تحقيقات

التكليف الضريبي.. هواجس من آليات تحديده وتحصيله وبحث عن العدالة

لاتزال هناك هواجس من التكليف الضريبي تتردد بين الحين والآخر إزاء محددات ومؤشرات احتساب التكليف، لتصل هذه الهواجس في بعض الأحيان إلى حد التساؤلات حول الآليات والمحددات التي يتم فيها التكليف، في الوقت الذي تؤكد فيه مديرية مالية اللاذقية أن هناك العديد من الإجراءات التي دخلت في منظومة الأتمتة باتت معتمدة ومعمولاً بها بعد أن تم وضعها في مسار التطوير التقني بآليات وأنظمة مؤتمتة من الناحية التقنية من جهة، ولتحقيق عامل الدقة، وإدارياً، وقانونياً من جهة أخرى من خلال المجال المتاح أمام المكلّفين ضريبياً بحزمة إجراءات متكاملة، بما فيها إجراءات الكشف على نشاط المكلّف ضريبياً للتحقق وللتثبّت من مدى مطابقة الضريبة مع حجم نشاط المكلّف وفعاليته في ضوء منح المكلّف إمكانية تقديم الاعتراض على قيمة الضريبة عند شعوره بالغبن، ليصار إلى النظر في اعتراضه ومعالجته لتحقيق العدالة الضريبية.

مطالبة مستمرة بإعادة النظر
يكاد موضوع التكليف الضريبي يشكّل الهاجس الأهم لمعظم إن لم يكن لجميع المهن والحرف والقطاعات والشرائح الوظيفية والمهنية وجميع القطاعات، ويتردد ويتكرر طرح الموضوع الضريبي في مختلف اللقاءات والمناقشات، وقد أكد نقيب أطباء اللاذقية الدكتور منذر بغداد أن موضوع الضرائب وارتفاعها وضرورة إعادة النظر فيها بما يخدم الزملاء الأطباء جرى طرحه وتداوله في مناقشات مؤتمر فرع النقابة مؤخراً، حيث توجّه الأطباء بمطلب حول ضرورة إعادة النظر بالضرائب المالية كونها مرتفعة بالتوازي تماماً مع إعادة النظر بالمعاينة الطبية، ولفت د. بغداد إلى أن الموضوع يحتاج إلى طرحه على نطاق أوسع في المؤتمر العام للنقابة بالتوازي مع التواصل مع مديرية مالية اللاذقية بما يخص ما جرى طرحه على مستوى فرع النقابة، لأن الموضوع بحاجة إلى متابعة متكاملة ومستمرة مع تقديم المقترحات المفيدة في هذا الإطار، وإذا كانت الضرائب تشغل اهتمام المهن العلمية الطبية والصيدلانية وغيرها، فإنها تنسحب أيضاً على غيرها من القطاعات بكل الاختصاصات والشرائح والمهن، ولذلك من الطبيعي أن يتم التداول فيها وطرحها بشكل مستمر، وهذا ما يطالب به اتحاد حرفيي المحافظة في مجالسه ومؤتمراته باعتماد أسلوب عادل في فرض الضرائب والرسوم البلدية والمالية على الحرفيين، وكذلك ينسحب الموضوع نفسه على الكثير من القطاعات المهنية والتجارية والاقتصادية، وغيرها من أصحاب الفعاليات على اختلاف أشكالها وأنواعها.

التخفيف من التهرّب الضريبي
وفي متابعة لواقع عمل مديرية مالية اللاذقية في مجال التحصيل الضريبي، التقت ” البعث” مدير مالية اللاذقية رياض قشورة الذي أوضح أن استخدام أنظمة المعلوماتية المؤتمتة والحواسيب الالكترونية، والحد ما أمكن من إجراءات الروتين الطويلة، حققا درجة كبيرة من الوضوح والبساطة، والعدالة في عملية التسديد، وساهما بشكل كبير في التخفيف ما أمكن من عملية التهرّب الضريبي التي نشأت أصلاً من الأعباء التي يتعرّض لها المكلّف، ما حقق حصيلة أوفر للدوائر المالية، ولا يغيب عن أذهاننا أن فئة كبار ومتوسطي المكلّفين تمثّل شريحة ذات تأثير ونشاط تجاري واقتصادي كبيرين، وهي شريحة ذات ملاءة مالية عالية، وعليه فإن حجم الضرائب التي يتم تسديدها ورفد الخزينة بها يعتبر كبيراً، الأمر الذي يحتّم علينا التعامل معهم بمسؤولية، وتقديم ما أمكن من الخدمات لهم ولغيرهم من المكلّفين، وفي هذا المجال بات التعامل عبر وسائط التواصل الاجتماعي ضرورة ملحة لتزويد المكلّفين بكل ما هو جديد، والرد على تساؤلاتهم واستفساراتهم المتعلقة بالقوانين والتعليمات النافذة بشأنهم.

