مجلة البعث الأسبوعية

عندما تضيع “السلة الغذائية الثانية”.. تصنيف الأراضي الزراعية أكبر العوائق في درعا!

“البعث الأسبوعية” ــ دعاء الرفاعي

تمتلك محافظة درعا أهمية متعددة الجوانب على مختلف النواحي والأصعدة إضافة لوزنها الاقتصادي على المستوى الزراعي والصناعي، وتأتي هذه الأهمية من خلال الإنتاج الزراعي وقدرة المحافظة على تحسين مؤشرات الأمن الغذائي على الرغم من كم العراقيل والصعوبات التي تواجهه.

تعتبر أرض المحافظة تربة خصبة للاستثمارات بكافة أنواعها لتوافر مقوماتها الضرورية والأساسية، حيث شهدت المحافظة نهضة استثمارية تعد إنجازاً كبيراً ساهم في المساعدة على إطلاق الكثير من المشاريع الاستثمارية الخدمية والزراعية والصناعية وغيرها.

 

نقلة نوعية

عشر سنوات مرت على إحداث فرع هيئة الاستثمار في درعا ساهمت بتسهيل وتأطير عمل المستثمرين والراغبين بالاستثمار من خلال تبسيط الإجراءات اللازمة، وهنا يلفت مدير فرع الهيئة المهندس قاسم زنيقة أن محافظة درعا تعتبر بوابة القطر من وإلى دول الخليج ومنه إلى العالم، ومن هنا تأتي أهميتها الاقتصادية، كما يعد تميزها بالمناخ المعتدل والتربة الخصية ووفرة الإنتاج الزراعي والطبيعة الغنية بالوديان والسهول والمساحات الخضراء الواسعة والمسطحات المائية المنتشرة في كامل أنحاء المحافظة كل ذلك ساهم في عملية إطلاق عجلة المشروعات الاستثمارية الهامة.

 

غير فاعلة

ويذكر زنيقة أن عدد المشاريع الاستثمارية المشملة وفق قانون الاستثمار رقم ٨ لعام ١٩٩١ والمرسوم التشريعي رقم ٨ لعام ٢٠٠٧ بلغ ١٢٩مشروع، تم إلغاء ٥٦ مشروعاً منها من قبل هيئة الاستثمار السورية في العام الماضي لعدم جدية أصحاب هذه المشاريع بالتنفيذ وعدم اتخاذ أي إجراء على أرض الواقع، مشيراً إلى أنه تم توقف التنفيذ في بعض المنشآت لعدم تجديد الرخص الممنوحة من الجهة ذات الصلة، أو وجود أصحاب هذه المشاريع والمنشآت خارج القطر وعدم توفر سيولة مادية لدى أصحابها.

وأضاف مدير فرع الهيئة أنه يوجد ٧٣ مشروعاً استثمارياً منفذ حالياً ويعمل وفق طاقات إنتاجية محددة منها ٣٤ مشروعاً تنوعت غاية الإنتاج فيها من صناعي إلى غذائي وكيميائي وخدمي ومشاريع نقل.

 

٢٣ فرصة

وعن المشاريع الاستثمارية التي طرحتها المحافظة للاستثمار ذكر زنيقة أن فرع هيئة الاستثمار بدرعا بالتعاون مع المحافظة قام بإعداد الدراسات اللازمة لـ٢٣ فرصة استثمارية منذ عام ٢٠١٨ بعد تحرير المحافظة من رجس الإرهاب وعودة الحياة الطبيعية والخدمات إليها، حيث لا تزال محافظة درعا تسعى لتطوير تلك المشاريع واستقطاب فرص لمشاريع استثمار كبيرة وهامة تنوعت تلك الفرص فيها مابين غزل ونسيج صوف، تصنيع الأعلاف الجاهزة، إعادة تصنيع نواتج عصر الزيتون، تصنيع زهر الكبريت الزراعي، تصنيع عصائر الفواكه والبندورة، تعبئة زيت الزيتون بعبوات تصديرية مختلفة الحجم، إضافة لمشروع تكسير الحجر البازلتي، ومحطة توليد ريحية باستطاعة ٥٠ ميغا بايت، وتصنيع اللواقط الشمسية والكهروضوئية، ومعمل تعبئة أسطوانات الأوكسجين، ومعمل فحم صناعي ومعمل السماد الدواب، بالإضافة لمعمل محارم ورقية ومعمل لإنتاج الصابون الشعبي ومعمل لإنتاج مستوعبات الكونسروة معدنية _بلاستيكية_زجاجية.

