“دعم المنظومة الثقافية الوطنية” في ندوة
ضمن سلسلة ندوات مواجهة الغزو الثقافي، أقيمت في المركز الثقافي العربي، “أبو رمانة”، ندوة “دعم المنظومة الثقافية الوطنية”، أدارها الإعلامي والشاعر محمد خالد الخضر، واستهلها بتساؤلات حول استهداف اللغة العربية، وتجيير الجرائم الالكترونية لاختراق الوعي والتشهير والإساءة.
جسر بين الأزمنة
كانت اللغة العربية محور حديث الإعلامي أسامة شحادة الذي يرفض أن تكون اختصاصاً أو حقلاً علمياً من العلوم التي تُدرس، ويصبو لتكون وعاء حاملاً لكل العلوم، وأن نتقنها كونها الحاضن الحقيقي للثقافة، ومن خلالها نقاوم التطبيع، وننهض بالواقع، ونستطيع أيضاً بلغتنا العربية فرض حضورنا ورأينا على الصديق قبل العدو، فهي قوتنا، والقوة ليست عسكرية فقط، وإنما سياسية وثقافية ولغوية واجتماعية.
ورأى شحادة أن اللغة العربية تمثّل الجسر الذي يربط بين الماضي والحاضر والمستقبل، وهي متميزة عن كل اللغات بحسن تراكيبها، وجمالية مفرداتها وسماتها وخصائصها التي تبقيها لغة حيّة، واليوم اللغة العربية تستهدف بالغزو السلبي لاختراق الهوية والقومية، وهي الأساس الذي نبني عليه ونرد من خلاله.
وعاد شحادة إلى التاريخ القديم واستحضر أمثلة عن خلفاء العصر الأموي، وتأثيرهم المتنوع في بناء تاريخ دمشق، المدينة الخالدة، ليصل إلى عراقة سورية وتأصلها بين الأمم، ومن واجبنا الحفاظ عليها كما نحافظ على لغتنا، متمنياً أن نتجاوز كل الدمار، ليس بالعمارة فقط، وإنما بنفوسنا، ونتصدى لكل من يحاول غزو إنسانيتنا وثقافتنا ولغتنا وبلدنا.
الملاحقة القضائية
ومن اللغة العربية إلى الجرائم الالكترونية التي تعزز الغزو السلبي، تحدث القاضي عبد الأحد سفر عن واقع المنظومة الالكترونية التي انتشر الجانب السلبي منها أكثر من الإيجابي، واستخدمت في جانب منها للتطبيع، متوقفاً عند التطبيع الأخير من جانب الإمارات، وعاد إلى أهمية قراءة التاريخ قراءة صحيحة، وإغناء الفكر الثقافي لمواجهة الجرائم الالكترونية، والفيسبوك المراقب من إدارته، وتطرق إلى الثقافة المكسيكية والتركية التي غزت ثقافتنا.
ودعا سفر إلى نشر الثقافة القانونية من جهة، وإلى العلاج النفسي لمرتكب الجريمة الالكترونية من جهة ثانية من خلال حديثه عن أمثلة كثيرة من واقع مسؤوليته بالمحكمة، إضافة إلى جرائم الاحتيال التي تتم عبر هذه المنظومة، وتحدث عن الملاحقة القضائية التي تطال الأشخاص الذين يرتكبون الجرائم الالكترونية من خلال صفحاتهم وهم في الخارج، منوّهاً بالخبراء السوريين البارعين بالتقنيات التي تمكّنهم باللغة الرقمية من اكتشاف مكان من يعمل على نشر الأخبار الكاذبة، وإلى العقوبات الجنائية للجرائم الالكترونية التي قد تصل إلى خمسة عشر عاماً.
منصات للرد
ولم يقتصر سفر بالحديث عن تحليل آلية الجريمة الالكترونية ونوعها فقط، إذ اقترح الرد عليها من خلال إنشاء منصات قوية لكل الوزارات والمؤسسات، وتفعيل دور النقابات في العالم الرقمي كإنشاء منصة لوزارتي الثقافة والإعلام واتحاد الكتّاب العرب، ونقابة المعلمين، وغيرها، وأهمية استثمار الفنانين لتأثيرهم على الوعي الجمعي، والتعاون مع المنظمات غير الحكومية لبناء بنية ثقافية متماسكة قادرة على مواجهة أي اختراق من خلال الجرائم الالكترونية.
ثقافة وطنية إسعافية
وأشارت مديرة المركز رباب أحمد إلى حاجتنا الماسة لخطة ثقافية إسعافية سريعة لحماية ثقافتنا الوطنية ولغتنا ومبادئنا من أي اختراق، ابتداء من الأسرة الحاضنة الأولى في المجتمع، منوّهة إلى دور وزارات التربية والإعلام والثقافة، والدور الخاص لوزارة الأوقاف التي تعمل على نشر تعاليم الدين الإسلامي الصحيح، وكذلك دور الكنيسة في تعزيز بنية الثقافة الوطنية.
ملده شويكاني