صحيفة البعثمحليات

وأد الأسواق الشعبية..؟!

لم يبقَ من الأسواق الشعبية المحدثة مؤخراً، بترحاب ملفت وزخم إعلامي كبير، إلا الاسم فقط، إذ سرعان ما خبا بريقها بعد أن تمكّنت لحظة انطلاقها من سحب البساط من تحت أقدام جلاوزة الأسواق التقليدية وجلادي المستهلك.. ليأتي الردّ من الأخير بخطفها وخلخلة الثقة بضبط واقع الأسواق من خلال هذا “الخديج” الوليد الذي تمّ التخلي عنه من قبل الحكومة ممثلة بوزارة حماية المستهلك، إذ اضطر المزارع المُنتج للانسحاب من هذه الأسواق، إثر مزاحمة أذناب التّجار التقليديين لهم، مستفيدين من التسهيلات والإعفاءات من رسوم الإشغال والاستثمار التي مُنحت كمحفزات للفلاحين المنتجين والمصنّعين للبيع بسعر التكلفة للمستهلك وتحقيق غاية السوق المعلنة “من المنتج إلى المستهلك”!.

يُضاف إلى ما سبق ممارسات الوحدات الإدارية المستفزّة للفلاحين، من قبيل التدخل بعمليات التسعير والبيع غير المبررة، يأتي ذلك بعد ما أُنفق من أعباء مالية من جيوب رعاياها لتشييدها، وهدر للوقت لتحضير بنيتها التحتية وتشكيل لجان التنظيم والإدارة ومراقبة جودة المعروضات والأسعار.

كما انسحبت السورية للتجارة، ومعها تراجع وتقلّص حضور اتحاد الفلاحين ومؤسسات الصناعات الغذائية والكيميائية والمنتجين والصناعيين الكبار وغيرهم من تلك الأسواق، غير آبهين بما قطعوا على أنفسهم من التزامات وتعهدات، تاركين وراءهم مواقعهم وأكشاكهم – تحمل يافطاتهم – لحفنة من الوكلاء المستثمرين الذين يديرونها من خلال وسطاء لا أحد يعلم من يقف وراءهم، ولا كيف تسلّلوا إليها واقتنصوها، ولا كيف وصلوا إليها، ليغيب الفلاح المنتج وصاحب الحق عن الواجهة كلياً، فيما المستهلك يظلّ الريشة التي يتقاذفها الجميع!!

يجري كل ذلك جهاراً نهاراً وتحت نظر وعناية الرقباء والمعنيين الذين مهروا بأقلامهم نسخة جديدة من رواية “قصة موت معلن” لأسواقنا الشعبية وتشييعها ودفنها على يد مؤسسيها ومشغليها مع الأسف.

وائل علي

Alfenek1961@yahoo.com