 

صعوبات وتحديات

رأى زنيقة أن أبرز الصعوبات والعراقيل التي تواجه الاستثمار وانطلاق المشاريع في المحافظة هي دليل تصنيف الأراضي الذي يشترط أن تكون الأراضي ذات قدرة إنتاجية من الدرجة الخامسة فما فوق “صخرية”، والمعروف أن غالبية أراضي حوران سهلية، وهذا الشرط يعتبر عائقاً أمام انطلاق حزمة كبيرة من المشاريع التنمية في محافظة درعا، لذلك لابد من وضع مقترحات وحلول من شأنها تسهيل وتيسير رغبة المستثمرين بإقامة مشاريع هامة وذات جدوى اقتصادية منها تكليف المحافظين بإعطاء الموافقات اللازمة حسب أهمية المشروع التنموي أو إعادة النظر في دليل تصنيف الأراضي في محافظة درعا واعتماد المقدرة الإنتاجية للأرض من الدرجة الرابعة فما فوق بدلا من الخامسة.

 

انعدام السياحي

وعن الاستثمار في القطاع السياحي لفت مدير سياحة درعا ياسر السعدي إلى أن المحافظة غنية جداً بالمواقع الأثرية والسياحة، ولكن القطاع السياحي في درعا يعاني من تضرر البنى التحتية في محيط المواقع المطروحة للاستثمار جراء الإرهاب، إضافة إلى الحاجة لتشريعات حديثة وتسهيلات للمستثمرين.

وأضاف السعدي أن المحافظة لا تزال تعاني من غياب المشاريع السياحية الكبيرة وعدم وجود مستثمرين جادين رغم توفر كل مقومات الجذب السياحي، ولا سيما التناغم والانسجام بين الآثار والطبيعة، بحيث تنتشر الأوابد التاريخية في أحضان الطبيعة الخضراء، مضيفاً أن حرب ٩ سنوات حالت دون الإقلاع بالعديد من المشاريع السياحية يذكر منها إنشاء فندق في محطة قطار بصرى الشام واستثمار قصر” زين العابدين” في مدينة انخل، وإعادة تأهيل المبنى القائم كمنشأة ذات طابع تراثي واستثمار موقع بصرى الشام الأثري، إضافة لمشروعين في مجال السياحة أيضا في موقع سد الوحدة في قرية لقصير في منطقة حوض اليرموك، وموقع جلين.

 

عصب حيوي

وأضاف السعدي أن جانب الاستثمار السياحي يعد عنصرا هاما في عمل قطاع السياحة وهو عصب أساسي داعم للاقتصاد الوطني، لاسيما أن محافظة درعا تعتبر من المحافظات التي لازالت مقصدا للمستثمرين في السياحة، حيث شهد هذا القطاع خلال فترة ماقبل الأزمة نهضة استثمارية كبيرة ونموا متزايدا من خلال طرح مشاريع كبرى للاستثمار السياحي في ملتقيات السياحة، إلا أن الحرب على سورية أدت إلى تراجع في منسوب الاستثمار نتيجة غياب مظاهر الأمن والأمان في بعض المناطق، ولكنها عادت لتزدهر بعد فترة التحرير وبدأت عجلة الاستثمار السياحي في التحرك بخطى وإن كانت متواضعة، إلا أنها تشكل رصيداً إضافياً لقطاع السياحة من خلال ترخيص العديد من المنشآت السياحية وهناك مشاريع ترخيص لازالت قيد التجهيز.

وتابع السعدي أن مديرية سياحة درعا عملت خلال العام الماضي على إنجاز الخارطة الاستثمارية السياحية في المحافظة والتي تشمل كافة جغرافيا المحافظة بدقة فنية عالية، لتكون الهوية الاستثمارية التي توضح أماكن الاستثمار السياحي والمواقع الاستثمارية في درعا، كما أن هناك نية حاليا لطرح مشاريع سياحية تعود في ملكيتها للقطاع العام تعثر حجزها سابقا مثل القرية السياحية في تل شهاب المبنية على الهيكل، وموقع كوكبة في سد الوحدة وموقع محطة الحجاز في مدينة درعا، كما تم حجز مشروع المياه الكبريتية في بلدة اليادودة ولم يباشر به حتى الآن نتيجة الأحداث التي طالت المحافظة.

 

ضعف الإقبال

لم يخفِ السعدي تردد بعض المستثمرين من الإقبال على الاستثمار في المنطقة الغربية ومنطقة بصرى، بسبب انخفاض مقومات العمل السياحي من بنى تحتية وماتعرضت له من تخريب ممنهج إضافة للاعتداء على المواقع الطبيعية، كل ذلك كان السبب في ضعف الإقبال، وعدم رغبة المستثمرين على المجازفة بإطلاق أي مشروع سياحي.

