في خطوة متأخرة.. “هيئة الأسرة” تعتزم إعداد مشروع الإستراتيجية الوطنية لكبار السن
دمشق- حياه عيسى
رغم تأخر الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان في النظر بواقع المسنين، “الفئة الأكثر هشاشة” في أسرهم ومراكز الرعاية المخصّصة لهم، إلا أن مساعيها حالياً في هذا الاتجاه تعدّ خطوة إيجابية، ولاسيما لجهة الوصول إلى حزمة من التدخلات الفعّالة معيشياً وصحياً ونفسياً واجتماعياً لتحسين ودعم تلك الشريحة الحسّاسة والمهمّة.
رئيس الهيئة الدكتور أكرم القش شدّد في تصريح لـ”البعث” على ضرورة التعرف على واقع واحتياجات المسنين ودعمهم، وإعداد مشروع “الاستراتيجية الوطنية لكبار السن” لتحديد الإجراءات التدخلية المطلوبة للنهوض بواقع المسنين وإحداث بيئة حماية شاملة ومواتية، ولاسيما أن أعداد المسنين في العقود الأخيرة أخذت تتزايد عالمياً نتيجة التطور الحضاري والصحي الذي شهده العالم، حيث وصل عدد المسنين إلى 750 مليون مسن في العام 2017 بنسبة 10% من سكان العالم، ومن المتوقع أن يصل عدد المسنين في العالم إلى نحو مليارين بحلول عام 2050، أما في سورية فقد وصل عدد المسنين إلى 1،7 مليون مسن في عام 2015 ومن المتوقع أن يصل إلى 5،7 ملايين مسن في عام 2050 أي بنسبة 13% من السكان، مشيراً إلى أهمية تطوير وسائل المساعدة للأسر التي ترعى أشخاصاً مسنين، بالتزامن مع فتح المجال أمام المتقاعدين والمسنين للإسهام في عمليات صنع القرار، وإيلاء اهتمام خاص بالأسر ذات الدخل المنخفض التي تتولى رعاية المسنين، مع التأكيد على ضرورة تخصيص حصص مالية أو إعفاءات ضريبية أو مساعدة منزلية والرعاية أثناء النهار، وتدريب الأسر على كيفية التعامل مع المسنين.
من جهته الدكتور عمر بلان ممثل مساعد لصندوق الأمم المتحدة للسكان بيّن في تصريح خاص لـ”البعث” أن خدمات الصندوق لكبار السن هي خدمات مدمجة ضمن مشاريع دعم القطاع الصحي لتوفير خدمات الصحة بشكل عام وتوليد البيانات بالتعاون مع الجهات الحكومية، كالهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان والمكتب المركزي للإحصاء والوحدات في الوزارات المعنية. وفي موضوع مراكز رعاية المسنين تابع بلان أن هناك ضعفاً في هذا المنحى بشكل عام، لذلك لابد من الشراكة مع الجهات الحكومية والقطاع المجتمعي والقطاع الخاص لتأسيس عدد أكبر من دور رعاية المسنين، علماً أن المنظمة تسعى لإعداد نموذج للشراكة بين القطاع العام والخاص لتأسيس دار نموذجية لرعاية المسنين، والاستمرار في تقديم الخدمات الصحية ودعمها، مع تأكيده على ضرورة الابتعاد عن فرز المسنين عن غيرهم من شرائح المجتمع للابتعاد عن الوصمة وتشجيع رعاية المسنين ضمن الأسرة.
ولفت بلان إلى وجوب ألا تكون دور المسنين بديلاً عن الأسرة، منوهاً بأن المنظمة تتوجّه لإعداد عدد كافٍ من الدور وبشكل نموذجي لوقت الحاجة، لذلك يتمّ التطلع لدراسة المجتمع وحاجتنا من الدور وطريقة التنفيذ مع الجهات الحكومية، ولاسيما أن هناك فجوة تتمثل بشح البيانات المتاحة لتقديم صورة حقيقية لواقع المسنين وأولوياتهم واحتياجاتهم. كما أكد بلان أن المنظمة بصدد استصدار استراتيجية الشيخوخة الإقليمية 2020-2029 المبنية على خمسة محاور متمثلة بالتعرف على وضع المسنين وظروفهم الصحية والاجتماعية، إضافة إلى المشاركة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية لهم، والاستفادة من قيمة كبار السن كرصيد مجتمعي، مع التطلع لوضع خطط وطنية لتنفيذ الاستراتيجية آنفة الذكر كون إقرارها خطوة أولى وليست كافية.
يُشار إلى أن من أهم التوصيات والمقترحات التي أفرزتها ورشة العمل المشتركة بين الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان وصندوق الأمم المتحدة للسكان تمثّلت بضرورة وضع تشريع وقانون يمأسس العمل مع المسنين، وتعديل نظام التقاعد ورفع سن التقاعد، بالتزامن مع تضمين رعاية المسنين بالمناهج الدراسية، والتشبيك مع جمعيات أهلية لإقامة أنشطة لهم، وإعداد وتنفيذ مسوحات لتأمين الاحتياجات ذات الأولوية من الغذاء والدواء، إضافة إلى تنسيق الجهود لتحديد أدوار الجهات من أجل تكامل الخدمات.