تحقيقاتصحيفة البعث

أسواق طرطوس “الشعبية” المحدثة.. وشكاوى من مخالفات الوحدات الإدارية؟

أفرزت الحرب على سورية والحصار الاقتصادي الظالم جملة من المتغيّرات، وربما غابت بسببها ثقافات ودخلت محلها ثقافات أخرى مختلفة في نمطها وسياقها العام عن ثقافة المجتمع السوري، لكن ولجملة من الاعتبارات ومعادلات جديدة في نظام السوق الحر وجدلية العرض والطلب، ولكثرة ضحايا هذه النظرية المستوردة لأسواقنا وحتى حياتنا اليومية، كان لابد أيضاً من طرح معادلات جديدة لبلورة أفكار تعمل لمصلحة المواطن والمنتج معاً من دون حلقات وساطة، فكان لا بد من ولادة معادلة من “المنتج للمستهلك” من خلال إقامة ما سُمّي الأسواق الشعبية.

حوار فلاحي
العديد من مزارعي ريف طرطوس القريب تحدثوا حول فكرة الأسواق الشعبية، ما لها وما عليها، حيث تمّ التأكيد بحسب المزارع أيوب علي على أهمية دعم هذه الفكرة وتأمين ما تحتاجه من بنى تحتية تلبي حاجة المزارع والمستهلك معاً، ومنها الصرف الصحي والكهرباء والمياه والنقل، والأهم تخصيص كولبات مناسبة لعرض المنتجات الزراعية وحمايتها من أشعة الشمس والأمطار وغيرها.

بدوره لفت المزارع أحمد عيسى إلى ضرورة تجهيز أرصفة مناسبة مزوّدة بالخدمة. كما لفت بعض المزارعين أيضاً إلى أن مجمل ما يتمّ عرضه في هذه الأسواق لا يتعدى 10% من مجمل المحصول، وهذه كمية قليلة مقارنة بالإنتاج، وبالتالي المطلوب زيادة الكميات المطروحة في هذه الأسواق وتنوعها بشكل يجذب كل مواطن، وذلك نظراً لفارق السعر بين البضاعة نفسها في المحلات، وهذا الأمر يخفّف من تحكم تجار سوق الهال، بحسب كلام المواطنة أحلام برهوم الزائرة اليومية لسوق الغمقة. وفي الوقت نفسه طالب بعض المزارعين بضرورة العمل على التخفيف من “سطوة” بعض الوحدات الإدارية وتحكمها بكيفية عرض بضاعتهم، حيث أشار بعضهم إلى وجود عمليات دفع رشاوى مقابل السماح لبعض المزارعين بعرض منتجاتهم في هذا الموقع أو ذاك بحسب أهميته. وقال المزارع أيوب بأنه توجد دعوى قضائية بحق بعض مسؤولي الأسواق بتهمة قبض رشاوى وابتزاز، حيث ينظر بها القضاء حالياً.
اتحاد فلاحي طرطوس
جملة من المعوقات والصعوبات التي رآها مضر أسعد رئيس اتحاد فلاحي طرطوس كبّلت فكرة انطلاقة هذه التجربة الوليدة، رغم اعترافه بأنه في الأيام الأولى من انتشار الأسواق الشعبية لاقت تجاوباً ونجاحاً كبيرين وعكست حضوراً واهتماماً رسمياً من أعلى المستويات المحلية، وبتوجيه من محافظ طرطوس ومتابعته اليومية بشكل مباشر أو من خلال تكليفه لأعضاء المكتب التنفيذي ورؤساء الوحدات الإدارية بالتواجد اليومي لمعالجة كل مشكلة، والعمل على تلبية حاجة الأسواق بما تحتاجه من خدمات وغير ذلك، إلا أن واقع الحال ومع مضي فترة من الزمن فإن وهج الحركة تراجع نسبياً لجملة من الأسباب والظروف، منها تحكم موظفي مجالس الوحدات الإدارية بالأسواق وخضوعها لإشرافهم المباشر، الأمر الذي أدى لتراجع دورها بشكل واضح. وأشار أسعد إلى ضرورة أن تكون إدارة هذه الأسواق تشاركية بين الوحدة الإدارية واتحاد الفلاحين، إن لم نقل بأن تكون الإدارة عائدة لاتحاد الفلاحين، وأن يكون عمل الوحدة الإدارية تلبية متطلبات الأسواق من نظافة وبنى تحتية، وقد غمز رئيس اتحاد الفلاحين من قناة بأنه هو شخصياً قد تمّ طرده من أحد الأسواق الشعبية من قبل مشرفي السوق في مدينة طرطوس، كما أشار أسعد إلى ضرورة مساهمة أصحاب المنشآت والمصانع في تقديم منتجاتهم في هذه الأسواق ربطاً بشعار من المنتج للمستهلك، وتعميم الفائدة لتشمل باقي شرائح المجتمع، الأمر الذي من شأنه كسر حلقة الوساطة بين المنتج والمستهلك والبيع بشكل مباشر، والعمل على زيادة المساحات والكولبات، علماً أن الأسواق في مدينة طرطوس موزعة جغرافيا بشكل مدروس وتحقق المصلحة العامة. ولفت إلى وجود تعاون تام مع بعض الوحدات الإدارية، في حين يغيب التعاون مع بعض الوحدات الإدارية الأخرى ومجالس المدن من خلال عمل مشرفي هذه الأسواق، وهناك كتب تمّ رفعها إلى محافظ طرطوس بهذا الخصوص على أمل معالجة وتلافي هذه الصعوبات والثغرات حرصاً على مصلحة المزارع والمستهلك معاً.
دعم رسمي.. ولكن!
على الرغم من كل الدعم والاهتمام من قبل محافظة طرطوس، فإن المطلوب إعادة تنظيم هذه الأسواق من خلال خارطة تنظيمية وتسويقية ووضع إدارة لها وأدوات التحكم، وتستوعب كل المشكلات والهنات والثغرات التي نراها ونسمع بها، وتجهيز الأسواق بالبنى التحتية من مياه وكهرباء ونقل وغيرها، وهذا كله نضعه برسم محافظة طرطوس وفريقها الإداري ومعه اتحاد فلاحي المحافظة لكي نترجم شعار الأسواق بشكل يعكس كل هذا الدعم اللامحدود والمستحق.

لؤي تفاحة