تحقيقاتصحيفة البعث

انطلاق موسم تسويق الحمضيات.. والرهان على تكامل الإجراءات

بدأت عمليات تسويق محصول الحمضيات للموسم الزراعي ٢٠٢٠- ٢٠٢١ من خلال استجرار باكورة كميات من الحمضيات عبر سيارات المؤسّسة السورية للتجارة من اللاذقية إلى المحافظات. وبالتوازي مع التوريد اليومي لكميات من المحصول إلى جملة الخضار والفواكه “الهال”، ومن خلال نظرة أولية إلى العملية التسويقية الجارية مع انطلاقة الموسم، نجد أن حلقاتها هي نفسها لمجريات الموسم السابق من حيث قنوات وأسواق التصريف كبداية على الأقل، وإذا كنّا لن نستبق الأمور ونطلق الحكم المسبق على الواقع التسويقي فإنه من الضروري أن نضع في الحسبان ما تمّ تداوله خلال الفترة السابقة من الصيف المنصرم عن انتظار موسم تسويقي أفضل عن سابقه، سواء من حيث آليات التسويق ومنافذه وكمياته أو التحسّن الموعود في الأسعار، ناهيك عن إجراءات تمّ الإفصاح عنها لإلغاء كل الحلقات الوسيطة وتقديم كل أشكال الدعم التسويقي للمزارع المنتج من عبوات وأجور نقل وشحن.. وغيرها، لأن ما حصل في نهاية الموسم الماضي لم يكن مردوده على المزارع المنتج بل ذهب إلى التاجر والوسيط بأرباح كبيرة وبأسعار تسويقية مضاعفة، ولاسيما بالنسبة لبعض الأصناف المتأخرة النضج أو للكميات التي كانت مخزّنة لدى التجّار.

مؤشرات أولية
هذه المجريات التسويقية التي جاءت في نهايات الموسم المنصرم نأمل ألا تتكرّر خلال الموسم الجاري من بدايته حتى نهايته، ولاسيما أن هناك مؤشرات أولية على دعم الحلقة التسويقية بما يخصّ المزارع المنتج، ويمكن أن نتلمس ذلك من تقديم مستلزمات التسويق من خلال فرع المؤسّسة السورية للتجارة في اللاذقية، مع تسيير قافلة حمضيات مكوّنة من ١٤ شاحنة، تمّ تسييرها من قبل السورية للتجارة إلى محافظة دمشق. وقد أشار مدير فرع المؤسّسة شادي دلالة إلى أن فرع المؤسسة يقدم الاحتياجات التسويقية، من استجرار المحصول من حقل المزارع المنتج، كما حصل في تسيير قافلة شاحنات الحمضيات إلى أسواق وصالات ومنافذ البيع التابعة للمؤسسة بمحافظة دمشق بعد أن تمّ استجرار المادة من المزارعين بحقولهم، مع تأكيده على استمرار فرع مؤسسة السورية للتجارة باستجرار الحمضيات من المزارعين مباشرة ومن مختلف مناطق المحافظة مع عمليات التوضيب، وهو ما يوفر على المزارعين تكاليف كبيرة من ثمن عبوات وأجور نقل وكمسيون ويسهم في كسر حلقات الوساطة التجارية وهوامش ربح سوق الهال ويوفر عليهم الوقت والجهد، كما أن ذلك يؤمّن المادة في الأسواق بأسعار مخفّضة نتيجة هامش الربح القليل الذي تحصّله المؤسسة ويقتصر على 5 بالمئة من قيمة المادة و0,8 بالمئة للجمعية الفلاحية.

