Uncategorized

ذعر حجم الديون يعصف بالعالم حالياً

258.000.000.000.000   إذا كنت تجد صعوبة في قراءة عدد الأصفار السابقة فأنت محقّ في ذلك، لكن الرقم الذي يتكوّن من 15 خانة والمعبّر عن 258 تريليون دولار هو مقدار الديون التي تكبّل عنق دول العالم مجتمعة. ورغم اتجاه العالم للاقتراض بقوة في السنوات الماضية، فإن هذا التوجّه يبدو الآن ضعيفاً للغاية مقارنة بمستويات الدين في عصر كورونا.

الجميع يستدين في عصر الجائحة، الحكومات تتجه للاقتراض مع زيادة الإنفاق وتراجع الإيرادات، والشركات تقترض لتعويض نقص الطلب وللحفاظ على بقائها، وحتى الأسر تطلب الأموال لحلّ أزمة تراجع الدخل أو فقدانه. ومع معاناة العالم من ركود اقتصادي هو الأكبر منذ الكساد العظيم في ثلاثينات القرن الماضي، فإن الحكومات والبنوك المركزية تدخلت بقوة بضخ تريليونات من الدولارات لكبح جماح الأزمة.

وتشير بيانات معهد التمويل الدولي إلى أن إجمالي الدين العالمي قفز إلى مستوى قياسي مرتفع عند 331% من الناتج المحلي أو ما يعادل 258 تريليون دولار بنهاية الربع الأول من العام الجاري. وجاءت القفزة القياسية بمعدل الديون نسبة للناتج المحلي بسبب جانبي المعادلة، فمع ارتفاع القيمة الاسمية للديون دخلت الاقتصادات في حالة انكماش متزامن أيضاً. ورغم الارتفاع التاريخي لمعدل الديون نسبة للناتج المحلي الإجمالي والبالغ 10% في الربع الأول من العام الحالي، فإن القيمة الاسمية لزيادة الدين اقتصرت على 1.2 تريليون دولار، وهو ما يقلّ عن المتوسط البالغ تريليوني دولار في الفترة بين عامي 2015 إلى 2019. ولم تفرق الأزمة بين الدول الغنية والنامية، حيث قفز الدين في الأسواق المتقدمة لمستوى 392% من الناتج المحلي ووصل في الأسواق الناشئة إلى نحو 230%. لكن الأزمة لا تظهر جيداً في بيانات الربع الأول، لأن العالم بدأ بزيادة وتيرة الإنفاق المموّل بالقروض في شهر آذار الماضي بعد ظهور أثر الوباء على الدول. وبلغت إصدارات الدين الإجمالية مستوى قياسياً بلغ 12.5 تريليون دولار في الربع الثاني من العام الحالي، تمثل الحكومات منها نحو 60%.

ويعبّر الصعود في الدين الحكومي بصفة خاصة عن النشاط المتزايد للسياستين المالية والنقدية والساعي لتخفيف تداعيات كوفيد-19 على الاقتصاد والشركات والأسر، واستجابت دول العالم للأزمة عبر إقرار حزم تحفيز بقيمة 11 تريليون دولار تقريباً، مع وجود تدابير قيد الإعداد حالياً بنحو 5 تريليونات دولار إضافية.

ويتجه الدين العام العالمي أو ديون الحكومات لتجاوز مستوى 101% من الناتج المحلي بنهاية العام الحالي، وذلك للمرة الأولى على الإطلاق. ويُتوقع أن تبلغ القفزة في العام الحالي فقط نحو 19%، وهو ما يتجاوز بكثير ما حدث في الأزمة المالية العالمية في 2009 عندما زاد الدين بنحو 10.5%.

وقفزت ديون الشركات العالمية غير المالية إلى نحو 75.5 تريليون دولار بنهاية الربع الأول من هذا العام، ما يمثّل نسبة قياسية تبلغ 95% تقريباً من الناتج المحلي الإجمالي. ولا يزال الوضع يثير مخاوف مزيد من تعثّر الشركات عن سداد ديونها، خاصة مع حقيقة أن قيمة السندات التي فشلت الشركات غير المالية في سدادها قفزت إلى مستوى قياسي بلغ 94 مليار دولار في الربع الثاني من العام الحالي. ولكن رغم الصعود القياسي للديون العالمية، فإن هناك من يجادل بأن التكلفة المنخفضة تاريخياً للاقتراض حالياً قد لا تجعل الأمر خطيراً في النهاية.

وبالفعل، لا تقف البنوك المركزية مكتوفة الأيدي في هذه الأزمة، لكنها تتدخل عبر خفض الفائدة وزيادة مشتريات الديون في الأسواق بغرض توفير التمويل وتقليص تكلفة القروض سواء بالنسبة للحكومات أو الشركات. وهو ما يعادل 32% من الناتج المحلي وستحتاج دول العالم لوضع أطر على المدى المتوسط تتضمن خفض الإنفاق غير الضروري وتوسيع القاعدة الضريبية والسعي لتقليص حالات التهرّب من الضرائب في مسعى لتقليص كومة الديون والعودة للطريق الصحيح.