دراساتصحيفة البعث

أمريكا تعيش “فيلم رعب” بطله ترامب !

ترجمة وإعداد: عائدة أسعد

يتفق العديد من الأمريكيين وشعوب العالم بشكل عام على القول إن هناك صعوبة كبيرة في التعامل مع خطورة هذه اللحظة بسبب وباء كورونا، ولا يزال من الصعب استيعاب أن الفيروس قد أعاد تشكيل سلوك العالم وأوقف أو غيّر السفر وأجهد الاقتصاد وأعاد تشكيل طبيعة الأماكن العامة والتفاعل البشري.

ومن الصعب أيضاً استيعاب أن هذه المرحلة لن تمرّ بسرعة، وأنها واقع قد يضطر العالم إلى التعايش معه لسنوات حتى مع افتراض أنه تمّ العثور على لقاح، وأن الأشياء باقية كما هي ليس بسبب فعل بشري بل لأن البشر يتعرضون للهجوم.

وما يجعل الناس في حيرة من أمرهم ومحبطين هو إيقاف سنوات من التخطيط للتخرج وحفلات الزفاف وشراء المنازل والتقاعد، والارتباك بشأن كيف ومتى يمكن للأطفال العودة إلى المدرسة بأمان، ومتى يمكن للبالغين العودة بأمان إلى العمل.

لقد تمرد الناس ضد العزلة وضد العلم والصحة العامة، وهم يريدون عودة العالم القديم وعودة ما قبل القرن 19 ولكن ذلك مستحيل، فالفيروس لا يشعر بالإحباط ولا يعلم بأطفالنا أو عملنا أو خطط عطلتنا وهو ليس على علم بسياساتنا.

الفيروس هو فيروس بلا عقل وفعّال في هذه المرحلة بشكل لا يصدق، وسوف ينتقل من شخص لآخر طالما كان ذلك ممكناً، والجدل السياسي حول ارتداء القناع هو مصدر قلق إنساني ويعمل لصالح الفيروس، وهذه هي السياسات التي عبّر عنها دونالد ترامب بالقول إنها تسمح للفيروس بتدمير هذه الأمة ومصادرة عشرات الآلاف من الأرواح التي ما كان ينبغي سرقتها.

إن تسييس ترامب للفيروس هو الذي أدى إلى زيادة جديدة في الإصابات في هذا البلد، بينما تمكنت العديد من الدول المتقدمة الأخرى من تقليص عدد الحالات بين شعوبها، وبسبب دونالد ترامب بلغ عدد الإصابات في أمريكا 3.2 ملايين حالة، وبلغ عدد الوفيات نحو 135 ألف حالة وفاة.

وبدلاً من التركيز على المرضى والموت والقتلى كضحايا حقيقيين لمخالفته, يعتبر ترامب نفسه ضحية للظروف، وكما ذكرت صحيفة “واشنطن بوست” الأسبوع الماضي: “غالباً ما ينطلق ترامب في مونولوج يضع نفسه في قلب الاضطراب في البلاد، لقد لعب الرئيس دور البطولة والضحية.. جائحة قاتلة واقتصاد متعثر واضطرابات عرقية عميقة الجذور، كل ذلك حدث له وليس لبلده”!.

كيف من المفترض أن نفهم الفكرة القائلة بأن الرئيس يتجنّب تلك المسؤولية لأغراض سياسية، وهو في هذه العملية يعرّض حياة الأمريكيين للخطر البالغ وفي الواقع تكلفة حياة البعض منهم!!. كيف وصل الأمر إلى حدّ بحيث يمكن أن يصطدم العلماء والخبراء، وأن يتعرّض المحافظون ورؤساء البلديات للتنمر، وأن ملايين الأمريكيين يمكن أن يخاطروا برفاهيتهم ورفاهية الآخرين لإثارة وجهة نظر سياسية؟.

والجزء المهمّ من القضية هو أن الفيروس لا يتمّ تسييسه فحسب، بل إن آثاره عنصرية أيضاً، فالسود لديهم نتائج أسوأ كما أن بعض الولايات التي تشهد الآن أكبر زيادة في عدد الحالات هي تلك الموجودة في الجنوب والغرب مع عدد كبير من السكان السود أو ذوي الأصول الإسبانية. وآثار المرض بالغة على الشيخوخة، فمن المرجح أن يموت المسنون بسبب كبر السن، وفلوريدا ليس لديها عدد كبير من السكان من أصل إسباني بل لديها عدد كبير من المتقاعدين.

إن هذه الاختلافات تضاف إلى القسوة السياسية التي تراها أمريكا، وإذا كان المرض يُنظر إليه على أنه يؤذي الآخرين من السود بشكل غير متناسب، عندها قد يعتقد بعض الشباب البيض الأصحاء أن التهديد عليهم هو أقل ويجب أن تكون القيود عليهم أقل صرامة.

لدينا وضع خاص في هذا البلد، حيث يخرج المرض عن نطاق السيطرة ويرجع ذلك إلى حدّ كبير إلى الرئيس نفسه، وهناك القليل من الدلائل أو الأمل في أن يتمّ تقييده قريباً، إننا نعيش في فيلم رعب حقيقي من بطولة دونالد ترامب!.