صيادو أرواد.. “جواريف البر” تحرمهم رزقهم والإنتاجية لا تتعدى ٥ كغ يومياً!
باتت الثروة السمكية في طرطوس مهددة بالعديد من المخاطر، وقد تناقصت تدريجياً مع تطور وسائل الصيد وزيادة خطورتها وربما لجأ بعض الصيادون إلى استخدام أدوات الصيد الممنوعة من الجواريف والمتفجرات التي تقضي على الأسماك الصغيرة وبيوضها، وأضحى صيادو الأسماك في جزيرة أرواد في خطر حقيقي و حال يرثى لها لما يلاقونه من معاناة في اصطياد السمك الذي يعتبره البعض منهم مصدر رزقه الوحيد.
نادرة الوجود
يقول مصطفى عثمان، صياد السمك: يوجد عدة أنواع من الصيد منها صيد الشباك والخيطان و البارودة والقفاص و الجواريف، يذهب الصيادون لاصطياد الأسماك في البحر من الصباح الباكر من الجزر القريبة لجزيرة آرواد على عمق ٦ – ٨ أمتار، ويضيف: أصبحت الأسماك نادرة الوجود في البحر بسبب وجود ما أسماه “جواريف البر” وهي تسبب مشكلة كبيرة تقوم بجرف البيوض والسمك الصغير، ووصفها بـ “العين العمياء” فهي لا تميز بين السمك الصغير والكبير، ويتم استخدام هذه الجواريف من أول الساحل وحتى آخره، وطالب بمكافحة هذا النوع من الصيد لأنه لو تم وضع حد له لبات الصيادون بألف خير، وأشار إلى خطورة الصيد بالمتفجرات و الديناميت واعتبرها أقل خطورة من صيد الجواريف.
موسم الصيد
فاروق بهلوان، رئيس الجمعية التعاونية للصيد وتربية الأسماك في جزيرة أرواد، أشار إلى أن المسافة من أرواد وحتى الحدود اللبنانية تبلغ حوالي ١٠ كم يعمل بها مئات الصيادين، وكما الفلاح ينتظر موسمه كل عام ينتظر الصياد هذا الموسم، وتتم حمايته شتاء وعندما يثمر السمك. وبحسب بهلوان، يأتي عدد من المراكب من محافظة اللاذقية وتجرف كل ما هو موجود في البحر، وعند الصيد يجده الصيادون خاليا، ويضيف أنه لولا بعض الميسورين الذين يتصدقون على الصيادين لكانت حالتهم بالويل. وطالب بهلوان بمنع هذه المراكب الجارفة وإيجاد حدود بحرية تفصل المحافظتين، خاصة وأن الصيادين أصبحوا يصفون بحر طرطوس بـ “البحر الميت” لقلة الأسماك فيه، ولفت بهلوان إلى أن الصياد سابقا يصطاد حوالي ٤٠٠ كغ من الأسماك يومياً أما الآن فلا يتعدى إنتاجه ٥ كغ، إضافة إلى مشكلة أخرى تواجه هؤلاء الصيادين وهي قلة توافر المازوت و الكمية المدعومة المؤمنة لهم لا تكفي سوى لخمسة أيام، وبعدها يتم شراء المازوت بحسب قوله من “السوق السوداء”، وهو متوفر بكثرة ولكن بأسعار أغلى، وبسبب قلة الأسماك زادت أسعارها بشكل كبير، ويتم تصريف الإنتاج ضمن المحافظة وهو لا يغطي حاجتها من الأسماك. وحول مزارع الأسماك البحرية، أكد أنهم لم يسمعوا بها أبدا ولم يتم سؤالهم حولها، وأمل التعاون والتنسيق مع الجهات المعنية عن الموضوع علما أنهم يمثلون جمعية الصيادين في الجزيرة.
ضيق الرصيف
ويوضح د. عبد اللطيف علي، مدير عام الهيئة العامة للثروة السمكية، أنه و من خلال واقع الثروة السمكية في سورية والتي أظهرت قلة إنتاج الأسماك البحرية، يتعلق ذلك بعدة عوامل هامة منها الطبيعية و منها البشرية وتتلخص بضيق الرصيف القاري حتى عمق 200 م، والذي يصل في أقصى حالاته إلى 8 كم بالمتوسط، و قلة الأنهار التي تصب في البحر وبالتالي قلة المغذيات، وقلة الخلجان والرؤوس على الساحل والتي تعتبر ملاذا آمنا لتكاثر الأسماك، إضافة إلى قلة التيارات البحرية التي تحمل معها المغذيات البحرية، أما العوامل البشرية فتتمثل بارتفاع تكاليف الإنتاج وغلاء وسائل الصيد، والصيد المخالف باستخدام وسائل صيد غير نظامية من شباك مخالفة وسموم ومتفجرات بالإضافة إلى الجرف والتي تم الحد منها في الآونة الأخيرة بالتعاون مع الجهات المعنية، والصيد الجائر الناتج عن تطور وسائل الصيد والصيد بشباك ذات فتحات عيون صغيرة أدى إلى صيد كميات كبيرة من الأسماك تفوق قدرة البيئة البحرية على تعويضها، وتم الحد منها من خلال التشدد بتطبيق القوانين الناظمة لعمليات الصيد.