ضرورة تسويقية
وإذا ما علمنا أن إنتاجنا من الحمضيات في تزايد مستمر ويفوق حاجة الاستهلاك المحلي المباشر، فإن الضرورة التسويقية والجدوى الاقتصادية والمردود والريعية كلها تتطلب فتح آفاق تسويقية أوسع لاستيعاب الفائض عن الاستهلاك المباشر، مع التأكيد على أهمية وقيمة وجدوى تواتر استجرار الكميات من خلال السورية للتجارة، وما يمكن أن تؤديه في تصريف المحصول وتسويقه في نطاق طاقتها الاستجرارية، ولكن من الضروري أن تدخل كل الجهات والمؤسسات ذات العلاقة على خط التسويق، سواء الداخلي أم الخارجي، بما في ذلك خطوط تصنيع العصائر وأسواق التصدير. وهنا يكمن دور المصدّرين والصناعيين والتّجار.. وغيرهم، لأن الحمضيات منتج زراعي أساسي ويعدّ من محاصيل الفائض الإنتاجي، فكما أن هناك لجنة مكلّفة بالتسويق في سوق الهال “الجملة ” في اللاذقية، فمن الممكن أن تكون هناك لجنة لمتابعة عملية تصدير الحمضيات بمؤشرات إحصائية رقمية موثّقة، كما هي الحال بالنسبة للجنة سوق الهال التي تقدّم بشكل يومي مؤشرات حركة تداول وتوريد وتسويق كميات الحمضيات في سوق الهال مع أسعار الأصناف يومياً، وأيضاً يمكن الإعلان والتصريح عن الكميات التي تستجرها معامل ومنشآت تصنيع العصائر من الحمضيات بما يحفّز مشاركة القطاع الصناعي الخاص في عملية استجرار كميات من المحصول لتصنيعها عصيرياً بما يحقّق تشاركية بين كافة القطاعات في عملية تسويق محصول الحمضيات ومنها الحلقة التصنيعية، ولذلك عندما ننجح في تحقيق تلازم التكامل بين حلقات التسويق الداخلي والتصنيع المحلي والتصدير الخارجي فإنه عند ذلك سنكون قد تخلصّنا نهائياً من أية حالة كساد في فائض حمضياتنا التي تشتغل بها وتعتمد عليها عشرات الآلاف من الأسر الزراعية، إضافة إلى العاملين في الخدمات الرديفة إنتاجياً وتسويقياً وبخدمات واختصاصات عديدة ومتنوعة، كأعمال الفرز والتوضيب والتشميع والتغليف والنقل والشحن.. وغيرها.

تكامل الإجراءات
ولاشك أن ما تقوم به الجهات المختلفة يتكامل مع توجّه مديرية الصناعة في اللاذقية لاستقطاب وتحفيز منشآت التصنيع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، بما يسهم في تصريف الإنتاج وتلبية الاحتياجات، ويأتي تصنيع العصائر الطبيعية في أولوية قائمة الصناعات الزراعية التي يجري العمل على التوسّع فيها، وفق ما يؤكده مدير الصناعة في اللاذقية المهندس رحاب دعدع، بما ينسجم مع أولوية وضرورة مراعاة خصوصية المنطقة الساحلية وما يناسبها من الصناعات كإنشاء صناعات زراعية من عصائر طبيعية وكونسروة وألبان وأجبان وصناعات سمكية واستخراج الملح البحري.. وغيرها من الصناعات والمهن البحرية التي تحقّق المواءمة مع طبيعة المنطقة الساحلية وبيئتها البحرية، وما يتمّ العمل عليه في مسعى حثيث ومستمر لتسهيل إجراءات الحصول على الترخيص الإداري، ولاسيما المنشآت الصغيرة التي تقام خارج المخططات التنظيمية. وأشار إلى مؤشرات التوسّع في منشآت تصنيع العصائر الطبيعية في اللاذقية من خلال استكمال تجهيز منشأتين لتصنيع العصائر والشرابات الطبيعية في محافظة اللاذقية بعد أن تمّ الترخيص للمنشأتين الجديدتين، حيث يتمّ تركيب التجهيزات والآلات الجديدة ليتسنى وضع المنشأتين في التشغيل خلال الفترة القادمة.

مروان حويجة