تساءل عن جدوى الجولات الميدانية التي أعلنت عنها الوزارة بعدما وقعت “الفأس في الرأس” كما يقال، وتعرّض المربون لما تعرّضوا له من خسائر بالملايين بسبب نفوق أبقارهم، وبعدما تكبدوا مئات الآلاف من الليرات كعلاج وأدوية، ومع ذلك ذهبت أدراج الريح مع طمر أبقارهم، حيث كانت تشكّل للقسم الأكبر مصدر دخل وحيداً لعائلاتهم، في ظل تصريحات رسمية من الوزارة بأن صندوق التخفيف من الكوارث لا يشملهم بهذا النوع من التعويض المادي، وإن كان شكلياً لا يغطي حتى ثمن العلاج في أدنى قيمه، كاشفاً عن الإحصائيات المقدمة من قبل الزراعة وهي مشكوك بصحتها وحقيقتها، ولا تعكس حجم الحقائق على الأرض، وواعداً في الوقت نفسه بتقديم تقرير صريح وشامل لمجمل الحالات في عموم المحافظة بتواقيع الجهات صاحبة العلاقة، بما فيها الوحدات الإرشادية، والمخاتير، والجمعيات الفلاحية غداً إلى المجلس بغية وضع الحقائق أمامه.

مخاطر الحرق
أعضاء المجلس تحدثوا عن مخاطر عمليات الحرق التي تقوم بها بعض الوحدات الإدارية للأبقار النافقة، وكذلك عمليات بيع الأبقار المصابة بأثمان بخسة، وعمليات الذبح التي تجري خارج المسالخ، ودور الوحدات الإدارية في متابعة هذه القضية بالتعاون مع الصحة والوحدات الإرشادية، وذلك حرصاً على الصحة العامة، وكذلك البيئة معاً، في الوقت الذي طالب فيه  البعض من أعضاء المجلس بضرورة متابعة واقع هذا المرض بغض النظر عن تصنيفه، سواء أكان فيروساً عابراً أم مرضاً واقعاً بكل مسؤولية، وعدم الاتكال لرمي المسؤوليات على هذه الجهة أو تلك حفاظاً على ثروتنا الحيوانية من جهة، ومن جهة أخرى أن تبادر الوزارة للقيام بخطوات أكثر فعالية وجدوى تعكس حرصها واهتمامها بما يعتاش عليه المزارع، وبعيداً عن “القوانين المقولبة” التي لا يمكن صرفها عند التعرّض للكوارث، سواء كانت طبيعية أو غيرها، كما هو حال مربي الأبقار وقطعانهم.

لؤي تفاحة