خلف جدران الخجل.. العنف ضد الرجال يحصد عواقب مخيفة!
حاضرة وبقوّة في جميع الورشات المتعلّقة بحقوقها ومساواتها مع الرجل والوقوف بوجه العنف الذي تتعرّض له في مجتمع شرقي ذكوري، إذ لم تغب المرأة عن جميع الورشات المناهضة للعقلية الذكورية المتخلّفة التي لا زالت تزعم حتى اليوم أنها تعاني منها بالدرجة نفسها التي كانت في عصور ذهبت وذهب معها الكثير من العنف المتمترس خلف جدران تلك المنازل، لكن على ما يبدو أن متطلبات المرأة اليوم لم تعد تحقيق المساواة مع الرجل، بل تجاوزه لتعلن للمجتمع انتصارها على رجل بات اليوم يعاني من العنف ضده، وكأننا في سباق للوصول بقيادة هذا المجتمع الرافض للمساواة أصلاً.
عناوين الورشة
لم تتطرق ورشة عمل هيئة شؤون الأسرة والسكان في عملها الأخير للحديث عن العنف ضد الرجل، ولم نجد أي عنوان في نشاطاتها يتعلق بالرجل، بل على العكس تمحورت جميع العناوين حول ضرورة المساواة وعدم نيل المرأة جميع حقوقها حتى اليوم، والأمر اللافت للانتباه غياب الرجل في هذه الورشات التي بحاجة لوجود الطرف الآخر الذي يمثل الندّ الحقيقي للمرأة، وهنا لا يمكن تجاهل الدراسات والإحصائيات التي تتناول أرقاماً ليست صغيرة عن أعداد الرجال الذين يتعرضون للعنف من زوجاتهم، فمن بين كل عشر رجال هناك خمسة يتعرضون للعنف الزوجي في مجتمعنا العربي الذي يخجل الاعتراف بهذه الحقائق التي إذا استمرت ستتحوّل إلى مشكلة حقيقية وظاهرة خطيرة لن يكون بالأمر السهل إيجاد حلول لها، وسنحتاج لأضعاف مضاعفة من الورشات التي تُقام اليوم لمناهضة العنف ضد المرأة.
حقائق
كثيرة هي الحالات التي نسمع عنها عن اضطهاد الزوجات لأزواجهن في حياتهم الزوجية، وكثيرة هي المصادفات التي نراها لرجال غير قادرين على التكلم أو إبداء الرأي ولا اتخاذ القرار في معيشتهم نتيجة تسلّط المرأة عليهم بطريقة أو بأخرى، ولعلّ ما أثر بنا ونحن نعدّ هذا الموضوع هو رؤيتنا لامرأة تصرخ وسط الشارع في وجه زوجها وتعده بحرمان الدخول إلى المنزل اليوم كونه لم يستطع إنجاز معاملة خاصة بها في اليوم نفسه، لتنال هذه المرأة امتعاض المارّة الذين ترحموا على أيام زمان حين كانت السلطة بيد الرجل قبل أن تنقلب الموازين وتتبدل الأدوار بدلاً من أن تتساوى الموازين.
كذلك الأمر وجدنا الكثير من الآراء التي انتقدت الموظفة “فاتن” التي انتشر لها مقطع على مواقع التواصل الاجتماعي وهي ترفع صوتها على أحد المراجعين، وتقوم بطرده من المؤسسة في محاولة منها للدفاع عن زميلها الرجل الذي لا كلام له بحضور “المدام فاتن”، لتأتي التعليقات الساخرة من المرأة التي لعبت دور الرجل ووقفت في وجه رجل آخر متفاخرة بعلو صوتها وقدرتها على اتخاذ أكبر القرارات.
وإن كان رأي الكثير من النسوة أن المرأة لم تأخذ إلى اليوم حقوقها كاملة، وأن المرأة يجب أن تكون “قدّ حالها” في هذا الزمن الصعب، إلّا أننا لا يمكن أن نغفل أن الكثير من النساء فهمن المساواة بشكل خاطئ أودت بالكثيرات إلى المحاكم والطلاق بعد استحالة استمرار الحياة الزوجية معهن وعدم قدرة الرجال تحمّل قسوتهن عليهم وعلى أبنائهم وفقدان الاحترام من قبل الأبناء لآبائهم نتيجة انعكاس صورة الأب الضعيف أمام أعينهم بشكل يومي.
يعانون بصمت
ولعلّ هذا العنف النسائي ازداد خلال فترة الحجر الصحي لوباء كورونا نتيجة جلوس الرجل لأسابيع عدة في المنزل، وعدم قدرة الزوجات على تحمّل وجودهم طيلة النهار، خاصّة وأن جلوس الرجل فترة طويلة في المنزل أمر غير مقبول في مجتمعنا، فأرقام خيالية طرحتها مها زريق “اختصاصية اجتماعية” عن أعداد الرجال الذين يتعرضون للعنف في أنحاء العالم، لكن العنف ضد الرجل يأخذ منحى صامتاً في الدول العربية، على عكس دول الغرب التي باتت تفتح أبواب جمعيات متخصّصة لمعالجة قضايا الرجال المعنفين نفسياً وجسدياً ولفظياً. وألقت زريق اللّوم الأكبر على الإعلام الذي يسلّط الضوء على العنف ضد المرأة في حملاته المناهضة لهذا النوع من العنف متجاهلة العنف الآخر الذي لا يستطيع الرجال البوح عنه كنوع من الخجل، فقد يصدّق مجتمعنا أن امرأة تتعرض للضرب وغير ذلك من أنواع التعنيف، لكن من الصعب أن يصدّق الفكرة المعاكسة، ذلك أن السطوة الذكورية أصبحت جزءاً من مجتمعنا ومن الإرث الذي لا نريد التخلي عنه ظاهرياً، ومع ذلك لا يمكننا تجاهل الأرقام التي تطرحها اليوم الدول العربية قبل الغربية في تعداد هذا العنف، إذ تحتل مصر المرتبة الأولى في تعنيف النساء للرجال، وذكرت في الكثير من الدراسات والأبحاث التي تطرحها ضرورة الاعتراف بهذا النوع من العنف وطرحه في الورشات والندوات الإعلامية ليكون محور نقاش، بغية الوصول لمخارج للتخلص من هذه الظاهرة التي سنحصد عواقب مخيفة منها في حال استفحلت.
ميس بركات