مجلة البعث الأسبوعية

غائب أم مغيّب؟! مظهر الحكيم: لا أزال أطمح للصعود على خشبة المسرح!!

“البعث الأسبوعية” ــ أمينة عباس

يُعتَبَر الفنان مظهر الحكيم من رواد الدراما التلفزيونية في سورية، وقد حمل لقب المخرج البدويّ في فترة من الفترات. في رصيده كممثل أكثر من خمسين عملاً، ونحو 15 كمخرج، وله كمؤلّف عدد كبير من الأعمال. أسس “مؤسسة حكيم للإنتاج” التي أنتجت أعمالاً مهمة، منها: “ابتسامة على شفاه جافة”، و”أيام اللولو”، وهو اليوم غائب عن المسرح.. كما غدت إطلالاته التلفزيونية قليلة. ومن مشاركاته الأخيرة: “سمرا” إخراج رشا شربتجي، و”العراب” و”تحت الحزام” إخراج حاتم علي، و”جيران القمر” إخراج محمود خزعل، و”حرملك” إخراج تامر إسحاق، و”أثر الفراشة” إخراج زهير قنوع، و”عندما تشيخ الذئاب” إخراج عامر فهد، وهو أحد الفنانين الذين لم ينقطعوا عن الإذاعة السورية.

 

كأحد مؤسسي الدراما السورية.. ما أشد ما يؤلمك في واقعها اليوم؟

– أشد ما يؤلمني- وما زال – مامرت به سورية في السنوات التسع الأخيرة، وما زالت الحرب الاقتصادية والسياسية على سورية مستمرة، ففي ظل هذه الأوضاع كيف يمكن للإبداع أن يكون!!

 

تحولتَ إلى متابع للدراما بعد أن كنتَ ممثلاً ومخرجاً ومنتجاً.. فهل أنت غائب أم مغيّب عنها؟

– لستُ غائباً، لا كإنسان ولا كفنان، فأنا أعيش حياتي بين ناسي وجمهوري، وأرى ما يجري في الشارع، ولكن ما حدث أن أموراً كثيرة تغيرت، إذ ظهرت أسماء قدمت تجاربها وصنعت دراماها التي لم يكن فيها مكان لبعض الفنانين.

 

عند أية مرحلة من هذه المسيرة تقف بكثير من الإعجاب والحنين وتتمنى لو يعود بك الزمن؟

– أتمنى لو لم يُحرَق مسرح أبي خليل القباني، ولو أنه بقي شامخاً إلى الآن لكنّا شاهدنا فناً وتاريخاً ونجوماً وعباقرة يغزون العالم، وهو الذي نقل فننا وإبداعاتنا إلى مصر وأميركا.

 

اخترتَ القاهرة لدراسة التمثيل فماذا غيرت فيك الدراسة ووجودك في القاهرة؟

– كانت دراسة التمثيل في القاهرة بالنسبة لي مغامرة، فبين رغبتي في التوجه إلى موسكو لدراسة هندسة ميكانيك الدبابات، وعودتي برتبة ملازم خبير، وبين ميولي الفنية، حسمتُ أمري وقررت إكمال ما أرغب به منذ صغري، وقد ساعدني في ذلك تشجيع السيناريست المصري محمد كامل عبد السلام الذي كان صديقاً للمنتجين تحسين وعادل قوادري، فتابعت طموحي الفني.. وهكذا كان الاختيار الذي بدَّل مجرى حياتي.

 

حبذا لو تحدثنا أكثر عن المسرح في مسيرتك الفنية

– كان المسرح هو الفن الوحيد في سورية إلى جانب الإذاعة، لذلك وبعد عودتي من القاهرة انتسبتُ للمسرح العسكري برعاية المخرج الراحل محمد شاهين وبعض الأصدقاء، كما انتسبتُ لفرقة المسرح الحر التي كانت منبراً للفن يجمع نخبة فناني سورية، وعلى رأسهم الفنان الراحل عبد اللطيف فتحي، كما عملتُ مع الفنان الراحل سعد الدين بقدونس وفرقة دبابيس للأخوة قنوع، ومع الفنان الراحل محمود جبر، ومع الفنان دريد لحام في مسرح الشوك الذي أسسه الفنان الراحل عمر حجو الذي دعاني للمشاركة معه في تأسيسه مع الفنانين عبد السلام الطيب وياسين بقوش، فقدمنا لوحات عرضناها على مسرح المركز الثقافي الروسي، وقد حضرها الفنان دريد لحام الذي انضم إلى مسرح الشوك.. وحين ظهر العمل مع الفنانين دريد لحام ونهاد قلعي، تم استبعاد بعض الفنانين، وأنا منهم، لكنني ثابرتُ بعدها في العمل مع الفنان هاني الروماني في مسرحية “أنت اللي قتلت الوحش”، والفنان علاء الدين كوكش في مسرحية “حفلة سمر من أجل الخامس من حزيران”، وأسستُ فرقة مسرحية قدمت عدداً من المسرحيات، كما عملتُ مع الفنان محمود جبر في عدد من المسرحيات.. ومعظم هذه العروض كانت جوالة في المدن السورية، وبعضها عُرِضَ في بيروت.

 

تقول دائماً: “إذا أتاني دور في عمل مسرحي فلن أتردد”!!

– هذا صحيح، وذلك بسبب إحساسي أن المسرح هو المنبر الحقيقي لأي فنان، ولا أزال أطمح للصعود على خشبته وأداء أي دور يناسبني عمراً الآن.

