“البعث” تكشف: أنابيب وإكسسوارات مياه مسرطنة في الأسواق!!
دمشق – فداء شاهين
تفضح الأسواق كثيراً هذه الأيام عمليات الاستيراد المشبوه والخالي من الجودة، حيث تظهر المؤشرات في بيع وتداول منتجات ومواد غير مطابقة ومغشوشة، وتنمّ مسألة وجودها في الأسواق عن تجاوزات وتلاعب بالمواصفات، وهذا ما بدا جلياً بانتشار إكسسوارات لتمديدات صحية لزوم السكن وأعمال الإنشاء لا تصلح للاستخدام المتعلق بالمياه، ولاسيما أنها – وبشهادة بعض التّجار أنفسهم في سوق المناخلية بدمشق – تسبّب السرطانات. وعندما واجهتهم “البعث” بالحقيقة وسؤالهم: ما الهدف من استيراد هذه الإكسسوارات المصنوعة من الحديد غير الصحي، كان الردّ – ممن وافقوا على الإجابة – بأنه يسمح لنا باستيرادها، وهي تحقّق أرباحاً لهم، في حين أردف بائع مفرق، فضّل عدم ذكر اسمه: “اشتريها من المستورد على أنها مصنوعة من الكروم”. وفي الحقيقة، نكتشف أن خلاط المياه من مادة الحديد مسرطن للإنسان، في وقت تعجّ الأسواق بهذه القطع، وفي جميع المحافظات!!
ولم يخفِ الخبير في تطوير أعمال الشركات، الدكتور ماهر سنجر، لـ “البعث” أن ما نلمسه اليوم من سوء وعدم استمرارية لعمل التجهيزات الكهربائية المستوردة والإكسسوارات وقطع المواد الصحية وقطع السيارات يحمل قدراً من الخطورة على صحة وسلامة المواطن لا يمكن تجاهله ببساطة.. وبالمختصر، يمكن إطلاق وصف الجودة على المنتجات المستوردة، فيما لو حقّقت رضا العميل، أي أشبعت الحاجة التي اشتُريت من أجلها بما يتناسب مع قدرته الشرائية وبالشكل الذي يحقّق له المنافع المتوقعة من المنتج.
وتابع سنجر: ما كان صائباً بالفترات الماضية من أن كل غالٍ ثمنه معه أصبح مغلوطاً اليوم، ليصبح “ادفع غالياً لتحصل على سلعة لا تناسب دخلك ولا تلبي حاجاتك ومتطلباتك وقد تضرّ بصحتك وصحة عائلتك أو تلحق الأذى بممتلكاتك”، مشيراً إلى أن ما يحصل حقيقة في السوق المحلية من فلتان في عملية التسعير وعدم ضبط الجودة يضرب النظريات الاقتصادية بعرض الحائط، ويجعل منا مستهلكين مغبونين رافضين للنظريات الاقتصادية الموجودة في كتب الجامعات، كنظرية المستهلك الرشيد الموجودة في كتاب المدخل إلى الاقتصاد، والتي طالب بتغييرها، لأن نظرية المستهلك الرشيد الذي يقارن الأسعار ويفاضل بينها ويحصل على الأنسب والأكثر جودة أُهدرت عند عتبات المتاجر الخاصة بالمواد المستوردة، وأضحى المستهلك مغبوناً ومسلوب القرار باختيار الأجود والأنسب له.
وتساءل سنجر: من المسؤول عن الهدر الحاصل في عملية استيراد مواد لا تمتلك مقومات الجودة المطلوبة؟ ليعقب مجيباً: في الحقيقة، هناك مستوردات رديئة وأجهزة وقطع غيار لا يتجاوز عمرها الساعات في العمل، وما عبارة هذا العطل ناتج عن سوء الاستخدام إلا شماعة موجودة في كافة المتاجر، يمكن لك أن تعلق عليها شكواك وتسلم بضياع حقك في الصيانة أو الاستبدال أو التعويض، وبالتالي فإن مفهوم الربح طغى على مفهوم الجودة وباتت معادلة “استورد بمعايير أقل من اللازم لترفع من هامش ربحك”، وليطغى الطابع الاستهلاكي على الأسواق السورية “اشترِ وارمِ وكرر عملية الشراء” قاعدة يومية يتوجب قبولها مكرهاً.
كل ذلك يحصل على الرغم من القرار الصادر عن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بجواز استبدال القطع التي يشتريها المواطن خلال فترة زمنية محدّدة في حال لم يستخدمها وبتحديد هوامش الربح للمواد المستوردة، إلا أن واقع الحال لا يتحدث كذلك، حيث إن الاستبدال هو حلّ آني وهامش الربح غير معمول فيه!
وأشار سنجر إلى ضرورة الانتقال إلى حلول أكثر فاعلية بإعادة النظر بفاعلية المخابر التي تتحقّق من كفاءة هذه الأجهزة واستخدام لصاقات ذات حماية أمنية للدلالة على جودتها أسوة بلصاقة كفاءة استهلاك الطاقة، واعتماد مبدأ الاستيراد الأخضر، أي استيراد ما لا يلوث البيئة، ووضع معايير تقييم لمنتجات الشركات المستوردة وأولها معايير السلامة، بحيث يتمّ نشر نتائج التقييم دورياً، ليتمكن المستهلك من الاطلاع على التقييم والاتجاه إلى السلعة الأنسب، والتحقّق من فاعلية الكفالات الممنوحة، وكيفية تقديم خدمة الصيانة واستخدام الفاتورة كمرجع لعملية الشراء، مع الحفاظ على سمعة الأسواق من خلال وقف استيراد البضائع المقلدة أو ما يطلق عليه بالسوق نسخة مطابقة للأصل (copy one) لتأثيرها السلبي على سمعة الأسواق السورية نتيجة لبيعها منتجات مخالفة لمعايير حقوق الحماية المسجل وفقاً لها المنتج الأصلي، إضافة إلى تكثيف جولات مراقبي التموين لإيقاف بيع البضائع المقلدة على أنها أصلية.