القانون رقم 8 “طبّق ولم يطبّق!!”.. النظام المالي ضاع في الزحام والملاك العددي في غياهب المجهول
“البعث الأسبوعية” ــ مؤيد البش
ملفات منشآتية وفنية وتنظيمية تسلمتها القيادة الرياضية من سابقتها لا يمكن الاستهانة بحجمها، ولا يستطيع أحد الجزم بطريقة معالجتها، رغم أن القانون رقم 8، الذي يحكم رياضتنا، يمتلك حلولاً واضحة لكثير منها إذا طبقت مواده كاملة دون انتقائية.
فللحديث عن الأمور الاستثمارية والمنشآتية شجون كثيرة مع وجود ملاحظات بالجملة على عقود أبرمت وملاعب شيدت وأندية نموذجية أطلقت وانتظار من محافظات لدورها في إعادة التأهيل التي تأخرت دون سبب معلوم.
وتبدو التركة ثقيلة في الأمور الفنية لدرجة أن أغلب مفاصل العمل، من اتحادات ألعاب ولجان فنية وتنفيذية، تحتاج لتدخل سريع، تغييراً أو تعديلاً، في سبيل إنقاذ ما يمكن إنقاذه، فيما الجانب التنظيمي الذي يعد الأهم على الإطلاق بين كل الملفات يتم ترحيل مشاكله اجتماعاً بعد آخر، وسنة إثر أخرى، مع تسمية لجان هنا وهناك لذر الرماد في العيون.
غياب مالي
أما الجانب الأكثر تهميشاً منذ زمن، فهو موضوع النظام المالي للاتحاد الرياضي الذي كان يفترض أن يصدر منذ بدء تطبيق القانون رقم 8، لكنه بقي حتى اللحظة حبيس الأدراج؛ ففي العام 2014، تمت مخاطبة وزارة المالية لتسمية مندوبين لإعداد النظام المالي، وفعلاً تمت التسمية وعقد الاجتماع الأول وتم وضع التعاريف والأوراق المطلوبة مع كافة الأنظمة والقوانين المالية والمراسيم الصادرة في هذا الشأن، لكن الاختلاف كان على فقرتين في القانون، هما 451 و452 اللتان تنظمان العمل المحاسبي، فالمكتب التنفيذي واتحادات الألعاب والفروع يجب أن تعمل على النظام المحاسبي الإداري، أما المنشآت فتعامل على النظام المحاسبي الاستثماري.
لكن اللجنة رفضت الطرح، وعلى ضوء ذلك تغيب مندوبا وزارة المالية وتوقف عمل اللجنة لحين تسمية مندوبين من وزارة المالية، وحتى تاريخه لم تتم التسمية، ليكتفي المكتب التنفيذي بإصدار قرارات مالية لتعديل إذن السفر وإصدار النظام المالي للأندية الرياضية الذي يبدو هو الآخر مليئاً بالسلبيات.
بلا موظفين
وإذا كان النظام المالي قد همش ونسي فإن الملاك العددي للاتحاد لم يكن أحسن حظاً بل دخل هو الآخر في غياهب المجهول، فاللجنة المكلفة بهذا الموضوع عينت في العام 2014، لكنها لم تعقد أي اجتماع، واقتصرت على استقبال المقترحات من أعضاء المجلس المركزي؛ ومع انعقاد المؤتمر العام التاسع، عام 2015، تم إلغاء مكتب الشؤون الإدارية والمكتب المالي، واتباع هذه المكاتب مباشرة لرئيس الاتحاد الرياضي العام، وحسب ما نقل لنا فإن مرسوم الملاك العددي صدر، ولكن توقف تنفيذه لأسباب لا أحد يعلمها، علماً أن الملاك العددي المقترح كان 2500 موظف لمنظمة الاتحاد الرياضي العام برمتها، وهو رقم قليل جداً قياساً بكمية العمل، مع الإشارة هما إلى أن موظفي مديريات المنشآت الرياضية، أيام تطبيق المرسوم رقم 7، يفوق عدد موظفي الاتحاد الرياضي المقترحين بمرات كثيرة.
