فنان تشكيلي.. “يبكي لي”
كتب الفنان التشكيلي المعروف موفق مخول في صفحته الخاصة عبر “السيد فيسبوك”: أنا فنان.. لست كلاسيكياً ولا تجريدياً ولا انطباعياً أو واقعياً أو تعبيرياً.. أنا فنان جوعان”.
تجاوز مخول الستين عاماً بقليل وأعرفه منذ أربعين عاماً فناناً سورياً ملتزماً ومنتجاً مبدعاً تميزت تجربته بالخبرة الواسعة في إنتاج اللوحة وتعليم الفنون وتربية النشء من خلال الفن، عمل في الصحافة ومعلماً في مدارس تربية دمشق وموجهاً لمادة الفنون في وزارة التربية، كما عمل لسنوات في منظمة طلائع البعث وشارك في معظم المهرجانات القطرية التي أقيمت في المحافظات وفي رصيده عشرات المعارض الفردية والكثير من الجماعية وشارك في تحكيم العديد من المسابقات التشكيلية ومعارض وزارة الثقافة.
وتشهد مدينة دمشق على جهوده في تزيين جسورها وجدران مدارسها مع فريق “إيقاع الحياة “الذي يعمل بإشرافه كما أنجز مع فريقه التربوي متحف العلوم والمكتبة العمومية في منطقة التجارة وهو عضو المكتب التنفيذي في اتحاد الفنانين التشكيليين وله بصمة واضحة في الحياة الثقافية كفنان سوري يتمتع بالذكاء والدماثة، وبالشخصية النادرة القادرة على تأليف الابتسامة وإشاعة الحب في محيطها، وقد صدر له كتاب عن دار رفوف بالتعاون مع غاليري “ألف نون” بعنوان “مخوليات” جمع فيه ما كتب من نصوص قصيرة يومية كان قد نشرها عبر فيسبوك يضيء بسخرية المعايش لليوميات العادية التي يعيشها السوريون وما يعاني المواطن البسيط منها، هذه النصوص لم تخرج عن الحكاية القصيرة والجادة التي يميزها الصدق والانتماء للفقراء والوطن الجميل.
يحزنني أن أقرأ ما كتبه مخول ويزيد حزني أكثر ما أعرفه عن عشرات من الفنانين التشكيليين السوريين الذين عضهم الجوع واليأس، فمنهم من تهجر من منزله وفقد لوحاته ومرسمه بفعل الحرب ومنهم من هاجر ومنهم من مات فقيراً مهشماً ومنهم من يعيش منتظراً معرض الخريف السنوي الذي تقيمه وزارة الثقافة ونحن على أبواب موعده في الأسابيع القادمة، هذا المعرض الوحيد الذي تمنح فيه وزارة الثقافة الفنان التشكيلي مبلغاً بسيطاً مقابل لوحته المقتناة من قبلها، ولربما تحول هذا المعرض إلى نشاط شبه خيري في جانبه المالي. وأعرف تفاصيل مؤلمة عن سياسة الاقتناء والعرض التي يتعامل القائمون فيها مع الفنان بحسابات العطف وجبر الخاطر ومراعاة السن والخدمة، كما يعترف الفنانون بعجز اتحادهم عن القيام بأي دور اجتماعي تجاههم ويبررون له أنه فقير مثلهم، فصناديقه الفارغة تنتعش لأيام على مساعدة وزارة الثقافة، التي لا تعادل ثمن لوحة بسعرها الحقيقي لبعض الفنانين، وما تحصله من إيرادات يدفعها الفنان مقابل بطاقة العضوية أو اشتراكه السنوي الواجب عليه دفعه لاتحادهم، الذي يطمح أن يكون بيت الفنانين والمدافع عنهم وتطوير حياتهم الإبداعية، ومن المؤكد أن الدعم المالي الوحيد يأتيه من وزارة الثقافة فقط وهنا العتب على باقي الوزارات الحكومية والمؤسسات المالية والاقتصادية التي لا تساهم بأي شيء في دعم الحياة الثقافية، فلو اقتنت هذه الوزارات وبعض البنوك والمؤسسات بعضاً من أعمال الفنانين عن طريق اتحادهم لأسهمت في رفع الفقر عن أولئك الفنانين الذين لا زالوا مصرين على دورهم ودور الفن في خلق الحياة اللائقة والأكثر عافية من خلال الجمال والخير، ولنا في المجتمعات الأخرى وسياسة حكوماتها أمثلة واضحة في السعي نحو الحفاظ على هؤلاء القوم من الناس المبدعين سواء كانوا كتاباً أم فنانين.
موفق مخول لست وحدك في عوز فمثلك كثر لكنهم لا يعرفون الشكوى إلا بألوانهم وفرشاة الرسم وأقلام فحمهم على القماش.. انتبهوا لواقعهم يا أهلي إنهم مرآتنا النظيفة..”!؟
أكسم طلاع