 

شكَّل مسلسل “مغامرة الأميرة الشماء” منعطفاً في مسيرتك الفنية فما الذي قدمه لك كممثل؟

– مسلسل “مغامرة الأميرة الشماء” من روائع الدراما التلفزيونية السورية، وكان من إخراج علاء الدين كوكش، وقد رشحني له الفنان الراحل طلحت حمدي، وكان كوكش جريئاً في إسناد الدور لي، وهذا ما شكّل لي حالة تحدّ لإثبات وجودي، فقدمتُ الدور الذي حقق لي مكانة جديدة بين الممثلين.

 

ما هي أهم النتائج التي خرجتَ بها من عملك كمنتج للعديد من الأعمال الفنية؟

– أنتجتُ أعمالاً تلفزيونية تحمل بصمة خاصة بي، ولم أندم يوماً على أي عمل قمتُ بإنتاجه، وجميع هذه الأعمال انتشرت، وقد وزّع مسلسل “ابتسامة على شفاه جافة” – وهو من تأليفي وإخراجي وإنتاجي – إلى ٢٤ محطة تلفزيونية، وهو أول عمل غير مصري تتم الموافقة على عرضه في التلفزيون المصري، وأهم النتائج التي خرجتُ بها من عملي الطويل في الإنتاج هي أن طيبة قلبي كانت خطأي الوحيد الذي ارتكبتُه في حياتي.

 

ما توصيفك اليوم للمنتجين الموجودين في الساحة الفنية؟

– الخطأ الذي ارتكبه المنتجون الجدد أنهم لم يتكاتفوا معاً لتقديم دراما تليق بنا، وقد حاولتُ مع الكثيرين منهم لتجميع الإمكانيات لإنتاج ما هو أفضل وأجود، ولكن لم أنجح في إقناعهم لأن كلاً منهم كان يعتبر نفسه معلماً وأستاذاً وفاهماً لسر النجاح.

 

ما الذي جعل بعضهم يلقّبك بـ “مخرج الأعمال البدوية”؟

– الأعمال البدوية التي ازدهرت في فترة من الفترات لا يزال لها جمهورها ورونقها الخاص، وقسم كبير منها يعبّر عن الأصالة والتراث، وعدد كبير منها تُرجِم إلى لغات أخرى، وغالباً ما كان ينتجها المنتجون الخليجيون وهم اليوم مبتعدون عنها باتجاه أنواع أخرى من الدراما، مع الإشارة إلى أنني كمخرج بدأتُ من خلال مسلسل بدوي بعنوان “الحزم الضامي” وتعني التلة الجافة، وكان من النوع العربي المشترك، حيث شارك فيه ممثلون من الكويت والسعودية، وكنت فيه منتجاً منفذاً ومخرجاً، وقبل إنجازه تحاورتُ مع زعماء وشيوخ العديد من العشائر العربية لمعرفة العادات القبلية، وكان هذا العمل فاتحة لأربعة مسلسلات بدوية أخرى قمتُ بإخراجها، فأُطلق عليّ لقب “المخرج البدوي” بعد أن لاقى المسلسل صدى واسعاً في الصحافة الخليجية.. وكممثل شاركتُ في جميع أفلام سميرة توفيق التي صوّرتها في سورية وهي ذات طابع بدوي.

 

في رصيدك عدد كبير من الأعمال السينمائية.. ما أبرز ما يعجبك بما يقدَّم فيها اليوم؟

– في عمر الـ 16 عاماً، شاركتُ في أول فيلم سينمائي مع الفنان زهير الشوا، وكان بعنوان “الوادي الأخضر” – كتابة خالد حمدي. وكان بداية إرهاصات السينما في سورية. واليوم في رصيدي 29 فيلماً، آخرها “عودة حميدو” مع الفنان الراحل ناجي جبر، إخراج فيصل الياسري، وجميع الأفلام التي شاركتُ فيها كانت أدواراً ثانية أو ثالثة، وأعتز بفيلم “ثلاث عمليات داخل فلسطين”، وهو فيلم أرَّخ لحقبة من النضال الفلسطيني ضد إسرائيل، وله مكانة خاصة عندي.. أما ما يُقدَّم اليوم من أفلام سينمائية فيبقى محاولات فردية لرصد الأحداث التي عاشتها سورية في الفترة المؤلمة، وآخر ما شاهدتُه منها وأُعجبتُ به كان فيلم نجدة أنزور “دم النخل”.

 

للإذاعة مكانة خاصة في مسيرتك فما الذي يجعلك تلوذ بها أحياناً؟

– الإذاعة هي محطة الشرف والتقدير الذي منحني إياها القائد حافظ الأسد وهي منبري ووسام على صدري، ولن أخون هذا الوسام مهما وضع بعض الحاسدين في طريقه من عقبات.

 

بماذا تحلم اليوم؟

– أحلم أن يعود المنتج السوري إلى دياره وأن يعود الفنان إلى وطنه وأن نفكر كفنانين بالبناء والحب، وأن يعود ضخّ الإنتاج السوري إلى جميع أنحاء الوطن العربي الذي كشّر بعضه عن أنيابه في وجه الدراما السورية التي تضم نجوماً هم اليوم أوائل في الوطن العربي.

 

كيف تجد جيل اليوم من الممثلين والمخرجين؟ وإلى ماذا يفتقدون برأيك؟

– لكل دوره في هذا الطريق المحفوف بالنجاح والفشل، ولكل دربه، ولكن الأهم أن نتكاتف ونحب بعضنا ونحترم من عبّدوا لنا الطريق ونضعهم في مكانهم الطبيعي دون النظر للناجح بعين الحسد بل بعين المحب.

 

هل من مشاريع حالية لديك؟

– انتهيتُ من كتابة مسلسل تلفزيوني عبارة عن كوميديا إنسانية.