تطوير الإنتاج
وحول خطة الهيئة العامة لزيادة حصة الفرد من الأسماك وتطوير الإنتاج، يبين علي أن الهدف العام للهيئة العامة للثروة السمكية تطوير وحماية الثروة السمكية وتنمية مواردها و إدارة وتنشيط الفعاليات المختلفة بهذا المجال بهدف زيادة الإنتاج على مستوى القطر، ورفع نصيب الفرد من الأسماك، وللوصول لهذه الغاية قامت الهيئة بعدة إجراءات منها ما يتعلق بصيد واستثمار الأسماك البحرية ومنها ما يتعلق بالمياه العذبة، وتم في مجال صيد واستثمار الأسماك البحرية و المحافظة على ديمومتها عن طريق إصدار التشريعات اللازمة لحماية المخزون السمكي والحفاظ على ديمومته حيث يتم تنظيم الصيد من خلال تحديد قياسات فتحات شباك الصيد لكافة وسائل الصيد (شنشيلا، شباك ثابتة، جرف)، إضافة إلى تحديد فترات المنع من أجل السماح للأسماك بالتكاثر والنمو، ودراسة جهد الصيد وذلك من خلال دراسات علمية دقيقة بالتعاون مع الجهات البحثية العلمية، ويتم تنفيذها من قبل الهيئة، إضافة إلى التعاون مع المديرية العامة للموانئ لقمع المخالفات بكافة أشكالها والتي تؤثر بشكل كبير على المخزون السمكي البحري، وتحديد مناطق لإقامة مزارع سمكية عليها بالتعاون مع الجهات المعنية، والتواصل مع الجهات المعنية للحصول على الموافقات المطلوبة والقيام بالكشوفات اللازمة لمنح تراخيص للمزارع البحرية الشاطئية والعائمة و ذلك كونها تعتمد على التربية المكثفة و بالتالي تكون ذات إنتاجية عالية الأمر الذي يساهم في تلبية حاجة السوق من الأسماك، وتقديم المشورة الفنية للراغبين في إقامة مزارع أسماك بحرية.
مزارع الأسماك
وفي مجال المياه العذبة، يضيف علي: يتم العمل على التوسع في مشروع مزارع الأسماك الأسرية الصغيرة ليشمل كافة محافظات القطر، وشمل المشروع هذا العام ٦ محافظات وهي اللاذقية، طرطوس، حمص، حماه، ريف دمشق، القنيطرة. وتم استزراع ٦٦٤ مزرعة أسرية وبعدد ٩٤٣٥٠ إصبعية كارب وبنسبة تنفيذ ١١١% في المحافظات الست الآنفة الذكر، وتزويد المربين بالإصبعيات المحسنة المنتجة في مركز أبحاث الهيئة العامة للثروة السمكية بمصب السن، ونشر ثقافة الاستزراع السمكي وتبني مشروع مزارع الأسماك الأسرية، وتقديم التسهيلات للمربين لترخيص مزارعهم وتسوية أوضاع المزارع غير المرخصة لتكون خاضعة للإشراف الفني من قبل الهيئة، القيام بأعمال الحماية في المسطحات المائية العذبة في الداخل، وهذه الإجراءات من شأنها رفع إنتاج القطر من الأسماك وبالتالي رفع نصيب الفرد من الأسماك.
ردع المخالفات
أما عن الإجراءات التي تقوم بها الهيئة العامة للثروة السمكية لردع المخالفات باستخدام وسائل صيد غير مشروعة، فأوضح مدير عام الهيئة: بما يتعلق بأسماك المياه البحرية، تقوم الهيئة العامة للثروة السمكية بشكل دائم بمخاطبة المديرية العامة للموانئ للتشدد في تطبيق قانون حماية الأحياء المائية والقرارات الصادرة عن وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي المتعلقة بوسائل الصيد المختلفة، لاسيما ما يتعلق منها بقياسات فتحات شباك الصيد، ومواسم الصيد ومنع استخدام كافة الوسائل غير المشروعة في الصيد.
وما يتعلق بأسماك المياه العذبة يضيف تقوم الهيئة العامة للثروة السمكية بضبط وتنظيم عمليات الصيد في المياه العذبة، حيث توجد نقاط حماية ومراقبة موزعة على السدود والبحيرات لمراقبة عمليات الصيد وضبط المخالفات وفق القوانين و القرارات والتعليمات الأخرى الصادرة عن وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي وقمع المخالفات الحاصلة إن وجدت.
لجنة فنية
و في رد الهيئة على شكوى صيادي آرواد من قدوم مراكب صيد جارفة من اللاذقية في مواسم الصيد والمطالبة بوضع حدود بحرية بيّن مدير عام الهيئة أنه تم السماح من قبل لجنة فنية علمية ممثلة بعدة جهات لست مراكب للقيام بعملية الجرف ضمن المياه الإقليمية السورية العميقة وفق أسس وشروط محددة منها أن يتم الصيد على مسافة لا تقل عن ٦ ميل بحري و عمق ٢٥٠ م ومنها منطقة طرطوس التي تمتد من الحميدية إلى البصيرة على أن تبدأ من ١/٩ ولغاية ١٥/١١ من كل عام.
رشا سليمان