“مسـاوءة” بيـن بـايدن وتـرامـب
د. مـهـدي دخـل الـلـه
يقف العالم حائراً بين بايدن وترامب، لا يمكن المفاضلة بينهما وفق معيار المخاطر على السلام العالمي. لكن قد تكون المساوءة ممكنة، بمعنى أيهما أقل سوءاً، انطلاقاً من قول الشاعر “وحسبك من أمرين أحلاهما مرّ”..
تستند “المساوءة” على الفوارق بين مذهب الحزب الديمقراطي ومذهب الحزب الجمهوري فيما يخص الساحة العالمية. يبنى مذهب الديمقراطيين على عقيدة المجابهة والحروب بالوكالة وتصدير العنف حيثما أمكن، بما في ذلك دعم “الإسلاموية السياسية” في وجهها الإرهابي (داعش والقاعدة). بالمقابل يميل الجمهوريون الى المنافسة مع روسيا والصين في وجهها الإعتراضي والهجومي (تكتيك المنع والصد ثم الاقتحام). إضافة الى ذلك يهتم الديمقراطيون بالبعد الإيديولوجي أي نشر “الديمقراطية” على الطريقة الأمريكية في العالم بالقوة، بينما يركز الجمهوريون على المصالح الاقتصادية مع اهتمام أقل بالإيديولوجيا.
لا شك في أن بايدن، استناداً الى منهج “المساوءة”، يحمل في جعبته سياسات وتحركات سوف تشكل خطراً على العالم وستزيد في حدة المخاطر الحالية..
أولاً: من المتوقع “اعادة إحياء” داعش، وتقويتها في سورية والعراق، “والقاعدة” في أفغانستان وسورية، وتعزيز دور الإخوان المسلمين (قطر وتركيا)، وذلك في اطار دعم “الإسلاموية السياسية”.
ثانياً: إبقاء الجيش الأمريكي في سورية والعراق وأفغانستان، وربما زيادة عدد أفراده، وتحويله الى “حالة قتالية” وجهوزية عالية..
ثالثاً: رفع حدة التوتر مع روسيا بصدد أوكرانيا وإعادة محاولات ضم فنلندا وأوكرانيا إلى حلف الناتو. وكذلك رفع حدة التوتر مع الصين في بحر الصين الجنوبي ومع كوريا الديموقراطية.
رابعاً: إعادة تفعيل “الدرع الصاروخي” في تشيكيا..
خامساً: تقوية الضغط على فنزويلا وربما القيام بدعم أعمال عنف ارهابية هناك..
سادساً: تعزيز “التدخلية الأمريكية” في العالم بما يتناقض مع توجهات “الانعزالية الجديدة” لدى ترامب. وفي هذا الإطار، سوف يشجع بايدن الاستثمارات الأمريكية في الخارج على عكس ترامب..
لا يعني هذا التحليل التخفيف من مخاطر “الترامبية”، مقارنة بـ “البايدنية”، فكلاهما يعملان لتوطيد سياسة الهيمنة والاستعمار الجديد. هدفي هنا الإشارة الى أن تعامل قوى الاستقلال والتحرر مع أحدهما لا بد أن يختلف عن التعامل مع الآخر في إطار “مساوءة” بين أمرين أحلاهما مرّ.