وبين السعدي أن ٧ منشآت سياحية عادت للعمل وتقديم خدماتها السياحية بعد فترة تحرير المحافظة من الاعتداءات الإرهابية المسلحة بكافة أرجاء المحافظة، كما يوجد حاليا ٥ مشاريع قيد الترخيص لمشاريع متنوعة، وقريبا جدا سيتم افتتاح أول استراحة طرقية على اتستراد دمشق درعا متكاملة الشروط والمعايير.

ولفت السعدي إلى ضرورة تجاوز بعض الصعوبات مع الجهات الأخرى، والعمل على تعديل قرار تصنيف الأراضي الزراعية الذي يقف عائقا أمام أية فرصة استثمارية جديدة، على اعتبار أن هذه المشاريع تعتبر مشاريع حيوية كونها توفر فرص عمل كبيرة بدءا من الإنشاء وحتى التخديم وتحقق ريعية ربحية وافرة.

 

تغطي الإنتاج

طالما اشتهرت المحافظة بغناها الزراعي وتنوع مناخها وما تشكله السهول فيها بامتلاكها تربة خصبة ومياه وفيرة لاسيما في منطقة حوض اليرموك وامتلاكها ما يزيد على ١٦سداً، إضافة لعدد هائل من الآبار المحفورة، هذا الأمر ميزها بتوفر سلة غذائية متنوعة من المحاصيل الزراعية التي تحتل نسبة لايستهان بها من الإنتاج الإجمالي الزراعي في سورية من قمح وزيتون ومحاصيل زراعية شتوية وصيفية ما جعلها تحتل المرتبة الأولى زراعيا.

يرافق الإنتاج الزراعي في درعا قيام العديد من الصناعات الغذائية من قبل القطاعين العام والخاص، يساهم في الاستفادة من المحاصيل الزراعية والتحول نحو الصناعة من خلال إنشاء معامل عصر الزيتون، وبين المهندس عبد الوحيد العوض مدير صناعة درعا أن عدد المعاصر العاملة حالياً ارتفع إلى ٣٠ معصرة من أصل ٤٢ معصرة تعمل بأحدث الخطوط الأتوماتيكية التي تعمل على مبدأ الطرد المركزي، كما بلغ – حسب العوض – عدد معامل الكونسروة في محافظة درعا ٢٠ معصرة بطاقة إنتاجية تتجاوز ١٠ آلاف طن يوميا، في حين بلغ عدد المشاريع العاملة في إنتاج الأجبان والالبان ١٣ منشأة.

 

لا استثمارات جديدة

وأوضح المهندس وليد المصري رئيس دائرة الإنتاج الحيواني في مديرية زراعة درعا أن عدد مزارع الإنتاج الحيواني المرخصة في المحافظة كانت قبل الأزمة حوالي ١١٤٥ منها ٧٤٢ مزرعة للفروج والفروج البياض وبطاقة إنتاجية كبيرة، بالإضافة إلى ١٩٢ مزرعة لتربية الأبقار الحلوب ومزارع تسمين العجول وتربية الأغنام والخراف.

ولكن ظروف الحرب وارتفاع مستلزمات الإنتاج وأسعار الأدوية البيطرية اللازمة، أدت لانخفاض هذه الأرقام إلى النصف وعدم القدرة على إطلاق مشاريع استثمارية جديدة، بل على العكس كل هذه الأسباب مجتمعة أدت إلى عزوف الكثير من مربي الدواجن عن التربية وأصبح هناك قلة بالعرض وزيادة في الطلب، حيث يعمل حالياً من أصل ٧٤٢ مدجنة مرخصة ١٦٩ مدجنة فقط، حيث توقف ٥٧٣ مدجنة بسبب قلة العمالة.

 

رغبة في الاستثمار

تتمثل أبرز العوائق التي تواجه الاستثمار في درعا كما جاءت على لسان أحد المستثمرين بسبب القانون الناظم على أن تكون الأرض التي يراد إشادة المشروع عليها بنسبة ٧٠٪صخرية، منوهاً إلى أنه يتم تعديل هذا الشرط بالسرعة القصوى، لأن الكثير من المستثمرين لديهم الرغبة بإقامة مشاريع تنموية هامة وذات جدوى اقتصادية، لكن شرط أن تكون صخرية صعب جداً، والجميع يعلم أن أغلب أراضي المحافظة سهلية باستثناء بعض المواقع في اللجاة ذات الطبيعة الجغرافية الصخرية ولكن بعدها عن مواقع الإنتاج الزراعي يشكل عائقا كبيرا، مؤكداً على ضرورة العمل بروح الفريق، وتوحيد الجهود، واحترام الوقت، مطالبا أن يكون هناك مناطق صناعية واقعية، إضافة إلى المدن الصناعية الموجودة حالياً، وتخديمها بشكل جيد وكامل من صرف صحي وكهرباء ومياه، والاهتمام بالبنية التحتية للاستثمار.