مجلة البعث الأسبوعية

المنتخب الوطني “بين حيص بيص”.. أخبار مفقودة ورعاية غائبة وورطات عديدة!!

“البعث الأسبوعية” ــ ناصر النجار

كان من المقرر أن يلعب هذا الأسبوع منتخبنا الوطني لكرة القدم أولى مبارياته مع منتخب الكويت، تحت قيادة المدرب التونسي نبيل المعلول، لكن إلغاء المعسكر الإماراتي لاعتذار الجانب الكويتي بسبب وفاة أمير البلاد حال دون إجراء المباراة، وبالتالي حُرم المنتخب من أول معسكر مغلق خارجي.

لم يكن من بد، أمام هذا الإلغاء المفاجئ، إلا أن يتحول المعسكر إلى معسكر داخلي في دمشق، ونحن هنا نؤيد هذه الحالة الإيجابية التي يحرص فيها المدرب التونسي على استمرار المنتخب والاستفادة من الوقت المتاح.

الحالة السلبية تكمن بعدم إيجاد الحلول البديلة، فلا مبادرات عند اتحاد كرة القدم للبحث عن البديل في حالة الطوارئ. والمتوقع، أمام ما يحدث في العالم من إجراءات احترازية، أن تلغى مباراتا الشهر القادم، فكورونا صار من يحدد المواعيد، وسبق لمنتخبي الأردن وإيران أن اعتذرا عن لقاءين سابقين، وهذه الاعتذارات تتوالى، ولا بد من خطة بديلة حتى لا يصاب منتخبنا بالملل جراء تمارينه المعتادة.

 

صمت مطبق

لكن الأهم من هذا وذاك أن الغموض يلف المنتخب الوطني، فلا أخبار حوله، بل لا أحد يملك الإجابة الصحيحة لمجموعة تساؤلات مطلوبة، وعلى ما يبدو فإن كلمة السر عند المعلول وحده.

المعلول أجرى، خلال الفترة السابقة، معسكراً داخلياً طويلاً للمنتخب امتد لأربعين يوماً، واستدعى له العديد من اللاعبين المحليين، وانتهى هذا المعسكر، وطار المدرب في إجازة إلى بلاده، ولم يصدر شيئاً يوضح وضع المعسكر، وما انتهى إليه، والشارع الرياضي مهتم بمعرفة التفاصيل، صغيرها قبل كبيرها.

فهل نجح كل اللاعبين الذين استدعاهم المدرب؟ أم أن هناك اختيارات واختبارات لا ندري ماهيتها؟ وما مصير اللاعبين المحترفين في الخارج؟ ومن سيستدعيهم المدرب؟ ومن هم خارج اهتمامه؟

وإذا كان المنسق الإعلامي للمنتخب قد اعتذر عن إكمال مهمته بنصف المشوار لأسباب خاصة، والمدرب المساعد ومدرب الحراس اعتذرا لعروض أفضل، ألا توحي هذه الاستقالات بشيء؟

المكتب الإعلامي في اتحاد كرة القدم لا يجيبك بشيء.. قد يكون غير مخول بالإجابة، أو إنه – مثلنا – لا يعرف شيئاً رغم قربه من مصنع القرار، وأكثر ما يتم نشره بعض البلاغات وصور رئيس الاتحاد في جولاته التي لا تنتهي.

حاولنا التواصل مع بعض أعضاء الاتحاد، فوجدنا أن المسؤول ليس بأعلم من السائل، أما مدير المنتخب الوطني عساف خليفة فيصر على عدم التواصل مع الإعلام، وهاتفه لا يرد على أحد.

 

العقلية البدائية

هذا كله يوصلنا إلى العقلية البدائية التي تدار بها أمور كرتنا: كل عمل يقوم به اتحاد كرة القدم هو عمل موظفين بغض النظر عن الأشخاص الجالسين على كراسي الاتحاد، أما العمل الاحترافي فهو غائب لغياب العقلية الاحترافية، فالتعامل مع كرة القدم ليس تنظيم مباريات، وإصدار جداول، وفرض عقوبات فقط.. هناك أعمال مهمة غائبة.

على سبيل المثال.. رغم التعاقد مع المدرب التونسي منذ الشهر الثاني من هذا العام، إلا أن اتحاد كرة القدم فشل بتأمين رعاية للمنتخب الوطني، وهذا من بديهيات العمل الاحترافي، فالشركات الراعية مهمتها تأمين كل متطلبات المنتخب، بما فيها المباريات والمعسكرات، ولو كان لدينا شركة راعية لما وقعنا بمطب اعتذار الكويت، لأن الشركات الراعية تؤمن البديل، وهو أفضل من أن ننتظر دعوات الآخرين واستضافتهم، لأن هذا الانتظار يقلل من فرص الاحتكاك، بل يفرض علينا نوع المباريات وأسماء

المنتخبات التي سنقابلها.

وهنا نتساءل: كيف استطاعت بعض أنديتنا تأمين رعاية لفرقها الكروية من شركات محلية – وفاقت هذه الرعاية المليار ليرة سورية سنوياً، ولأكثر من فريق – ثم لا نجد شركة وطنية خاصة أو عامة قادرة على رعاية المنتخب؟ أليس في الأمر مفارقة عجيبة؟

وموضوع الرعاية هذا لا يقتصر على المنتخب الوطني، فهناك أمور تحتاج إلى اهتمام وبحث أكبر وأفضل، كرعاية مباريات الدوري، مثلاً.. هناك النقل التلفزيوني، والنقل الإذاعي، والإعلان في الملاعب، وغيرها الكثير التي لا نفكر بها!! والمشكلة أن هناك من يغلق الأبواب سلفاً، فيضع اللوم على الأزمة تارة، وعلى كورونا تارة أخرى!

الحقيقة أن العقلية لم تتغير رغم تغير الأشخاص وتوالي الاتحادات، وهذا يدل على أننا محكومون ضمن أطر التخلف والعقلية الثقافية البالية، فليس لدينا أدنى نظرة لعمل احترافي مميز.

 

الورطة المالية

القضية التي لا يمكن تجاهلها، أو التغافل عنها، هي عقد المدرب التونسي ومساعديه التونسيين، فالأخبار الواردة أن الاتحاد الآسيوي لكرة القدم يقف عائقاً أمام صرف رواتب المدرب ومساعديه من أموالنا المجمدة بسبب العقوبات الجائرة على بلدنا، وزاد من قسوة الموقف وحدّة المشكلة “قانون قيصر” اللعين، وقد وضع اتحادنا في “خانة اليك”!

الطاقم التونسي لم يقبض حتى الآن أي قرش، منذ إبرام عقده في شباط الماضي، والعقد بالعملة الصعبة، والرواتب متراكمة، فأين الحلول؟

العالمون بأحوال اتحاد كرة القدم قالوا: الموضوع شائك، ويشكل أزمة قد تصل إلى حد الورطة، وخصوصاً أن المدرب ما زال يقدر الوضع الحرج لكرتنا، ولم يطالبنا بأي شيء، وهذه نعمة، ولكن أليس للصبر حدود!

الحل عند الاتحاد الآسيوي، والأمور ما زالت غامضة، ونخشى أن نصل إلى ما لا يحمد عقباه، فنقف في تخاصم مع المدرب وطاقمه أمام “الفيفا”.. وهذا ما لا نرضاه.

لذلك، ترك الأمور تسير على هوى الكتب والمراسلات قد لا يكفي، وقد لا يكون مجدياً، ولا بد من التحرك الإيجابي لحل مثل هذه المشكلة قبل أن يقع الفأس في الرأس، وتأتي ساعة الندم!