وهذا التعثر في إقرار الملاك العددي جعل العديد من الاتحادات والتنفيذيات تعاني الأمرين في تأمين موظفين دائمين ليكون الحل دائماً في العقود الموسمية التي لا تغني ولا تسمن.
آليات مفقودة
وإذا أردنا أن نفصل أكثر في الجوانب التنظيمية نجد أن رياضتنا تعاني من مرض مزمن يتعلق بآليات اتخاذ القرار والتراتبية غير المفهومة في عملها، بداية من طريقة تشكيل المجلس المركزي للاتحاد الرياضي، مروراً بصلاحيات اتحادات الألعاب واللجان التنفيذية وانتهاء بدور اللجنة الأولمبية.
هذه الملاحظة باتت معلومة بالنسبة للمكتب التنفيذي الذي بات مطالباً بتدخل واسع النطاق ضمن رؤية واضحة لكيفية تدوير زوايا هذه الملفات الشائكة، وابتكار حلول لها، إذا كان فعلاً يريد قرن الأقوال بالأفعال وإصلاح أخطاء الماضي التي تسببت بالكثير من الضرر.
ربما يمكن أن نصنف الاجتماع الأول للجنة تعديل النظام الداخلي للاتحاد الرياضي على أنه خرق في مواضيع كانت منسية لسنوات وكانت لجان مناقشتها على الورق فقط.
ضرورة قصوى
آثار تعديل النظام الداخلي وتوابعه سيكون لها تداعيات كبيرة على رياضتنا برمتها لكن الذي حصل في السنوات الماضية أن هذه المهمة أسندت لعدة لجان، لم نسمع عن اجتماع لها أو نتائج لعملها، ولا عن أسماء أعضائها، فبقيت للاستهلاك الإعلامي وجعلت اجتماعاتها هدفاً عوضاً أن تكون أمراً طبيعياً، وفي هذا الإطار تثار خشية بعض الخبرات بأن تغيب النتائج عن هذه اللجان وتبقى المداولات هي الحاضرة كون الموضوع ليس سهلاً والأمور المطلوب تغييرها كثيرة.
لنكون منطقيين فإن الاجتماع الأول للجنة دام عدة ساعات، وشهد – حسب مصادر لـ “البعث الأسبوعية” نقاشات جادة في سبيل تعديل بعض المواد، حيث كان مصدر هذه النقاشات هو سبر آراء بعض الاتحادات واللجان التنفيذية وأعضاء المكتب التنفيذي.
تشابك واضح
تعديل النظام الداخلي للاتحاد، وما يرافقه من قوانين مالية وملاك عددي، يجب أن يترافق مع تعديل بعض مواد القانون رقم 8، وهو الأمر الذي طرح مرة وحيدة في مجلس الشعب، لكنه لم يتكرر. ورغم ضرورة هذا التعديل في ظل التداخل الواضح بين ما يجب تعديله في النظام الداخلي والقانون، إلا أن هناك نقاطاً كثيرة ذكرها القانون لم تترجم في النظام الداخلي. وعلى سبيل المثال، المادة رقم 40 من القانون، التي تنص على أن يقوم النادي ببناء منشآته على الأراضي التي يملكها أو خصص بها، غابت عن تعريفات النظام الداخلي ولم تطبق على أرض الواقع.
وللتنويه فإن الدورة الماضية لمجلس الشعب شهدت تواجداً كبيراً للرياضيين كأعضاء، لكن طرح التعديلات لم يتم، وبالتالي بات الرياضيون اليوم بحاجة لمقترح من عشرة من أعضاء المجلس لتعديل القانون، وهذا الأمر بحاجة لجهود من القيادة الرياضية لجعل الموضوع في سلم الأولويات نظراً لأهميته.