آلية الجباية
وفيما يخص آلية الجباية في هذه الشريحة من المكلّفين فقد أوضح قشورة أنه يوجد لدى المديرية برنامج جباية آلي مصمم ومعتمد من قبل الهيئة العامة للضرائب والرسوم الملقى تحصيلها على عاتقها، وحول الإجراءات المتخذة لمتابعة تحصيل الضرائب غير المسددة فإنه لابد من التنويه بأن عملية التحصيل تتم استناداً لأحكام قانون جباية الأموال العامة رقم (341) لعام 1956، والقرار رقم 640 لعام 1989، والتعليمات والقرارات الصادرة بهذا الخصوص، وذلك من خلال قيام الجباة المختصين بجولات ميدانية لأماكن عمل وعقارات المكلّفين المدينين للخزينة لتبليغهم الإجراءات القانونية اللازمة لتسديد ضرائبهم، بدءاً من الإنذار الإجرائي إلى إعلان البيع بالمزاد العلني، إضافة إلى إصدار تعاميم حجز أموال منقولة وغير منقولة، وكتب وضع إشارة قصر التصرف والتأمين الجبري التي يتم توجيهها إلى كافة المؤسسات والجهات المعنية في المحافظة لوضع إشارات لازمة أصولاً على صحائف ملكية المكلّفين المدينين من عقارات ومركبات وشاليهات وأراض وغيرها.

إمكانية التقسيط متاحة
وبيّن مدير المالية أنه قد أجاز التعميم رقم 4202/5 لعام 2012 الصادر عن الهيئة العامة للضرائب والرسوم منح المكلّفين الذين لم تمكنهم ظروفهم من تسديد ما يترتب عليهم من ضرائب ورسوم دفعة واحدة، تقسيط الضرائب المحققة عليهم بشكل ميسر يضمن سهولة التسديد، وذلك من خلال نوعين من التقسيط: التقسيط لمدة سنة واحدة ويصدر بقرار من مديرية المالية بناء على اقتراح اللجنة المؤلفة من مدير المالية، ورئيس قسم المتابعة وإدارة الديون، ورئيس قسم الواردات بضمانة مطرح الضريبة ودون تسديد دفعة أولى، وعلى دفعات شهرية متساوية، وهناك التقسيط لأكثر من سنة، على ألا تتجاوز مدة التقسيط ثلاث سنوات، ويصدر بقرار من وزير المالية بناء على اقتراح لجنة شؤون الضرائب والإيرادات.

إدخال الأتمتة
وحول واقع العمل في قسم المتابعة وإدارة الديون، أوضح قشورة أنه بالرغم من الواقع الصعب الذي نعيشه في مثل هذه الظروف التي يمر بها بلدنا الحبيب، وما لذلك من أثر على الإمكانيات المتاحة، إلا أنه توجد لدينا رغبة كبيرة لتطوير العمل من الناحية الفنية، وذلك من خلال إدخال الأتمتة على معظم الضرائب إن كان من ناحية التحقق أو التحصيل، فأغلب مكلّفي الضرائب والرسوم هم من فئة مكلّفي ضريبتي الدخل المقطوع وريع العقارات، وهاتان الضريبتان يتم تحصيلهما ومنح براءة الذمة لمكلّفيهما حاسوبياً، أما باقي أنواع الضرائب ومنذ عام 2018 يتم إدخالها إلى الحاسوب ليتم اقتطاع ومنح براءة الذمة عن طريق الحاسب وفق برنامج معتمد من وزارة المالية، وبالتالي يتم الاستعلام عن أسماء المشمولين بالحجوزات حاسوبياً، ويتم حالياً تجهيز البنية التحتية لإدخال قرارات الحجز التنفيذي الصادرة عن مديرية مالية اللاذقية تمهيداً لتفعيلها الكترونياً.

تصنيف عام لمكلّفي ضريبة الدخل
وعن سبب زيادة ضريبة الدخل التجارية سنوياً رغم ثبات الواردات نفسها تقريباً، أوضح مدير المالية أنه فيما يخص ضريبة المحال التجارية والمهن الخاضعة لضريبة الدخل المقطوع، فقد تم تقسيم مكلّفي الضريبة وفق المرسوم رقم 10 لعام 2015 في مادته الأولى إلى فئة مكلّفي كبار الدخل المقطوع، وفئة متوسطي مكلّفي الدخل المقطوع، وفئة باقي مكلّفي الدخل المقطوع، وفئة ممارسي المهن العلمية، وقد بيّن المرسوم المذكور في مادته الثانية أنه يجري تصنيف عام لمكلّفي ضريبة الدخل المقطوع عن فعالياتهم مع القطاع الخاص وفقاً للمدة المحددة لتصنيفهم في هذا المرسوم التشريعي: دورة تصنيف مكلّفي الفئة (1و4) سنتان، والفئة الثانية ثلاث سنوات، والفئة الرابعة خمس سنوات، وتبدأ دورة التصنيف من سنة التكليف الأولى له مع المحافظة على دورة التصنيف العام، وأوضح مدير المالية أنه بموجب المادة المذكورة فإنه بإمكان المكلّف الذي يشعر بغبن جراء الضريبة التي فرضت بحقه أن يعترض عليها أمام اللجنة الاستئنافية التي بدورها تقوم بزيارة محل المكلّف للتحقق من مدى تناسب الضريبة مع نشاط وفعالية هذا المكلّف لإزالة الغبن عنه إن وجد، وبالتالي فإن هناك دراسة موضوعية ودقيقة لعمل المكلّف.

مروان حويجة