فجوة الثروة العرقية.. التحدي الأبرز أمام بايدن
ترجمة وإعداد: عائدة أسعد
عندما يتولّى جو بايدن منصبه في 20 كانون الثاني القادم، سيواجه فجوة كبيرة في الثروة بين السود والبيض والتي توسعت خلال الأشهر العشرة الماضية.
لقد أدى الوباء إلى إغلاق عشرات الآلاف من الشركات، وترك الملايين عاطلين عن العمل، والمجتمعات الملونة في أمريكا هي التي تتحمل وطأة الدمار الاقتصادي ولا سيما الشركات التي تعود ملكيتها للسود، والتي فشلت بمعدل أكبر بكثير خلال الوباء من شركات البيض، وقد لا ينجو الكثير من المتبقين من الموجة الوبائية الحالية دون مساعدة كبيرة من الحكومة الفيدرالية قبل وصول اللقاحات الفعالة.
سيكون نجاح رئاسة بايدن أو فشله رهن قدرته على تنفيذ السياسات ربما مع أغلبية الحزب الجمهوري في مجلس الشيوخ التي تهمل قضية عدم المساواة الاقتصادية المنهجية، وهي التي تعرض العائلات السود وشركاتهم للصدمات الاقتصادية، فقد واجهت تلك العائلات نمطاً موثقاً من التمييز المالي الذي أعاق قدرتها على تجميع الثروة بنفس معدل العائلات البيض مما أجبرهم على العيش في أحياء ذات موارد أقل، وهم محرومون من القروض بمعدلات أعلى بكثير من عائلات البيض، التي لديها ملفات ائتمانية مماثلة، ويواجهون معدلات فائدة أعلى عندما يكونون مؤهلين.
فاز بايدن بالبيت الأبيض بمساعدة الناخبين الأمريكيين من أصل أفريقي وهو ما اعترف به في خطاب فوزه: “لقد وقف المجتمع الأمريكي الأفريقي مرة أخرى معي، إنهم يساندونني دائماً وأنا سأساندهم وأحميهم”.
وقال رون باسبي الرئيس والمدير التنفيذي ومؤسس شركة بلاك تشامبرز الأمريكية: “لولا السود لكان من الصعب على بايدن الفوز، والوباء كشف عن أوجه عدم المساواة التي كانت موجودة منذ فترة طويلة وكان السود أكثر عرضة للإصابة بالفيروس والموت بسببه، وأكثر عرضة للإجبار على الذهاب إلى العمل وأقل احتمالاً لأن يكونوا مؤهلين لبرامج التحفيز الفيدرالي المصمم لدعم الاقتصاد، وعلينا نحن إصلاح ذلك ومحاسبة هذه الإدارة حتى نتمكن من توفير الفرص لنا”.
على الرغم من نوايا بايدن فإنه سيواجه حواجز كبيرة في الكونغرس المنقسم، لأن مشكلة السود لها جذور تاريخية عميقة فقد أظهرت بيانات الإحصاء السكاني الجديدة أن متوسط ثروة البيض يبلغ 171 ألف دولار مقارنة بـ 25 ألف دولار للأسر ذات الأصول الاسبانية، و 9567 دولاراً للأسر من أصول أفريقية. واتسعت هذه الفجوة فقط بين الأشخاص الحاصلين على تعليم جامعي، فالأسر التي يرأسها شخص أسود حاصل على تعليم جامعي انخفضت ثروته بمقدار النصف تقريباً مقارنة بالعائلات التي يرأسها شخص أبيض متخرج من الكلية بين عامي 1989 و 2016، وفقاً لبنك الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس.
قال سبريغ كبير الاقتصاديين في AFL-CIO : “من المرجح أن يعمل السود في وظائف الخدمات التي لا تغطيها برامج مساعدة البطالة ويعيشون في الولايات الجنوبية التي كانت بطيئة في طرح المزايا، ولمعالجة الخلل في التوازن سيتعين على الكونغرس والإدارة الجديدة إعادة تصميم برامج التأمين ضد البطالة بدلاً من مجرد تجديد البرنامج الحالي عندما ينتهي في نهاية هذا العام وستكون لدينا فترة طويلة من سوق العمل المضطرب للغاية”.
بالإضافة إلى ذلك لم تصل أموال الشراكة بين القطاعين العام والخاص إلى أصحاب الشركات السوداء، والتي حسب مجلس الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك تضررت بشكل خاص بسبب عمليات الإغلاق المرتبطة بالوباء، وانخفاض الطلب بين شباط ونيسان من هذا العام حيث أغلقت 41 في المائة من الشركات المملوكة للسود مقارنة بـ 17 في المائة فقط من الشركات البيضاء، وتتوقع 43 في المائة من الشركات المملوكة للسود اختفاء الاحتياطيات النقدية في نهاية هذا العام.
وتكمن مشكلة استخدام الشراكة بين القطاعين العام والخاص في أن البرنامج يعتمد على البنوك كوسطاء لتوزيع رأس المال وغالباً لا تمتلك الشركات المملوكة للسود علاقات مع البنوك المشاركة في البرنامج.
قال داريك هاملتون المدير المؤسس لمعهد دراسة العرق والطبقات والاقتصاد السياسي في المدرسة الجديدة: “هناك أشياء ضمنية في الشراكة بين القطاعين العام والخاص تضر بالأعمال التجارية السوداء واستخدام البنوك كوسيط لن يساعد في حال غياب علاقة قوية مع أحد البنوك التجارية إنها قضية عدالة ويجب أن يتمتع السود بنفس إمكانية الوصول إلى رأس المال مثل البيض”.
وتقسيم الشركات الكبرى مجال آخر يريد الاقتصاديون التقدميون من إدارة بايدن متابعته بعيداً عن ملاحقة عمالقة التكنولوجيا الكبار الذين لم يعجبهم الرئيس، فإدارة ترامب لم تعط الأولوية للاستهداف القانوني لبعض أكبر الشركات وأكثرها هيمنة في البلاد مثل أمازون وفيسبوك. لكن أولئك الذين يدرسون فجوة الثروة العرقية يشيرون إلى أن تركيز النمو في عدد أقل من الشركات الكبيرة جداً هو عامل حاسم في زيادة عدم المساواة.
يمكن لإدارة بايدن اتخاذ خطوات لمعالجة فجوة الثروة حتى لو لم يتعاون الكونغرس، وهناك طريقة واحدة لمعالجته من خلال التعاقد الفيدرالي، ويمكن للمسؤولين الفيدراليين عكس سياسة إدارة ترامب المتمثلة في عدم مشاركة الشركات التي تحصل على الأموال الفيدرالية وإعادة سياسة إدارة أوباما المتمثلة في دفع الموردين مقدماً مقابل العقود.